أماط وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون، في ندوة صحفية عُقدت اليوم الثلاثاء بالرباط، اللثام عن خارطة الطريق التي تهم ضخ 120 مليار درهم في الاقتصاد الوطني لإخراجه من الأزمة الناجمة عن تفشي فيروس كورونا، وهي الخطوة التي كان الملك محمد السادس قد أعلنها في خطاب الذكرى الحادية والعشرين لاعتلائه العرش يوم الأربعاء الماضي. وأكد بنشعبون أن تفعيل التوجيهات الملكية بهذا الصدد "سيتم فورا"، معلنا عن إحداث صندوق استثماري عمومي كما ورد في خطاب العرش، بموجب مرسوم قانون ستتم المصادقة عليه في المجلس الحكومي المقبل وسيعرض على لجنتي المالية في مجلسي النواب والمستشارين، ليصبح مباشرة عقب ذلك يصبح قابلا للتفعيل. من جهة أخرى، أورد الوزير المكلف بالاقتصاد والمالية أن هذا الأسبوع سيشهد التوقيع على اتفاقيتين، الأولى مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب والمجموعة المهنية للأبناك بالمغرب، حول ميثاق للشغل والإنعاش الاقتصادي، أما الثانية فتهم تدابير مواكبة القطاع السياحي خلال الفترة القادمة، مبرزا أن الهدف من الاتفاقيتين هو مواكبة المقاولات عموما ومجموعة من القطاعات التي تعاني صعوبات بعد الحجر الصحي. أما بخصوص مبلغ ال120 مليار درهم، فقال بنشعبون إنه سيوزع على قسمين، الأول بقيمة 45 مليار درهم مرصودة للاستثمار الاستراتيجي، 15 مليار منها ستساهم بها الحكومة و30 ستأتي من لدن شركائها، وستخصص للدعم المباشر لبعض الأوراش الكبرى والبنيات التحتية في إطار شراكة بن القطاعين العام والخاص، وبشكل غير مباشر عبر صناديق خاصة في مجموعة من القطاعات وبعض الأنواع من المقاولات الصغرى والمتوسطة والتي تتعلق بالبنى التحتية والابتكار، وذلك عن عن طريق الرفع من رأس مال تلك المقاولات. أما الجزء الثاني من المبلغ المرصود لإنعاش الاقتصاد الوطني والبالغة قيمته 75 مليار درهم، فسيُوظف لتسهيل ولوج جميع المقاولات مهما كان حجمها للتمويل، عبر قروض بنكية بضمان من الدولة بشروط تفضيلية ولمدة طويلة تتراوح بين 5 و10 سنوات، مبرزا في هذا السياق أن صندوق الضمان المركزي سيتحول إلى شركة مساهمة بأموال ذاتية وحكامة خاصة، تحت مراقبة بنك المغرب، قصد مواكبة هذه المرحلة التي تعرف ارتفاعا في القروض المضمونة من طرف الدولة. وكان الملك محمد السادس قد دعا في خطابه الأخير إلى "جعل هذه المرحلة فرصة لإعادة ترتيب الأولويات، وبناء مقومات اقتصاد قوي وتنافسي، ونموذج اجتماعي أكثر إدماجا"، موردا "وفي هذا الإطار، نوجه الحكومة ومختلف الفاعلين للتركيز على التحديات والأسبقيات التي تفرضها المرحلة، وفي مقدمتها إطلاق خطة طموحة للإنعاش الاقتصادي تمكن القطاعات الإنتاجية من استعادة عافيتها، والرفع من قدرتها على توفير مناصب الشغل، والحفاظ على مصادر الدخل". واعتبر الخطاب الملكي أن هذا الأمر يقتضي تعبئة جميع الإمكانات المتوفرة من تمويلات وتحفيزات، وتدابير تضامنية لمواكبة المقاولات، خاصة الصغرى والمتوسطة، التي تشكل عمادا لنسيج الاقتصادي الوطني، وأضاف "في هذا الإطار، سيتم ضخ حوالي 120 مليار درهم في الاقتصاد الوطني، أي ما يعادل 11 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهي نسبة تجعل المغرب من بين الدول الأكثر إقداما في سياسة إنعاش الاقتصاد بعد هذه الأزمة". وأعلن الملك أيضا عن إحداث صندوق للاستثمار الاستراتيجي ومهمته دعم الأنشطة الإنتاجية، ومواكبة وتمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى بين القطاعين العام والخاص، في مختلف المجالات، قائلا "يجب أن يرتكز هذا الصندوق، بالإضافة إلى مساهمة الدولة، على تنسيق وعقلنة الصناديق التمويلية"، خالصا إلى أن ضمان شروط نجاح هذه الخطة يتطلب من الحكومة والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين للانخراط فيها "بكل فعالية ومسؤولية، في إطار تعاقد وطني بناء، يكون في مستوى تحديات المرحلة وانتظارات المغاربة".