سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
حرب سيبرانية بين الرباط والجزائر.. هاكرز مغاربة ينشرون وثائق حساسة لوزارات جزائرية.. وخبير يحذر ل"الصحيفة": هذه الاختراقات تعيد تعريف مفهوم الأمن القومي
1. الرئيسية 2. المغرب الكبير حرب سيبرانية بين الرباطوالجزائر.. هاكرز مغاربة ينشرون وثائق حساسة لوزارات جزائرية.. وخبير يحذر ل"الصحيفة": هذه الاختراقات تعيد تعريف مفهوم الأمن القومي الصحيفة - خولة اجعيفري الخميس 10 أبريل 2025 - 16:16 في فصل جديد من فصول الحرب الرقمية الصامتة التي تخوضها مجموعات الهاكرز في كل من المغرب والجزائر، أقدم قراصنة مغاربة على عملية اختراق نوعية استهدفت المؤسسة العامة للبريد والاتصالات في الجزائر (MGPTT)، وأسفرت عن تسريب أكثر من 13 جيغابايت من المعطيات الحساسة، شملت بيانات شخصية وأوامر تحويل أموال ووثائق إدارية سرية، إضافة إلى وثائق داخلية صادرة عن وزارة العمل الجزائرية. وجاءت هذه العملية كردّ مباشر على أكبر تسريب للبيانات يشهده المغرب في تاريخه، والذي استهدف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) ووزارة التشغيل، ونُسب إلى هاكر جزائري، وفق ما تم تداوله على منصات إلكترونية. المجموعة التي تبنّت الهجوم تطلق على نفسها تسميات متعددة مثل "Phantom Atlas" و"Phantom Morocco" و"القوات السيبرانية المغربية"، وقد أعلنت عن مسؤوليتها عبر منصة تيليغرام، ووصفت عمليتها بأنها "ردّ مباشر ومحسوب" على الهجوم الذي طال المؤسسات المغربية. وفي بيان صدر بعدة لغات – من بينها العربية والإنجليزية – أكّد القراصنة أن الهجوم استُكمل في أقل من 24 ساعة، وأنهم تمكنوا من اختراق الأنظمة الداخلية للمؤسسة العامة للبريد والاتصالات، والوصول إلى معطيات شخصية ووثائق مصنفة، كما أعلنوا عن تمكنهم من الحصول على وثائق تخص وزارة العمل الجزائرية. واعتبرت المجموعة أن ما قامت به ليس مجرد عملية قرصنة إلكترونية، بل "رسالة ردع وتحدٍ"، مؤكدين أن "أي استفزاز مستقبلي سيُقابل بردّ مستهدف وغير متناسب"، كما عبّروا عن موقف سياسي واضح من قضية الصحراء المغربية، مشددين على أنها "ليست موضوعاً للنقاش". من جانبه، أكد الخبير في الأمن السيبراني المعروف باسم Saxx، والذي يتابع بشكل دقيق تطورات المواجهة الرقمية بين المغرب والجزائر، خطورة العملية الأخيرة، مصرحا عبر منصة "إكس": بأدوات بسيطة، يمكن العثور بسهولة على معطيات دخول تتيح الوصول إلى الفضاءات الرقمية التابعة لMGPTT أصبح من المألوف أن تُستعمل بيانات دخول موظفين لبدء هذا النوع من الاختراقات". وأشار إلى أن ما جرى يكشف عن هشاشة بنيوية في الأنظمة المعلوماتية الجزائرية، وهو ما نبّه إليه القراصنة أنفسهم في بيانهم، الذي وصف المؤسسات الجزائرية بأنها تعاني من "اختلالات هيكلية عميقة وسوء تدبير مزمن". وتشير هذه الحادثة، إلى تصعيد جديد في الصراع الإلكتروني بين البلدين، والذي لم يعد يُنظر إليه كحرب غير معلنة، بل كواقع متجدد تتوالى فصوله بوتيرة متسارعة، وكما يُلاحظ أن هذه الهجمات باتت تتخذ طابعًا سياسيًا صريحًا، وتستهدف مؤسسات حساسة، في ظل غياب أي ردود فعل رسمية من الجانبين فحتى لحظة نشر هذه المادة، لم تصدر أي بيانات رسمية من الحكومة المغربية أو الجزائرية، ويبدو أن المؤسسات الرسمية تُفضل التزام الصمت، تاركة المجال مفتوحًا أمام فاعلين غير حكوميين، يزدادون تنظيمًا وتسييسًا مع مرور الوقت. الجهة الوحيدة التي عبّرت عن موقفها في المغرب كانت اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي (CNDP)، التي أصدر رئيسها بيانًا مقتضبًا، بينما