على الرغم من أن رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني أكد أن التصريح الصادر عنه أمام شبيبة حزب العدالة والتنمية بخصوص التطبيع مع إسرائيل يهمه كأمين عام للحزب، إلا أن العديد من المعطيات الجديدة باتت تشي بأنه كان رسالة أبعد بها المغرب نفسه عن دائرة الدول العربية التي يرغب رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الأمريكي في توقيع "اتفاق سلام" معها، وهو ما أكده ضمنيا نتياهو وكوشنير. وبعدما كان بنيامين نتنياهو مصرا على فتح باب نقاش التطبيع مع الرباط، فاجأ الجميع أول أمس الأحد خلال مؤتمر صحافي تلا لقاءه بجاريد كوشنير، صهر وكبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حين كشف أن الدول الإسلامية التي بدأت معها محادثات مباشرة من أجل تطبيع العلاقات معها على غرار الإمارات العربية المتحدة هي سلطنة عمان والسودان وجمهورية تشاد. وأتت هذه التصريحات قُبيل انطلاق جولة كوشنير في المنطقة العربية أمس الاثنين برحلة جوية أقلعت من مطار بن غوريون في تل أبيب نحو العاصمة الإماراتية أبو ظبي مرورا بالأجواء السعودية، في سابقة من نوعها، وهي الرحلة التي تشمل أيضا الرياض والمنامة ومسقط، لكن لم يعد مؤكدا أن الرباط ستكون من ضمن محطاتها. وأكدت صحيفة "جيروزاليم بوست" هذا المعطى خلال حديثها عن زيارة كوشنير لحائط المبكى في القدس قبل بدأ الجولة، والذي نقل من الحاخام المكلف به رسالة شخصية لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان "مباركة للعلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والإمارات"، وقالت الصحيفة إن مستشار الرئيس الأمريكي يقود وفدا رفيع المستوى سيزور أيضا السعودية والبحرين و"ربما يزور المغرب وعمان أيضا". وفي 23 غشت الماضي نقلت وكالة الأنباء الأمريكية "أسوشيتد بريس" عن مصادر دبلوماسية في واشنطن أن كوشنير سيزور المغرب خلال جولته التي تسبق التوقيع الرسمي على اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل، لكن تصريح العثماني حول رفض المغرب للتطبيع الصادر بعد 24 ساعة من هذا الإعلان دفع شبكة "سي إن إن" إلى الحديث عن كون صهر ترامب أضحى يواجه "مطبًا" أمام مهمته لإقناع الرباط بإنشاء علاقات دبلوماسية رسمية مع الدولة العبرية. وكان العثماني قد قال، تعقيبا على الخطوة الإماراتية، إن "الموقف المغربي يتمثل في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وعن المسجد الأقصى وهويته العربية والإسلامية، ورفض محاولات تهويد القدس والالتفاف على الحقوق الفلسطينية"، وهي الأمور التي اعتبرها "خطوطا حمراء"، مضيفا أن الرباط ترفض التطبيع مع الكيان الصهيوني، "لأن هذا الأمر يمثل تحفيزا له على المضي قدما في انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني"، لكن المثير في الأمر كان هو تأكيده على أن هذه القناعة تمثل موقف المغرب "ملكا وحكومة وشعبا".