قدمت، وزيرة الثقافة الجزائرية، مريم مرداسي، اليوم السبت، استقالتها رسميا لرئيس الدولة المؤقت عبدالقادر بن صالح، وفق ماجاء في بيان لرئاسة الجمهورية. وكشف البيان المقتضب، أن رئيس الدولة المؤقت وافق على استقالة وزيرة الثقافة مرداسي التي عينت ضمن التغيير الحكومي الأخير في 31 مارس 2019 من قبل الرئيس السابق بوتفليقة ضمن حكومة تصريف الأعمال. البيان الرئاسي لم يوضح أسباب استقالة مرداسي من منصبها لكن كل المؤشرات تؤكد بأن حادثة التدافع خلال حفل الفنان الجزائري "سولكينغ" الذي حصد خمسة قتلى وإصابة العشرات بجروح متفاوتة الخطورة، كان السبب الرئيسي لإستقالة وزيرة الثقافة بسبب الضغط الرهيب الذي مارسته الجماهير الجزائرية على الحكومة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، حيث طالبوا بإقالتها من منصبها بسبب سوء تنظيم هذا الحفل وتحميلها كامل المسؤولية. ويبدو بأن إستقالة الوزيرة مرداسي من منصبها لم يكن سوى إجراء شكلي فقط من السلطات العليا للبلاد لأنه في العرف السياسي الجزائري لا توجد ثمة قناعة راسخة لدى المسؤولين تجعلهم يستقيلون من تلقاء أنفسهم كموقف أخلاقي إذا فشلوا في أي مهمة حكومية معينة بل أرغمت على الإستقالة. ويعتقد الإعلامي المتخصص في متابعة الشأن الثقافي بالجزائر، جلال مناد ل"الصحيفة"، بأن وزيرة الثقافة أجبرت على الاستقالة من طرف الرئاسة كخطوة لامتصاص الغضب الشعبي وفك الحصار على الحكومة التي تواجه منذ تعيينها، بوصفها من مخلفات النظام السابق. ويقول أيضا بأنه كثيرا ما كانت الوزيرة في موضع حملة انتقاد تتجدد كل مرة لتشديد الخناق على التشكيل الوزراي الذي يقوده بدوي نور الدين رابع "الباءات المرفوضة" من طرف الحراك الشعبي المناهض. ويضيف الأستاذ، جلال مناد، بأن تفسير ما حدث يؤكد على أن الرئاسة كانت تنتظر استغلال أي قضية لإقالة مريم مرداسي التي كانت مرفوضة شعبيا، لكن دون أن يفهم ذلك على أنه استجابة لمطالب الجزائريين، حتى لا يرتفع سقف المطالب إلى ما تمكن اعتباره شروطا تعجيزية. وعاشت الجزائر قبل يومين مأساة حقيقية حين تحول حفل المغني "سولكينغ " إلى مأثم عقب وفاة خمسة أشخاص كانوا يستعدون لدخول الحفل، وهذا ما سبب جدلا كبيرا بالبلاد، وعرّ الإجراءات التنظيمية للتظاهرات الفنية الكبرى من قبل وزارة الثقافة وأثبت هشاشتها في التعامل مع مثل هكذا مناسبات فنية من المستوى العالي. وكشفت مصادر ل"الصحيفة"، بأن التحقيقات الأمنية توصلت إلى أن ما حدث في حفل "سولكينغ" تتحمله الجهة المنظمة "لوندا" التي عول مديرها العام يوم أمس ونفس المسؤولية تتحملها وزارة الثقافة لتقصيرها في متابعة ما يحدث من إجراءات تنظيمية لهذا الحفل الصخم. وقالت ذات المصادر ل"الصحيفة"، بأن "لوندا" التابعة إداريا لمصالح وزارة الثفاقة طرحت عددا كبيرا جدا من التذاكر وباعت أكثر من 30 ألف تذكرة في وقت لا يتسع الملعب الذي احتضن الحفل نصف عدد التذاكر التي بيعت فيما لم يخصص سوى باب واحد لدخول الجماهير الجزائرية ما تسبب في تدافع كبير أدى إلى وفيات. وكانت الرئاسة الجزائرية قد أنهت، يوم أمس الجمعة، مهام المدير العام للديوان الجزائري لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة، سامي الحسين بن شيخ، بسبب حادثة التدافع على حفل المغني العالمي "سولكينغ" عقب تأكدها من وقوع تجاوزات خلال تنظيم هذا الحفل.