1. الرئيسية 2. تقارير الدخيل ل"الصحيفة": المرحلة تفرض ترافعًا جديدًا يُبرز صوت الصحراويين الحقيقيين لإفشال أجندات الجزائر وإنهاء خطاب السبعينات الذي تتبناه البوليساريو الصحيفة - خولة اجعيفري الجمعة 22 نونبر 2024 - 9:00 قال البشير الدخيل، أحد مؤسسي جبهة "البوليساريو" العائدين إلى المغرب، إن حل نزاع الصحراء لن يتحقق إلا عبر مسارات سلمية وتصالحية بعيدة عن الحرب، التي "لا تخدم أحدًا ولا تحقق نفعًا"، مشدّدا على أن هذا الموقف ينسجم مع الخطابات الملكية الداعية إلى معالجة هذا الملف برؤية علمية واضحة تستند إلى الواقع والشرعية التاريخية، سيّما وأن قادة "البوليساريو" اليوم ليسوا سوى مغاربة تُسيّرهم أجندات جزائرية، بينما تتغاضى المؤسسات الأممية عن هذه الحقائق، وتُهمل الإرادة الصريحة للصحراويين المغاربة الذين يعبّرون عنها بوضوح في كل المحافل وحتى في الانتخابات التشريعية والمحلية في المملكة. الدخيل، وفي تصريح ل "الصحيفة"، أكد أن دعوة تغيير الخطاب والمنهج وطريقة التعامل التي أكد الملك محمد السادس على وجوبها ليست "عبثية"، بل الغرض منها إفساح المجال لأبناء الصحراء للتعبير بأنفسهم عن انتمائهم الراسخ للمغرب، فهم الأجدر بنقل رسالتهم إلى العالم وإبراز حقيقتهم كجزء لا يتجزأ من الوطن، وبهذه الرؤية، تتضح معالم مستقبل يعتمد على الحوار والسلام، يعيد للمنطقة استقرارها، ويضع حدًا لنزاع أريد له أن يستمر خدمة لأجندات خارجية. وعرّج الدخيل، على قرار المحكمة الأوروبية الأخير بشأن اتفاقية الصيد البحري والفلاحة مع المغرب، لافتا إلى أن هذه المؤسسة التي أنشئت أساسًا لحل النزاعات بين دول الاتحاد الأوروبي، وقعت في خطأ كبير حينما أصدرت قرارًا بُني على ادعاءات باطلة قدمها محامٍ ينتمي لجبهة البوليساريو، بعدما قدمت الجبهة نفسها، بشكل غير شرعي، ممثلة ل"الشعب الصحراوي"، متجاهلة صوت الصحراويين الحقيقيين المقيمين في الأقاليم الجنوبية للمملكة، الذين يعيشون في كنف الوطن الأم ويمارسون حقوقهم السياسية والمدنية بحرية. وأضاف الدخيل متسائلًا: "كيف يمكن لمحكمة أن تستمع لمن يحمل السلاح بعقلية السبعينات، بينما تغيب عن جلساتها ساكنة الصحراء المغربية التي تشارك بفعالية في الانتخابات وتمثل الأغلبية الساحقة؟ لماذا لم يكن هناك أي تمثيل للصحراويين الذين يعبرون عن إرادتهم من داخل وطنهم بدلًا من الترويج لخطاب زائف تديره أجندات جزائرية؟". وأبرز الدخيل أن المغرب، بسياسته، لطالما مَكّن الصحراويين الأصليين من التواجد في كل البلديات والجماعات، مما يعكس حضورهم القوي في المشهد السياسي والتنظيمي، في مقابل التهميش الواضح الذي تمارسه الأطراف المعادية على دورهم، كما أن الهيئات الحزبية بدورها تضم كفاءات مهمة، وعددا من الساكنة الصحراوية الأصيلة والأصلية التي تنشط داخلها. من جهة ثانية، اعتبر الأكاديمي ذاته أن المغرب دخل مرحلة جديدة تستوجب التخلي عن خطاب الضحية، الذي لم يعد يتماشى مع