لم تُصدر المديرية العامة لأمن نظم المعلومات (DGSII)، التابعة لإدارة الدفاع، أي تعليق حتى الآن. وتأتي هذه التطورات في سياق نزاع رقمي متصاعد، بدأ يأخذ طابعًا مؤسساتيًا وهيكليًا، فقد أصبحت الهجمات والردود عليها نمطًا متكررًا، حيث تُقابل كل عملية هجومية بهجوم مضاد أكثر قوة، مع تصاعد نبرة التحدي والتسييس. وارتفعت التحذيرات، من تحوّل هذه المواجهات إلى صراع هيكلي يهدد الأمن الرقمي والمؤسساتي في البلدين، خصوصًا مع تزايد استهداف القطاعات الحساسة مثل الحماية الاجتماعية، والعمل، والاتصالات، فيما يبدو أن الحدود بين الهاكتيفيزم (النشاط الرقمي الاحتجاجي) والحرب السيبرانية أصبحت أكثر ضبابية، مما يفتح الباب أمام دوامة من التصعيد قد يصعب احتواؤها لاحقًا، خصوصًا إذا استمر غياب المبادرات الرسمية لاحتواء الأزمة أو ضبط الفضاء الرقمي. وفي هذا الإطار، قدّم محمد العمراني، الخبير في الأمن السيبراني والمحاضر في معهد الدراسات العليا في الأمن الرقمي بباريس، قراءة مقلقة لما يجري في المنطقة، معتبرا أن ما يحدث بين المغرب والجزائر لا يجب التعامل معه كحدث عابر، بل كمؤشر على تحول استراتيجي في بنية الصراعات الجيوسياسية في شمال إفريقيا. الخبير وفي تصريح خص به "الصحيفة"، قال: "نحن أمام نمط جديد من الصراع، صراع غير متماثل تقوده جهات غير رسمية، لكن بقدرات تقنية متقدمة ووعي سياسي واضح، فالهجمات الأخيرة – سواء تلك التي استهدفت الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي المغربي أو الرد الذي طال البريد والاتصالات ووزارة العمل في الجزائر – تؤكد أن الفضاء الرقمي أصبح ساحة مواجهة موازية، بل وأكثر خطورة في بعض الأحيان، لأنها تستهدف المعطى الأكثر حساسية: البيانات والسيادة الرقمية." وأشار محمد العمراني إلى أن تسريب 13 جيغابايت من المعطيات الحساسة ليس مجرد رقم، إنما " نتحدث عن آلاف الملفات التي تتضمن بطاقات تعريف وطنية، أوامر تحويلات مالية، مراسلات إدارية، ووثائق تخص التسيير الداخلي لمؤسسات عمومية جزائرية، وهذا الحجم من البيانات كفيل بزعزعة الثقة في البنية الرقمية للدولة، ويمكن أن يُستغل لاحقًا في حملات ابتزاز، تجسس، أو حتى توجيه للرأي العام عبر تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على قواعد بيانات واقعية". ويضيف الخبير ضمن التصريح ذاته، أن ما يزيد من خطورة الوضع هو أن هذه الهجمات تتم في غياب بنية إقليمية للتنسيق أو للردع، موردا: "المنطقة المغاربية لا تتوفر على أي آلية مشتركة لرصد التهديدات الرقمية أو معالجتها، كما أن القوانين الداخلية في كل بلد تظل غير كافية، خصوصًا مع تعدد الفاعلين الرقميين، وتداخل الهويات الإلكترونية، وصعوبة التتبع القضائي العابر للحدود". ويوضح العمراني أن هذا النوع من الحروب "الهجينة"، حيث تتقاطع السياسة بالتقنية، يفرض تحديات جديدة على صناع القرار: "الحكومات مطالبة اليوم بإعادة تعريف مفهوم الأمن القومي ليشمل البنية التحتية الرقمية، وتحصين مؤسسات الدولة ضد الهجمات السيبرانية بنفس درجة التحصين العسكري كما يجب إشراك القطاع الخاص والجامعات ومراكز الأبحاث في وضع استراتيجيات مرنة وسريعة التفاعل مع هذا النوع من التهديدات". وختم الخبير تصريحه ل "الصحيفة" بتوجيه تحذير واضح: "إذا استمرت هذه العمليات في غياب ضوابط سياسية وأمنية وإعلامية، فإننا قد نصل إلى مرحلة تُستخدم فيها هذه الهجمات كوسائل للتأثير في الانتخابات، أو التحكم في القرارات السيادية، أو حتى إحداث شلل مؤسساتي.. حينها، لن يكون الأمر مجرد مواجهة بين هاكرز، بل أزمة سيادة رقمية حقيقية".