1. الرئيسية 2. افتتاحية أقيلوا هذا الرجل ! الصحيفة - افتتاحية الثلاثاء 10 شتنبر 2024 - 11:24 صناعة الفشل في المغرب سلعة رائجة. هذا على الأقل ما يمكن استخلاصه عند الإطلاع على حال شركة الخطوط الملكية المغربية التي يقودها عبد الحميد عدو إلى الهاوية وهو مستمتع بالمُهمة التي أُوكلت إليه! ومَن يُقارن وضع "لارام" بين الشركات الإقليمية والقارية، سيدرك بدون جهد كبير أنها تسير نحو مصير مجهول. فوضعها الاقتصادي مؤلم، وخدماتها رديئة، وطائراتها "مُتعفنة"، وتواصلها فوضوي، ومَخاض خروجها من هذا الوضع على المدى القصير أو حتى الطويل.. صعب، وصعبٌ جدا! وطيلة الموسم الصيفي لهذه السنة، عاش زبناء "لارام" العديد من القصص التي لا تستحق أن تروى ضمن ذكرياتهم. ففي أكثر من مرة تركت الشركة زبنائها في مطارات العالم لساعات طوال فاقت أحيانا 30 ساعة كما هو الحال عبر رحلات خطها بين إسطنبولوالدارالبيضاء، الذي تؤمنه الشركة بطائرة مستأجرة من نوع "إيرباص A340" تم كراؤها من شركة Hifly البرتغالية، والتي تبين فيما بعد أنها عبارة عن "خردة طائرة"، لكثرة أعطابها، حيث تعذر عليها الإقلاع في الوقت المحدد أكثر من ست مرات بين مطار محمد الخامس في الدارالبيضاء ومطار إسطنبول الدولي بتركيا، ووصلت مواعيد التأخير لما يزيد عن 13 ساعة كمعدل متوسط طيلة شهري يوليوز وغشت. ومع كثرة التأخيرات غير المبررة، وانعدام التواصل الفعّال مع الزبائن، وحالة الإهمال التي أصبحت عليها أغلب الطائرات، سلطت صحيفة "إندبندنت" البريطانية، الضوء عن تعرض أمتعة سياح بريطانيين لغزو من الصراصير على متن طائرة تابعة ل"لارام" خلال رحلة بين مطار الدارالبيضاء ومطار مانشستر، نهاية شهر غشت الماضي، لتظهر أكثر الحالة التي أصبحت عليها الشركة التي يقودها عبد الحميد عدو إلى مصير مجهول. ومنذ تعيينه سنة 2016 مديرا للخطوط الملكية المغربية، لم يحقق عدو أي نجاح يُذكر للشركة، وكل ما قام به اقتصر على بيع ست طائرات ل"لارام" بعد أزمة "جائحة كورونا"، بل الأكثر من ذلك، فالرجل ظل باستمرار يطلب من الدولة أن تضخ ملايير السنتيمات في حساب الشركة التي تكاد تعلن إفلاسها، والتي أوصلتها إلى حد "الموت الرحيم" لسمعتها مَحليا وقاريا. ومع ذلك، وفي سنة 2022 ضخت الدولة المغربية 270 مليار سنتيم في شرايين الشركة لتجنب إعلان "إفلاسها" بعد فشلها في دفع رواتب موظفيها، وكذا، فاتورة "الكيروسين" لإقلاع طائراتها لعدم قدرة مديرها العام على ضبط ميزانية "لارام" التشغيلية على خلاف أغلب الشركات الدولية، كما هو حال الخطوط الجوية الإثيوبية التي حققت في نفس السنة (2022) إيرادات بلغت 6.2 مليار دولار. ومع أن الشركة أسست سنة 1957 وكانت أول شركة طيران إفريقية تدمج طائرات "بوينغ" ضمن أسطولها، وأول شركة عربية وإفريقية تفتح خطا مباشرا مع الولاياتالمتحدةالأمريكية (خط الدارالبيضاءنيويورك) إلا أن الخطوط الملكية المغربية ظلت حبيسة الاستغلال المفرط لرأسمالها بعيدا عن التسيير المبني على استراتيجية واضحة لتطوير الشركة وجعلها رافدا مهما لتطوير السياحة المغربية، ولتكون ناقلا محوريا في القارة كما هو حال الخطوط الاثيوبية التي تطورت بشكل رهيب خلال العشر سنوات الماضية، وكذلك، حال الخطوط التركية التي أصبحت تتسيّد سماء أوروبا وشرق آسيا. وبتقييم عادل للشركة خلال الثماني سنوات الماضية التي ترأس فيها عبد الحميد عدو "لارام" يمكن استخلاص حقيقة واحدة، وهي أن الرجل جعل من الشركة حقل تجارب للعديد من أفكاره التي أثبت الواقع فشلها. فلا الشركة حققت أرباحا مالية، ولا طورت أسطولها، ولا جوّدت خدماتها، ولا قوّت تنافسيتها إقليميا بعد أن بدأت تخسر أسواق غرب إفريقيا لصالح شركات آسيوية، ولا هي أهلت عنصرها البشري لتكون الخدمات أرضيا وعلى متن الطائرات توازي قيمة التذكرة التي يدفعها الزبون. وعليه، يطرح السؤال بقوة: ما المبرر "العقلاني" الذي يجعل عبد الحميد عدو مستمرا في منصبه؟ وهل من الحكمة الاستثمارية أن نضع في يد هذا الرجل الذي أثبت فشله 25 مليار دولار لشراء 150 طائرة، ونستأمنه على تطوير "لارام" وهو فَشَلَ كُل الفشل طيلة الست سنوات الماضية في تأهيل حتى خدمات الزبناء؟