1. الرئيسية 2. آراء وجع الذاكرة عبد الكريم ساورة الأربعاء 12 أبريل 2023 - 15:34 نحاول بإصرار كبير التخلص من مخلفات الماضي، الماضي كتاب من الأسرار المؤلمة، الشائكة، التي تديننا طول الوقت بحق أو بدون وجه حق، تذكرنا بمرحلة أو مراحل كنا فيه نؤمن بكل شيئ، بالكتاب المقدس ونبل المشاعر، خبز أمي وقهوة أمي وأصدقائي الذين كنت أتبادل معهم حدائي ومعطفي الصوفي في فصل الشتاء. كل أشيائي الجميلة تركتها للإتلاف، عن طواعية أو كسل وربما عن بلادة، رزمة كتبي التي تعلمت منها كيف أقاوم عطر الجلاد ، كانت تحثني في كل صفحة منها على الثورة، على الصدع عاليا بكلمات مثيرة على الرصيف، هل كان سيسمعني أحدا، هل كانت فعلا كلماتي تحمل ذات معنى جديد، كل ما أتذكره أن الشارع كان طويلا، فارغا إلا من بعض المتسكعين والسكارى، ملابسهم مبللة من فرط الشرب والبرد القارس، ربما كانوا يشعرون بي، يتلذذون كلماتي الغريبة ، فكانوا يصرخون، يصرخون بقوة كلما زاغت كلماتي. أحلامي على صغرها، ذابت كالملح، كنت أصارع طول الوقت دون توقف، وفي كل الاتجاهات، أحاول أن أبدوا متميزا في مشيتي في رقصي على كل الحبال، صانع للفرجة في كل لقاء معرفي، أدافع باستماتة مبالغة فيها عن كل تفاهاتي الصغيرة، أريد أن أكون رجلا كبيرا، عظيما في كل شيئ، أريد أن أقتل الرجل الصغير الذي يسكنني على حد تعبير " الفيلسوف رايتش فلدهايم " لا أعرف لماذا الإنسان دائما يبحث عن التميز الملفت للنظر؟ المثير؟ الجذاب ؟ لماذا يبحث طول الوقت ليتحول إلى أسطورة بين بني جنسه؟ ربما مأساة الإنسان ومأساتي هي أننا نريد أن نتحول إلى أكثر من مجرد إنسان ؟ على كل حال لايجب علينا أن نترك أحلامنا تهرب منا مهما كان الثمن، يجب أن تظل متيقظة كالشموع لا تفتر ولا تنقطع، وعلينا أن نتعلم طول الوقت أنه ليس هناك أحلام كبرى وأخرى صغرى، هناك فقط أحلام أصيلة وإنسانية. نضالاتي، أعرف جيد أنها لاتشبه نضالاتكم، كنت أعتقد حاسما أنها كبيرة، ولم انتبه يوما أنني كنت أركب خيط دخان، بطولة تبحث فقط عن الأوسمة، أو سمة الجمهور، كذبة الجمهور الذي يستعملنا للتسلية والفرجة الكبيرة، المناضل في وطننا يشبه البهلوان يدافع عن مبادئ ومطالب لايؤمن بها بالمرة، إنه مجرد بالون منتفخ بالهواء . الجمهور لم يعد بريئا تعلم مع الأيام كل أساليب الإحتيال، يطالب بالنهار بالحرية والمساواة، ويحرق بالليل كل الوثائق المنظمة لها ليدفأ بها ويستمتع بشظاياها. لهذا السبب لاأريد أحدا أن يلومني في نضالاتي الصغيرة، الكبيرة، فهي تشبه جمهوري الذي يبحث عن تذكرة سفر بالمجان، لاتفعلوا مثلي، فالسفر لازال طويلا وشاقا، والنضال مجرد أغنية ملتزمة مع الذات والآخر، فلنحسن الاستماع إليهما جيدا. حبيبتي، التي كنت أقسمت لها بصدق العاشق أنني لن أتخلى عنها، تأكدت من خلال يومياتي التي كنت أكتبها وأنتصر لإسمها الأسيوي الذي كان يسكن كل الأوراق والأسطر، كانت معجبة كثيرا بإسمها الذي سرقه العرب في ليلة ليلاء ودُبِحْتْ من أجله الجيد ونُشِبَتْ حوله الحروب ، المسكينة كانت متأكدة أنني مغرم بها حتى الثمالة وهاهو كتابي الأول " اعتراف حبيب " كان الإهداء باسمها، كل الشروط كانت تؤكد أننا خلقنا لبعضنا البعض، كانت الطبيعة في صفي، كان القمر يرقص من أجلي، لم تكن تتوفع يوما أنني سأخرج من بيتها الأرجواني. غادرت في واضحة النهار، دون أن أقدم أي اعتذار، لم أستطع التحكم في نزواتي لم أحاول بالمرة أن أشرح لها أن الأمر لايتعلق بالخيانة، وإنما هو مجرد حالة رجل يعشق التعدد، يعشق التغيير ولو على حساب المشاعر، اعرف أنها لن تصدقني فهي تعرف مسبقا أن الرجل الشرقي كائن تجري الخيانه في دمه، لكن هذا ليس صحيحا، فمجرد التفكير في العيش مع امرأة واحدة هو الدخول طواعية في سجن كبير، لكن وحدها الأيام وما نعيشه من آلام الفراق تعلمنا أننا أخطأنا في الإختيار. كاتب مغربي