1. الرئيسية 2. تقارير بسبب الصحراء المغربية.. النظام الجزائري يدخل في "أزمة صامتة" مع السعودية بعد أن اتهم الإمارات بالتجسس ضده لصالح إسرائيل الصحيفة - خولة اجعيفري الأثنين 13 نونبر 2023 - 9:01 "ما يمس دول الخليج يمسُّنا، ومن يمس الكويت أو قطر أو السعودية كأنما مس الجزائر". كانت هذه الجملة الشهيرة التي ردّدها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون من قلب عاصمة الكويت في 22 فبراير 2022، باعتباره أول رئيس جزائري، يزور البلد منذ نحو 14 سنة، وذلك على هامش جولته التي شملت الدول الخليجية وقتها، وأفرزت توقيع العديد من الاتفاقيات السياسية والاقتصادية، أملا في تعزيز التنسيق المشترك وبحث تحالفات جديدة في إطار رؤية "الجزائر الجديد"، التي وعَد بأنها تسعى إلى نبذ البعد الجغرافي مع الدول الخليجية، ومحاولة الاقتراب والتقرب منهم والدفاع عن المصالح المشتركة. ومنذ هذا التصريح، مياه كثيرة جرت من تحت جسر العلاقات الجزائرية الخليجية، وذلك في غضون سنة واحدة فقط بلغت خلالها إلى "شبه جُمُود"، كما أنها مرشحة لمزيد من "البرود الديبلوماسي" كما هو حال العلاقة، اليوم، بين الجزائر وأبو ظبي، وكذا، والرياض، سيّما بعد رفض السعودية مطالب جزائرية وجنوب إفريقية لمشاركة ما يسمى "الجمهورية الصحراوية"، في القمّة السعودية الإفريقية التي احتضنتها الرياض نهاية الأسبوع الجاري برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. ونصّت القمّة المذكورة، في بيانها الختامي على ضرورة احترام سيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، وحسن الجوار على أساس مبدأ المساواة والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة بين الدول وفقاً للقانون الدولي"، مبرزة عزم قادة الدول المشاركة بما فيها المغرب الذي حضر ممثلا بوفد رسمي رفيع المستوى، على "تطوير التعاون والتنسيق في المجالات الدفاعية، والتأكيد على توحيد الجهود لمحاربة الإرهاب والتطرف بكافة أشكاله". وتواترت المؤشرات التي تفيد بدخول العلاقات الجزائرية الخليجية نفق البرود بسبب تزايد النقط الخلافية سيما المرتبطة بالقضايا الاقليمية، على رأسها موقف الجانبين المتعارض من ملف الصحراء المغربية، والتقارب الروسي الجزائري، ومسألة التطبيع مع إسرائيل، ثم أخيرا الوضع في ليبيا وغيرها. وفي وقت تحتفظ الجزائر بالحد "المقبول" من مستوى العلاقات الدبلوماسية مع دول الخليج، تبقى علاقاتها مع الإمارات التي استثناها تبون من زيارته لدول الخليج قبل عام هي الأسوأ إقليميا رغم أن الحكومتين لم تُقرا بذلك حتى الآن، رسميا، في وقت بقيت العلاقات الاقتصادية والتجارية في منأى عن الخلاف، بيد أن غياب الزيارات والاتصالات الرسمية المتبادلة المعدودة خير دليل على أن الأمور ليست على ما يرام. وإلى جانب كون الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان من بين القادة العرب الذين لم يحضروا قمة الجامعة العربية التي استضافتها الجزائر في نونبر الماضي، فقد طفت مؤشرات الأزمة الحادة "الصامتة" على واجهة التقارير الإعلامية الجزائرية، التي زعمت في يونيو الماضي أن أبو ظبي صوتت ضد قبول ترشيح الجزائر للانضمام إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة كعضو غير دائم. وفي وقت لاحق من الشهر نفسه، أفادت قناة النهار التلفزيونية الخاصة أن وزارة الخارجية الجزائرية منحت السفير الإماراتي 48 ساعة لمغادرة البلاد، كما ادعت الصحيفة أن الجزائر اعتقلت "أربعة جواسيس إماراتيين يعملون لصالح الموساد الإسرائيلي".، قبل أن تسارع وزارة الخارجية الجزائرية إلى إصدار بيان نفت فيه بشكل قاطع ما وصفته بالادعاءات "الخاطئة والكاذبة" بشأن السفير الإماراتي، وفي نهاية المطاف، يبدو أن وزير الاتصال محمد بوسليماني حُمّل مسؤولية الحادث، حيث قام الرئيس تبون بإقالته بعد ساعات فقط من ظهور الخبر. وحاولت الحكومتان تبديد الشائعات حول التصويت على عضوية الجزائر في مجلس الأمن الدولي، حيث أجرى وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان اتصالًا هاتفيًا بنظيره الجزائري أحمد عطاف لتهنئة الجزائر بمحاولتها الناجحة للانضمام إلى مجلس الأمن، كما أعرب عطاف عن تقديره للدعم الذي تقدمه دولة الإمارات واصفا إياها ب "الشقيقة"، لكن هذا الاتصال المعلن عنه فشل في كبح الحديث عن القطيعة الدبلوماسية. وفي أواخر غشت الماضي أيضا، خرجت صحيفة "الشروق" الجزائرية، المعروفة بقربها من دائرة مركز القرار في الجزائر، بتقرير جديد قالت فيه إن مسؤولين محليين رصدوا "تحركات مشبوهة" للملحق العسكري في سفارة