نقابة تندد بتدهور الوضع الصحي بجهة الشرق    اسبانيا تسعى للتنازل عن المجال الجوي في الصحراء لصالح المغرب        في لقاء مع الفاعلين .. زكية الدريوش تؤكد على أهمية قطاع تحويل وتثمين وتسويق منتجات الصيد ضمن النسيج الإقتصادي الوطني    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    الذهب يواصل مكاسبه للجلسة الرابعة على التوالي    سعر البيتكوين يتخطى عتبة ال 95 ألف دولار للمرة الأولى    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    استئنافية ورزازات ترفع عقوبة الحبس النافذ في حق رئيس جماعة ورزازات إلى سنة ونصف    "لابيجي" تحقق مع موظفي شرطة بابن جرير يشتبه تورطهما في قضية ارتشاء    مقتل 22 شخصا على الأقل في غارة إسرائيلية على غزة وارتفاع حصيلة الضربات على تدمر السورية إلى 68    ترامب ينوي الاعتماد على "يوتيوبرز وبودكاسترز" داخل البيت الأبيض    الحكومة الأمريكية تشتكي ممارسات شركة "غوغل" إلى القضاء    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    حادثة مأساوية تكشف أزمة النقل العمومي بإقليم العرائش    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    البابا فرنسيس يتخلى عن عُرف استمر لقرون يخص جنازته ومكان دفنه    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    كيوسك الخميس | 80 في المائة من الأطفال يعيشون في العالم الافتراضي    المركز السينمائي المغربي يدعم إنشاء القاعات السينمائية ب12 مليون درهم    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية        اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    الأساتذة الباحثون بجامعة ابن زهر يحتجّون على مذكّرة وزارية تهدّد مُكتسباتهم المهنية        جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    الفتيان يواصلون التألق بالفوز على ليبيا    بلاغ قوي للتنسيقية الوطنية لجمعيات الصحافة الرياضية بالمغرب    بوريطة يستقبل رئيسة برلمان صربيا    الحكومة تتدارس إجراءات تفعيل قانون العقوبات البديلة للحد من الاكتظاظ بالسجون    مجموعة سويسرية تعزز حضورها في الداخلة بالصحراء المغربية.. استثمار متزايد في الطاقات المتجددة        ولد الشيخ الغزواني يهنئ الملك محمد السادس بمناسبة عيد الاستقلال    ارتفاع طفيف في تداولات بورصة الدار البيضاء    العصبة الوطنية لكرة القدم الاحترافية تقرر تغيير توقيت انطلاق ديربي البيضاء    توقعات أحوال الطقس لنهار اليوم الأربعاء    منح 12 مليون درهم لدعم إنشاء ثلاث قاعات سينمائية    تفاصيل نجاة فنانة مصرية من الموت        نادال مودعا ملاعب التنس: " أريد أن يتذكرني الناس أنني كنت شخصا طيبا قادما من قرية صغيرة قرب مايوركا"    تلاميذ مغاربة يحرزون 4 ميداليات في أولمبياد العربية في الراضيات    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    من الحمى إلى الالتهابات .. أعراض الحصبة عند الأطفال    فعاليات الملتقى الإقليمي للمدن المبدعة بالدول العربية    أمزيان تختتم ورشات إلعب المسرح بالأمازيغية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    "من المسافة صفر".. 22 قصّة تخاطب العالم عن صمود المخيمات في غزة    روسيا تبدأ الاختبارات السريرية لدواء مضاد لسرطان الدم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لهيب الصحراء - عودة الجزار [ 9 ]
نشر في الصحيفة يوم 17 - 11 - 2022


1. الرئيسية
2. لهيب الصحراء
لهيب الصحراء - عودة الجزار [ 9 ]
محمد الساحلي
الجمعة 31 مارس 2023 - 19:19
رواية لهيب الصحراء هي حكاية عن مقاتل داعشي يراجع أفكاره خلال عملية بين ليبيا والمغرب حين يكتشف فساد أفكار داعش، وتحكم بعض الأنظمة العربية فيها. خلال رحلة أبي حفص عبر صحراء ليبيا، متوقفا في مخيمات تيندوف في الجزائر، يكتشف العلاقات السرية بين أمير داعش في ليبيا والمخابرات الجزائرية. يجد أبو حفص نفسه في مواجهة التناقضات التي يرزح تحتها الفكر الداعشي، وكيف أن القادة يصطادون الشباب مستغلين لحظات ضعفهم الإنسانية لملئ رؤوسهم بأفكار متطرفة وفاسدة. حين يقرر أبو حفص التخلي عن العملية والهروب من سجن أفكار داعش، يجد أمامه ضابطا من المخابرات الجزائرية لهما معا تاريخ مشترك، وعندها تبدأ المواجهة، ويشتعل اللهيب في الصحراء.
[ 9 ]
انتهى الرجال من تناول الفطور بعد صلاة فجر أدركوها متأخرين.
