1. الرئيسية 2. بانوراما السلطات الجزائرية تُقرر الإغلاق النهائي لإذاعة وموقع "أم" الناقد لسياساتها.. وصحافيون بالمؤسسة ل "الصحيفة": نعيش أسوأ عهد في حرية التعبير الصحيفة - خولة اجعيفري السبت 22 يونيو 2024 - 19:00 أصدرت محكمة الاستئناف الجزائرية، قرارا نهائيا يقضي بإغلاق إذاعة وموقع راديو "أم" الإخباري وحلّ الشركة المباشرة المشرفة عليهما ومصادرة كامل أملاكها وذلك بعد أكثر من عام على اعتقال مؤسسها الصحافي إحسان القاضي الذي يتبنى خطاً تحريرياً ناقدا للسلطة في الجزائر. ووجد صحافيو وإعلاميو الإذاعة والموقع، أنفسهم في دوامة تتقاذفها الاتهامات بالعمالة لأجندات خارجية، وتكميم الأفواه والأحقية في التعبير عن الرأي أو نقد مواقف تتبناها الحكومة أو الدولة في شخص رئيسها عبد المجيد تبون، أو الانتصار للصوت الشعبي، وهو الخط التحريري الذي آمنت به أسرة التحرير منذ 11 عاما، "ودفعت ثمنه غاليا حتى آخر رمق" وفق ما أكدته مصادر صحافية في الإذاعة الموءودة ل "الصحيفة". وصدر حكم نهائي عن محكمة الاستئناف في العاصمة الجزائر في 13 يونيو الجاري، يقضي بحلّ شركة إنترفاس ميديا الناشرة لموقع راديو أم، ومصادرة جميع أصولها، مع غرامة قدرها عشرة ملايين دينار، كما أمرت شركة "إنترفاس ميديا" بتعويض هيئة ضبط السمعي البصري بمبلغ مليون دينار"، وهو ما دفع صحافيي الموقع والإذاعة، إلى إصدار بيان أعلنوا فيه استسلامهم، وتراجعهم عن مقاومة الضغوطات التي تعرضوا لها من النظام الجزائري بالقول: "بقلوب مثقلة بالحزن، نعلن نحن صحفيي إذاعة وموقع "راديو أم" الإخباري، التوقف على النشر. لقد قاوم فريق الموقع قدر المستطاع، مررنا بتيارات باردة وعواصف عنيفة، التي للأسف، لا يبدوا أنها تهدأ". وأشارت هيئة التحرير في بيانها إلى أنه وإلى جانب الحكم يوجد سبب إضافي لقرار وقف وإغلاق الموقع، وهو قانون الإعلام الجديد، موردة: "ستدخل ترسانة جديدة من القوانين المؤطرة للإعلام والمواقع الإخبارية حيز التنفيذ قريباً، ما يجعل مواصلة نشاطنا أمراً مستحيلاً"، مشددة على أنّها قوانين "تقيّد الحريات بشكل أكبر بالنسبة للمؤسسات الإعلامية الحالية والمستقبلية". وأضاف صحفيو الإذاعة والموقع في رسالة الوداع الاخيرة لقرائهم ومستمعيهم "نتخذ اليوم قرار تعليق النشر، وهو الأكثر إيلاما لفريق عايش ميلاده وعمل على استمرار موقع راديو أم، إلا أننا نبقى متفائلين بإعادة إحياء حرية التعبير، والإفراج عن إحسان القاضي وجميع سجناء الرأي الآخرين، وبعودة صحافة مستقلة في الجزائر، قد يخبرنا بذلك المستقبل، وسيكون ذلك هو نضالنا". ووفق ما أكده أحد الصحافيين البارزين في الإذاعة الناطقة بالفرنسية ل "الصحيفة"، مفضلا عدم الكشف عن اسمه وهويته، فإن النظام الجزائري يعمل على إخراس جميع الأصوات المنتقدة، في النقابات والأحزاب كما الإعلام، وباتت إحدى أوجه هذا القمع الممنهج هو شروع الحكومة في تطبيق إجراءات جديدة تهم الإعلام المكتوب والقنوات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية، إذ تقيّد حريتهم وتسعى لإعلاء الصوت الواحد الممجد لكل توجهات الدولة دون أدنى نقاش أو نقد، ما بات يتهدد استمرارية الإذاعة والموقع، مع ارتفاع احتمالية تعرض العاملين في "راديو أم"، للمتابعة القضائية كون النشر الإلكتروني مشروط بترخيص من وزارة الاتصال. وأشار المتحدث، إلى أن صدور الحكم النهائي في 13 يونيو الجاري جاء تأييدا للحكم الابتدائي الأول، القاضي بحل شركة "إنترفاس ميديا"، التي تنتمي إليها الإذاعة والموقع الذي ينشر ويبث برامج سياسية يومية كانت مصورة على الإنترنت طيلة 11 سنة، قبل أن يتم إغلاق استديوهات الإذاعة بالعاصمة نهاية 2022. وعلى الرغم من كل التضييق الممنهج الذي قادته السلطات الجزائرية، فضلا عن اعتقال مدير المؤسسة الناشرة، واصل الصحافيون النشر والعمل الصحافي عبر الموقع الإخباري ولم يستسلموا لواقع حظره من طرف السلطات، إذ لجؤوا إلى برمجيات خاصة لتجاوز المنع، ما زاد من حقد السلطات التي واصلت ضغطها بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة إلى حين استسلامهم أخيرا، وفق ما أوضحه الصحافي المذكور ل "الصحيفة"، لافتا إلى أن الشركة باتت مطالبة بأداء غرامات مالية ثقيلة جدا، ما يستحيل معه الاستمرار. وإلى جانب هذه الغرامات التي أقرها القضاء الجزائري، صادرت السلطات في وقت سابق وفق ما أكده المصدر ذاته ل "الصحيفة" جميع معدات البث والتصوير وأجهزة الإعلام الآلي، التي كانت في مكاتب الشركة بوسط العاصمة، مشيرا في السياق ذاته إلى أن السلطة المستقلة للسمعي البصري، التي تأسست بوصفها طرفا مدنيا ضد الشركة الناشرة طالبت هي الأخرى بتعويض مادي، أقره القضاء الجزائري ابتدائيا واستئنافيا. وكانت محكمة الاستئناف بالعاصمة قد قضت قبل 18 شهرا، بسجن مدير الشركة الصحافي إحسان القاضي سبع سنوات، خمس منها موضع تنفيذ، وذلك بناء على تهمة "تلقي أموال من الخارج بغرض تقويض الأمن في البلاد". والمثير في ملف الصحافي الجزائري إحسان القاضي، أنه في البداية أدين بخمس سنوات سجنا منها 3 نافذة، بيد أنها عادت مرة الأخرى لترتفع الحكم إلى 7 سنوات بينها 5 سنوات سجنا نافذا، خلال استئناف القضية في يونيو 2023، إذ يواجه الصحافي مؤسس "راديو أم" تهمة التمويل الأجنبي وفقا للمادة 95 مكرر من قانون العقوبات التي تعاقب "بالسجن من خمس إلى سبع سنوات وغرامة من 50 ألف دينار إلى 70 ألف دينار جزائري، كل من يحصل على أموال أو هدايا أو امتيازات للقيام بأعمال من المحتمل أن تضر بأمن الدولة"، وهو ما يعني أن القضاء الجزائري اختار الحد الأقصى في سن العقوبات في حق الصحافي ومؤسس الموقع والإذاعة التي تتبنى خطا تحريريا ناقدا. وفي أكتوبر الماضي، ثبّتت المحكمة العليا الحكم بعدما رفضت طعناً تقدمت به هيئة دفاع الصحافي، وبالتالي دخل الحكم حيّز التنفيذ فما بات العفو الرئاسي هو السبيل الوحيد لإبطال الحكم، الأمر المستبعد وفق ما أكدته مصادر "الصحيفة"، التي شدّدت على أن رأس إحسان القاضي كان مطلوبا من البداية.