الإمارات، كما نشرت مقالا آخر في نفس الشهر، يصف الإمارات ب"الخنجر الذي يطعن في ظهر الأمّة"، لتعود بتقرير آخر تنقل فيه عن مصادر دبلوماسية أجنبية قالت إنهخا "جد موثوقة"، تتحدث عن أن أبوظبي "باشرت إثارة الفتن وتغذيتها بين المغرب والجزائر على أمل نشوب حرب بينهما"، كما شرعت في "ابتزاز كل من موريتانيا وتونس من أجل الالتحاق بقافلة المطبعين والاعتراف بإسرائيل". وأُقحم المغرب بدوره، في هذه الحرب الإعلامية بين البلدين حيث اتهمت الصحافة الجزائرية المقربة من دوائر الحكم، الإمارات بالتآمر على بلدهم وتزويد المغرب بمعدات تجسس، وهو ما يراه الخبير في العلاقات الدولية عبد النبي جسوس، "طبيعيا" بالنظر إلى التقارب المغربي الإماراتي الذي يزعج قصر المرادية، ويحول دون تحقيق توافق كلي بينه ودول الخليج التي تدعم مغربية الصحراء وترفض قطعا المساس بسيادة المملكة على أراضيها ودعم الطرح الانفصالي. الخبير في العلاقات الدولية، وفي حديثه ل "الصحيفة" ذكّر بموقف مجلس التعاون الخليجي المنتصر لمبادرة الحكم الذاتي والوحدة الترابية للمغرب، والرافض لكل خطوات العداء التي ينهجها النظام العسكري الجزائري ضد المملكة، معتبرا أنها واحدة من العراقيل الكبرى التي اصطدمت بها الجزائر في الفترة السابقة وهي تُحاول تطبيع علاقاتها مع التكتل الإقليمي. وأشار المتحدث، إلى أن النقط الخلافية سياسيا بين الجزائر ودول الخليج عموما، وفي مقدّمتها الإمارات، سواء في الشق المرتبط بالملفات الإقليمية، أو التحالفات الدولية والمشاريع الجيواستراتيجية، أكبر من النقاط المشتركة خلافا للمغرب، الذي يُشاركهم كل ما سبق، فضلا عن التحالفات مع الدول الغربية وإسرائيل والولايات المتحدةالأمريكية، وليس محور روسيا على غرار الجزائر التي تقف على طرفي نقيض. وإلى جانب، الدعم الكبير الذي تُبديه الدول الخليجية لمغربية الصحراء، والذي أكدته أبوظبي من خلال افتتاح قنصلية لها في مدينة العيون، يرى الخبير في العلاقات الدولية، أن نظام الحكم والعلاقات العائلية الوطيدة بين القصر الملكي المغربي، وقادة الدول الأعضاء وفي مقدمتها السعودية والإمارات العربية المتحدة التي تضع الرباط في نادي الممالك العربية، يجعل الأفضلية دائما للمغرب. ولم تسلم المملكة العربية السعودية، بدورها من الحرب الإعلامية الجزائرية، ففي شهر ماي الماضي، كتبت ثلاث صحف جزائرية، مقربة من قصر المرادية، بالبنط العريض في صدر صفحتها الأولى عناوين موجهة للإمارات مع صورة محمد بن سلمان، وهي العناوين التي كانت متشابهة بما يعني أن مصدرها واحد، وجه من خلالها النظام الجزائري بعض الرسائل غير مباشرة عبر القنوات الإعلامية، تشير إلى امتعاضها الشديد من هذه خطوة دعوة الرئيس الأوكراني لحضور القمة العربية التي احتضنتها الرياض، إذ أوردت صحيفة "الخبر" في المانشيت الرئيسي تساؤلات متبوعا بعلامة تعجب: "ماذا يفعل زيلنسكي في قمة العرب؟!". ونقلت الصحيفة عن مصادر دبلوماسية لم تسمها، بأن "من شأن هذه الخطوة أن تلقي بظلالها على مجريات الاجتماعات، مشيرة إلى أنه واستنادا لنفس المصادر، "لم يسبق لأي دولة عربية أن دعت شخصيات خارج الصفة التمثيلية المكتسبة في إطار المنظمات المعروفة، مثل منظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الإفريقي وحركة دول عدم الانحياز والبرلمان العربي ومنظمة الأممالمتحدة". وفي نفس السياق، اعتبرت صحيفة "ليكسبريسيون" الناطقة بالفرنسية، أن دعوة زيلينسكي تضرب في الصميم الموقف الحيادي للجامعة العربية من الصراع الأوكراني الروسي ومساعيها السابقة في الوساطة بين الطرفين، فيما هاجمت صحيفة "لوسوار دالجيري" من جهتها محمد بن سلمان، وقالت استنادا إلى مصادر دبلوماسية أيضا أن أهداف ولي العهد السعودي من هذه الخطوة، هو بعث رسالة إلى الغرب من أجل إرضائه لتجاوز جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي في 2018. واعتبر جسوس، في حديثه ل "الصحيفة"، أن تكرّر حالات استهداف النظام الجزائري للدول الخليجية خصوصا السعودية والإمارات عبر الإعلام، "دليل واضح على واقع العزلة الإقليمية التي بات يعيشها قصر المرادية، وفشله الذريع في استمالة هذه الدول لصالحه في الفترة السابقة، وبما أن الدوائر السياسية والاقتصادية التي كانت تراهن عليها الجزائر بدأت تضيق، سيما بعد انضمام الإمارات والسعودية، الحليفتين للرباط، إلى منظمة بريكس وفشلها هي، صارت تهاجم في كل صوب وحدب"، موردا أن " الاتهامات الخطيرة التي وجهها تبون للنظامين، في السنة الأخيرة كانت كفيلة بفض محاولات التقارب، خاصة وأن ذاكرة أنظمة هذه البلدان قوية جدا".