التحولات الدولية الحالية، مشيرا إلى أن الملك دعا مرارًا إلى معالجة النزاع المفتعل حول الصحراء بمنهج علمي وعقلاني بعيد عن الحرب، على اعتبار أن التصالح والسلم هما الحل الأمثل، وهو ما ينسجم أيضا وتشديده الأخير على أهمية تغيير الخطاب الدبلوماسي المغربي ليصبح أكثر واقعية واتساقًا مع الإنجازات المحققة على أرض الواقع، منوهًا بالدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الحل الأكثر جدية وعقلانية. وأوضح الدخيل أن الدبلوماسية المغربية شهدت تغييرًا جذريًا منذ سنة 2000، حيث تم تعيين سفراء جدد غطوا جميع دول أمريكا اللاتينية، ما أسفر عن تغيير مواقف 19 دولة من بينها المكسيك وكوبا، التي كانت تدعم البوليساريو. وأشاد بالدور المحوري الذي لعبه الصحراويين العائدين من مخيمات تندوف، الذين نجحوا في كشف حقيقة الجبهة الانفصالية والدفاع عن الطرح المغربي، مما ساهم في تعزيز الموقف الدولي المؤيد لمغربية الصحراء. وعلى الصعيد الأوروبي، لفت الدخيل إلى أهمية الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء، معتبرًا أنه يشكل تحولًا كبيرًا، بالنظر إلى التاريخ الاستعماري لفرنسا في المنطقة ودورها في رسم الحدود المغاربية، غير أنه شدد على أن هذا الاعتراف ينبغي أن يُستثمر بسياسات تراعي دور الساكنة المحلية، التي تمثل الشرعية الحقيقية عبر صناديق الاقتراع. وانتقد الدخيل غياب المصداقية في خطاب البوليساريو، التي لا تزال تعتمد على عقلية قديمة تحركها الجزائر، مشيرًا إلى أن أغلب قيادات الجبهة هم في الأصل مغاربة ينحدرون من مناطق مثل طانطان ومراكش وبنجرير، لكنهم يخدمون أجندات خارجية تتناقض مع واقع الشعب الصحراوي، كما ذكر بأن هذا التناقض يعكس التحديات التي يفرضها النظام الجزائري، الذي يسعى للحفاظ على نزاع الصحراء كأداة للضغط السياسي. وأشار الدخيل إلى أن الدبلوماسية المغربية أصبحت أكثر نضجًا وقوة، مدعومة بإنجازات ملموسة على أرض الواقع، من مشاريع تنموية ضخمة ومبادرات اقتصادية وصناعية وتجارية، لافتا إلى أن تنظيم المنتديات والأنشطة الإعلامية الكبرى، التي تبرز الطرح المغربي، ساهم في تعزيز هذا المسار، كما أشاد بالجهود التي بذلتها الدبلوماسية المغربية لتغيير الموقف الإسباني تجاه قضية الصحراء، مؤكدًا أن إسبانيا، التي كانت تدعم الجبهة الانفصالية ماليًا بما يصل إلى 23 ألف مليون أورو سنويًا، بدأت تتراجع عن هذا الدعم لصالح الطرح المغربي. وختم الدخيل، تصريحه ل "الصحيفة"، بدعوته إلى خطاب جديد ينسجم مع المرحلة الحالية ويعكس التطورات الإيجابية التي تحققت، مؤكدًا أن الساكنة المحلية في الأقاليم الجنوبية يجب أن تكون الصوت الأقوى في الترافع عن مغربية الصحراء في المحافل الدولية، كما اعتبر أن الحل النهائي للنزاع يكمن في ترسيخ مفهوم الأمة المغربية الجامعة، التي تحتضن جميع مكوناتها دون استثناء، وتؤمن بأن التنمية والسلم هما السبيل الوحيد لمستقبل أكثر استقرارًا وعدلًا.