1. الرئيسية 2. تقارير في مواجهة الجزائر وتركيا وداخلية باريس.. المغرب يخوض معركة "كسر عظام" للبقاء في صدارة "الإسلام الفرنسي" الصحيفة – حمزة المتيوي الخميس 6 فبراير 2025 - 13:19 يخوض المغرب معركة صامتة داخل فرنسا، من أجل الإبقاء على دوره في مجال تدبير الحقل الديني الإسلامي، ارتباطا بجاليته الكبيرة هناك، وذلك أمام وزير الداخلية الفرنسي اليميني برونو روتايو من جهة، ومن جهة أخرى في مواجهة النفوذ التاريخي للجزائر، والحضور المتزايد لتركيا. ويوم أول أمس الثلاثاء وبالتزامن مع لقاء روتايو، لأول مرة، بممثلي الديانة الإسلامية في فرنسا، كشفت صحيفة "لوفيغارو" أن سلطات البلاد تعيش العديد من التحديات على هذا المستوى، من بينها "المواجهة" التقليدية بين المغاربة والجزائريين، لكن أيضا البروز الملحوظ للأتراك. المغاربة والجزائريون.. الصراع التقليدي ووفق التقرير الذي حمل عنوان "روتيو في مواجهة الملف الساخن للإسلام في فرنسا"، فإن الهوة بين الجزائريين والمغاربة لا تبدو واضحة ظاهريا، لكنها موجودة وحقيقية، ففي فرنسا، هناك ثلاث مجتمعات "متنافسة" تهيمن على المشهد الإسلامي "الجزائريون، والمغاربة، والأتراك"، والأمر هنا لا يتعلق بتحليل للصحيفة الفرنسية، بل بمعطيات ساقتها عن مسؤولين رسميين ومتخصصين، والذين اعتبروا أن هذه المعادلة تبدو "بديهية". فعلى أرض الواقع، وفق المصدر نفسه، ورغم أن العديد من المُصلين يرتادون أقرب مسجد إلى مكان إقامتهم، إلا أن أصولهم الوطنية لا تزال تؤثر بشكل كبير في اختيار مكان العبادة، حيث تستقطب فدرالية المسجد الكبير بباريس المساجد ذات التوجه الجزائري، بينما يجمع "تجمع مسلمي فرنسا" المعروف اختصارا ب RMF و"اتحاد مساجد فرنسا" UMF، المساجد ذات الطابع المغربي، باعتبار توجههما الموالي للرباط. هذه المنظمات انخرطت في الهياكل الرسمية الفرنسية مثل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية CFCM والمنتدى الوطني للإسلام في فرنساFORIF، لكنها تتصارع منذ فترة طويلة في "معركة بين الأشقاء"، واستنادا إلى ذلك يقول أحد كبار المسؤولين المسلمين إن مسجد باريس الكبير، الذي يتبع التوجه الجزائري "لم يقبل أبدا بأن يكون المغاربة في الواجهة"، مضيفا أن الجزائريين "يعتبرون أنفسهم الممثلين التاريخيين للإسلام في فرنسا، وقد حاربوا المغاربة دائمًا"، وتابع أن "العكس صحيح، لكن بحدة أقل". ومع توالي السنوات، أصبح لهذا الصراع ما يدعمه، ففي سنة 2019، رفض المسجد الكبير بباريس المشاركة في انتخابات المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية CFCM، الذي كان آنذاك الهيئة التمثيلية الرسمية الوحيدة للمسلمين، من أجل "إضعاف مصداقية هذه المؤسسة الوطنية"، وقد رفض الجزائريون المشاركة لأن انتخاب رئيس من أصل مغربي كان متوقعًا، وهو ما حدث بالفعل مع وصول محمد موساوي إلى رئاسة المجلس. الأتراك.. اللاعب الجديد الصراع المغربي الجزائري على الحقل الديني في فرنسا، لم يتمكن حتى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من ضبطه، إذ وفق المصدر ذاته، فإنه في عام 2021، عندما كان يسعى للتقارب مع الجزائر، اختار