1. الرئيسية 2. المغرب الكبير الجزائر تُحوّل خيبتها في قضية الصحراء المغربية أمام فرنسا إلى "انتصار" على حساب برونو ريتايو الصحيفة – محمد سعيد أرباط الثلاثاء 8 أبريل 2025 - 9:00 نجحت فرنسا في إنهاء الأزمة السياسية والدبلوماسية التي أشعلتها الجزائر في يوليوز الماضي، عقب إعلان باريس دعمها لسيادة المغرب على الصحراء، حيث تحدث وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الأحد، خلال زيارته إلى الجزائر، عن طي صفحة الخلافات بين البلدين وإعادة العلاقات الثنائية إلى طبيعتها في جميع المجالات المشتركة. وفي الوقت الذي تطرقت فيه الصحافة الفرنسية إلى المكاسب التي ستجنيها باريس من وضع حد للخلاف مع الجزائر، خاصة على المستويات الأمنية والاقتصادية، فإن الصحافة الجزائرية الرسمية لم تجد أي مكسب من المصالحة مع فرنسا ليكون أساس تغطيتها، سوى اعتبار أن هذا التحول هو "انتصار جزائري" على وزير الداخلية الفرنسي، برونو ريتايو الذي تبنى سياسة صارمة ضد الجزائر في الشهور الأخيرة. ويطرح الكثير من المتتبعين للعلاقات الفرنسية – الجزائرية، تساؤلات عن ماهية المكاسب الذي جنتها الجزائر من تصعيدها الأخير ضد فرنسا، حيث لا يبدو ظاهريا أن الجزائر حققت أي هدف من التوتر الذي أشلعته في يوليوز الماضي، ولا سيما أن سبب التصعيد كان هو اعتراف فرنسا بسيادة المغرب على الصحراء، وهذا الموقف لازال قائما دون تغيير. ولا يقف الأمر عند نجاح فرنسا في إنهاء الأزمة مع الجزائر والإبقاء على موقفها الداعم لسيادة المغرب على الصحراء، بل تسير أيضا إلى التوصل إلى اتفاق مع الجزائر في مسألة ترحيل المهاجرين الجزائريين، إذ من المرتقب أن يجتمع مسؤولو البلدين حول هذا الموضوع في وقت قريب، في حين تم استئناف التعاون الاستخباراتي والأمني بين الطرفين. وفي الجهة المقابلة، لا يبدو أن الجزائر حققت أي مكسب من التصعيد الذي تبنته تُجاه فرنسا في الشهور الأخيرة، وهذا يتجلى بشكل واضح في تفاعل الصحافة الجزائرية مع زيارة وزير الخارجية الفرنسي، التي لم تجد ما تتحدث فيه سوى اعتبار أن نهاية الأزمة والمصالحة مع فرنسا بمثابة "انتصار" على "الهجمات" التي شنها وزير الداخيلة الفرنسي، برونو ريتايو ضد الجزائر في الآونة الأخيرة. وفي هذا السياق، وصفت صحيفة "دي إن ألجيري" المصالحة الجزائرية-الفرنسية بأنها تمثل "انتكاسة جادة" لبرونو ريتايو، واعتبرت الصحيفة أن هذا التحول في السياسة الفرنسية يمثل تراجعا عن السياسة الهجومية التي انتهجها ريتايو في وقت سابق، والتي كانت تقوم على الضغط على الجزائر بشأن قضايا الهجرة. ولم تشر الصحيفة الجزائرية، وعلى منوالها أغلب وسائل الإعلام الرسمية، إلى قضية الصحراء المغربية التي كانت السبب الرئيسي في التصعيد الجزائري ضد فرنسا، حيث كانت الجزائر قد لجأت إلى التصعيد وسحب سفيرها من باريس بهدف دفع فرنسا إلى التراجع عن موقفها الداعم للمغرب، وهو الأمر الذي فشلت فيه "رسميا" دون أي مكسب في هذا المجال. ويُفسر لجوء الجزائر إلى تسويق "انتصار وهمي" على وزير الداخلية الفرنسي، -بالرغم من أن سبب الأزمة بين البلدين كان قبل أن يكون ريتايو عضوا في الحكومة الفرنسية-، (يُفسّر) كمحاولة للتغطية على "الهزيمة الدبلوماسية" للجزائر في قضية الصحراء المغربية أمام فرنسا، إذ لم تستطع أن تدفع باريس إلى التراجع عن موقفها، كما لم تشترط أن تكون هذه القضية ضمن أجندات زيارة وزير الخارجية إلى الجزائر. وفي هذا السياق، يُذكر أن من أسباب فشل تنظيم زيارة رسمية لوزير الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ألباريس إلى الجزائر بداية العام الماضي، من أجل إنهاء الأزمة الدبلوماسية الثنائية، كان هو شرط الجزائر أن يتطرق ألباريس لقضية الصحراء مع نظيره الجزائر، وهو الأمر الذي رفضته إسبانيا حينها، ويبدو أن الجزائر لم ترغب في تكرار هذا الخطأ مرة أخرى. هذا وتجدر الإشارة إلى أن عدد من الخبراء في المجال السياسي أكدوا مؤخراً في تصريحات ل"الصحيفة"، ما وصفوه ب"نجاح" فرنسا في إبعاد الجزائر عن السبب الحقيقي للأزمة، ألا وهو إعلان دعمها لسيادة المغرب على الصحراء، ودفعها للتركيز على قضايا أخرى تهم البلدين، خاصة أن فرنسا كانت بدورها تريد فتح هذه القضايا، وبالتالي يُعتبر الأمر ك"ضرب عصفورين بحجر واحد" من طرف باريس. ووفق المصادر ذاتها، فإن من "سوء حظ" الجزائر، هو أن التصعيد الذي قررت خوضه تُجاه باريس، تزامن مع صعود اليمين في فرنسا، وهو طرف سياسي أصبح ذا نفوذ قوي في البلاد، ويحمل منذ زمن بعيد أفكارا وتوجهات معادية للجزائر، وسبق أن طالب مرارا بإعادة النظر في الاتفاقيات المبرمة معها، خاصة اتفاقية الهجرة لسنة 1968 التي تمنح للجزائريين - بخلاف باقي الجنسيات الأخرى - مزايا عديدة، تتعلق بالتنقل والإقامة والعمل في فرنسا. ولعبت "صرامة" ريتايو في الأسابيع الأخيرة دورا مهما في تحول الخطاب السياسي الجزائري، الذي أصبح يميل أكثر إلى المهادنة بدل التصعيد، وقد ظهر هذا بشكل جلي خلال الخرجة الإعلامية الأخيرة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي اعتبر أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هو "المرجع الوحيد" لحل الأزمة والخلاف مع فرنسا، بالرغم من أن ماكرون هو من اتخذ خطوة دعم سيادة المغرب على الصحراء، وليس ريتايو.