1. الرئيسية 2. تقارير تصعيد الجزائر مع فرنسا يتحول من محاولة الدفاع عن حق "الشعب الصحراوي" إلى الدفاع عن "حق الجزائريين" في اتفاقية 1968 الصحيفة – محمد سعيد أرباط الأربعاء 26 مارس 2025 - 14:49 شهدت الأزمة غير المسبوقة - من حيث الحدة - بين فرنساوالجزائر، تحولات كثيرة في الفترة الأخيرة، خاصة بعدما لجأت باريس إلى استعمال لغة التصعيد والتهديد، بالإضافة إلى لجوئها إلى إجراءات "عقابية" كرد على رفض الجزائر التعاون في مجال الهجرة، وهو الرفض الذي تُبرره الجزائر بمخالفة باريس لاتفاقيات في هذا المجال، في حين أن السبب الحقيقي، وفق ما تؤكده تقارير إعلامية فرنسية، هو غضب أصحاب القرار في قصر المرادية من إعلان فرنسا دعمها بشكل رسمي لسيادة المغرب على الصحراء. التحولات التي رصدها الكثير من المتتبعين لهذه الأزمة بين فرنسا ومستعمرتها السابقة، تكمن في التغيرات التي طرأت على "الخطاب السياسي" للمسؤولين الفرنسيين ونظرائهم الجزائريين، فبعدما كان الجزائريون هم من بدأوا بالتصعيد، أصبح الفرنسيون اليوم هم من يُهددون ويتخذون إجراءات عملية "عقابية"، بينما تحاول الجزائر حاليا تخفيف حدة خطابها وتمرير رسائل واضحة مفادها الرغبة في إنهاء التوتر. وحسب العديد من القراءات السياسية للتطورات المتسارعة التي شهدتها الأزمة بين البلدين المعنيين، فإن فتح باريس خط المواجهة مع الجزائر على أكثر من جبهة، وخاصة في قضايا تستهدف "مكتسبات" الجزائريين، مثل اتفاق الهجرة لسنة 1968، ومحاولة ربط العديد من المشاكل التي تعيشها "بلاد الأنوار" (مثل الإرهاب) بهذا الاتفاق، سبب للسياسيين الجزائريين "شتاتا" وحوّل خطابهم من الهجوم إلى محاولة الدفاع. وأكد عدد من الخبراء في المجال السياسي مؤخراً في تصريحات ل"الصحيفة"، ما وصفوه ب"نجاح" فرنسا في إبعاد الجزائر عن السبب الحقيقي للأزمة، ألا وهو إعلان دعمها لسيادة المغرب على الصحراء، ودفعها للتركيز على قضايا أخرى تهم البلدين، خاصة أن فرنسا كانت بدورها تريد فتح هذه القضايا، وبالتالي يُعتبر الأمر ك"ضرب عصفورين بحجر واحد" من طرف باريس. ووفق المصادر ذاتها، فإن من "سوء حظ" الجزائر، هو أن التصعيد الذي قررت خوضه تُجاه باريس، تزامن مع صعود اليمين في فرنسا، وهو طرف سياسي أصبح ذا نفوذ قوي في البلاد، ويحمل منذ زمن بعيد أفكارا وتوجهات معادية للجزائر، وسبق أن طالب مرارا بإعادة النظر في الاتفاقيات المبرمة معها، خاصة اتفاقية الهجرة لسنة 1968 التي تمنح للجزائريين - بخلاف باقي الجنسيات الأخرى - مزايا عديدة، تتعلق بالتنقل والإقامة والعمل في فرنسا. وأكد في هذا السياق، وزير الداخلية الفرنسي، برونو ريتايو، المنتمي لمعسكر اليمين، أمس الثلاثاء في تصريح ل"Europe 1"، أنه في حالة وصول حزبه إلى الحكم في الإليزيه، فإنه بلا شك سيُلغي الاتفاقية المذكورة، مشددا على أنه سيواصل من موقعه الآن كوزير للداخلية اتخاذ إجراءات صارمة وتدريجية تُجاه الجزائر لإجبارها على التعاون في مجال الهجرة، وخاصة استقبال رعاياها الذين ترغب فرنسا في ترحيلهم. ولعبت "صرامة" ريتايو في الأسابيع الأخيرة دورا مهما في تحول الخطاب السياسي الجزائري، الذي أصبح يميل أكثر إلى المهادنة بدل التصعيد، وقد ظهر هذا بشكل جلي خلال الخرجة الإعلامية الأخيرة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي اعتبر أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هو "المرجع الوحيد" لحل الأزمة والخلاف مع فرنسا، بالرغم من أن ماكرون هو من اتخذ خطوة دعم سيادة المغرب على الصحراء، وليس ريتايو. تصريحات تبون ليوم السبت الماضي، أكدت بشكل واضح أن الجزائر لا تريد الوصول إلى مرحلة الاصطدام، تفاديا لفقدانها لما تعتبره "مكتسبات" مثل اتفاقية الهجرة لسنة 1968، وبالتالي تحوّلت الجزائر من محاولة الضغط على فرنسا دفاعا عمّا تسميه "حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير"، إلى الدفاع عن حق الجزائريين في اتفاقية 1968.