حل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية وإطلاق المنتدى الوطني للإسلام في فرنسا FORIF، مع دعم واضح للمسجد الكبير بباريس، الذي يُنظر إليه على أنه "السفارة الثانية للجزائر في فرنسا". وعلى هذا الأساس منح الرئيس الفرنسي عميد المسجد الكبير، الجزائري شمس الدين حفيظ، دورا ضمنيا في تمثيل الإسلام في فرنسا، وقام بزيارة رسمية كبرى إلى المسجد في خريف 2022، إلا أن ذلك كان جانبا واحدا من القصة، لأن القرار الذي كان يهدف إلى الحد من التأثيرات الخارجية على المجتمع الإسلامي في فرنسا، وإنهاء الصراعات التاريخية والسياسية، سيؤدي إلى بروز أخرى جديدة. وفي خضم ذلك، ستطفو على السطح الجالية التركية في فرنسا، الساعية بدورها إلى إيجاد موطئ قدم واضح في تدبير الحقل الديني الإسلامي، وهو الأمر الذي بدأت معالمه في الظهور إثر إنشاء مجلس الديانة الإسلامية الفرنسي على يد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي سنة 2003، والذي كان الهدف الأساس منه هو تجاوز الخلافات. وظهر الصراع آنذاك على طريق اختيار ممثلي الجاليات الإسلامية داخل المجلس، إذ تم الاعتماد على التزكية من أجل تعيين شخصيات مؤهلة بدل الانتخابات، ويتم اقتسام المقاعد من خلال المساجد، ويحدد عددها حسب مساحة كل مسجد، إلا أن الجزائر اعترضت على ذلك لأن مساجدها أصغر من نظيرتها المغربية رغم أنها "أقدم"، ومن بين التعديلات التي تم اقتراحُها لتجاوز هذا الصراع، اعتماد رئاسة دورية ليس بين المغاربة والجزائريين فقط، وإنما الأتراك أيضا. محاولات لتحجيم "الأجانب" وعلاقةُ المغرب بتدبير الحقل الديني في فرنسا ليست سرا، ففي أكتوبر من سنة 2018 استقبل وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، وفدا يمثل اتحاد مساجد فرنسا UMF، حيث أكد في تصريحات أما وسائل الإعلام أن المملكة "عازمة على مواصلة تقديم الدعم والمؤازرة"، للجمعيات التي تمثل المساجد، في حين أشادت جمعيات المساجد القمرية بجنوب فرنسا خلال اللقاء نفسه، ب "الجهود التي تبذلها المملكة، تحت قيادة الملك محمد السادس، خدمة للإسلام والمسلمين بإفريقيا وأوروبا". هذا الحضور المغربي لا يستهوي باريس، التي لا تريد بقاء أي نوع من "السلطة الدينية الأجنبية" على مواطنيها وجاليتها المسلمة، لذلك أعلن وزير الداخلية الفرنسي السابق، جيرالد دارمانان، التوقف عن استقدام الأئمة من دول أخرى بما فيها المملكة، ابتداء من فاتح أبريل 2024، في تنفيذ للقرار الصادر عن الرئيس ماكرون سنة 2020، الذي أنهى مهام نحو 300 إمام أرسلتهم عدة دول، وعلى رأسها المغرب والجزائر وتركيا. هذا القرار الفرنسي، صدر بعد أسابيع فقط من إعلان وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، خلال عرض مشروع الميزانية الفرعية لوزارته أمام أمام لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج بمجلس النواب المغربي، أن المغرب قرر مواصلة دعم التأطير الديني للجالية المغربية بمبلغ 220 مليون درهم، نصفها تقريبا يذهب إلى الجمعيات المهتمة بالتأطير الديني، علما أن فرنسا تضم أكبر عدد من أفراد الجالية المغربية بما يزيد عن مليون نسمة.