كان أبو حفص أول المستيقظين وأدهشه نور الصباح. التفت إلى الأخ يونس على يساره فوجده، كما كل الرجال، ما يزال نائما، وعلى صدره الكتاب مفتوحا. قام بسرعة ودس الكتاب في حقيبة الأخ يونس ثم هزه بحركات قوية.
"قم يا فتى. تأخرنا. يكاد وقت الصلاة يفلت منا."
قام الرجال وبدأت الحركات السريعة لطرد بقايا النوم ثم الوضوء والصلاة. جاء الفطور بعد انتهائهم من الصلاة مباشرة، ومباشرة بعد انتهائهم من تناول وجبة الفطور جاء الرجل الذي استقبلهم أمس عند نزولهم من المروحية، ومعه مرافقين يلبس بعضهم ملابس البوليساريو العسكرية وآخرون ملابس مدنية خفيفة.
"هيا يا رجال. سأعطيكم اليوم ملخصا للعملية وسنحدد برنامجا تدريبيا للتنفيذ، ريثما يلتحق بنا الأخ أبو مصعب."
خمن أبو حفص أن هذا المتحدث قاس الملامح هو مساعد لأبي مصعب. فكر كيف ستكون ملامح أبي مصعب إذًا لو أن مساعده بهذه القسوة وهذا الاعتداد بالنفس.
انتظم رجال أبي حفص حول الطاولة من جهة واحدة، وانتظم الآخرون في الجهة المقابلة.
"بسم الله توكلنا على الله."
أغمض مساعد أبي مصعب عينيه وأرخى ملامح وجهه وهو يتلفظ بالعبارة، فرفع أبو حفص حاجبيه وأقسم في داخله بأن هذا الرجل ممثل مدعي ليس إلا.
"تعاطُفنا معكم يا رجال كبير. نحييكم على شجاعتكم الشخصية للتطوع لهذه العملية، ونحن مستعدون دوما لتقديم المساعدة كيفما كانت لقادات تنظيم الدولة الاسلامية."
اللهجة الجزائرية المثقلة بالفرنسية التي تخرج من فم مساعد أبي مصعب تزعج أبا حفص وتخرجه من تركيزه وتزيده امتعاضا لكمية النفاق والأكاذيب التي يشعر بها تسيل من فم هذا الرجل.
لا يعرف أبو حفص لماذا شعر بالنفور من هذا الرجل منذ لقاء الأمس القصير، لكنه يعرف الآن أن شكوكه التي كانت تكبر داخله منذ أيام تضخمت وصارت تضغط عليه من الداخل وهي مستعدة للانفجار في أي لحظة.
"أرسل لنا الخليفة شخصيا طلبا متواضعا لنساعدكم يا رجال على اجتياز كل عقبات الطريق حتى تصلوا إلى مدينة الداخلة، وتزويدكم بكل الآليات المطلوبة لتنفيذ عمليتكم المباركة إن شاء الله."
توقف الرجل عن الكلام وعلت وجهه ابتسامة خفيفة حين وصلهم صوت سيارة تتوقف بجانب الباب.
"يبدو أن أبا مصعب قد وصل يا رجال. هو قائد هذه العملية وسيشرف عليكم منذ الآن."
"السلام عليكم."
التفت الرجال إلى مصدر التحية فوجدوا رجلا يقف عند الباب، لكن لم تسمح لهم أشعة الشمس القوية القادمة من الباب بالتدقيق في ملامحه. رأى أبو حفص الظل وعرف فورا أن أبا مصعب هذا هو الضيف الذي زارهم في المخيم تلك الليلة، وتأكد الآن أنه من أتى شخصيا بالعملية للقائد.
تقدم أبو مصعب وأقفل الباب فبدت ملامحه الآن واضحة للرجال، وبصعوبة بالغة قاوم أبو حفص صرخة رعب كادت تفلت منه، فوضع يده على فمه متظاهرا بنوبة سعال مفاجئة ورفع يده الأخرى مستأذنا وجرى نحو الحمام وسط دهشة الرجال التي ارتفعت بعد أن وصلهم صوت تقيؤه من الحمام.
ارتكز أبو حفص بيديه على حوض غسل اليدين وتأمل في ملامح الرعب المنعكسة على وجهه في المرآة.
"غير معقول. يا الله. هذا غير معقول."
عادت إليه نوبة القيء من جديد، وواصل قلبه الانقباض بسرعة كبيرة.
جاءت النقرات خفيفة على الباب مصحوبة بصوت الأخ يونس.
"أأنت بخير أبا حفص؟"
"بخير، بخير. أنا قادم."
غسل أبو حفص وجهه وجلس على كرسي الحمام محتضنا رأسه.
"لماذا يا الله هذا الكابوس مجددا؟"
قاوم دمعات أرادت أن تفر من مقلتيه، فقام وغسل وجهه من جديد، ثم تنفس بعمق وفتح الباب خارجا وهو يجاهد لرسم البسمة على شفتيه.
"معذرة. يبدو أنني بالغت في شرب اللبن على الفطور. معدتي غير معتادة على لبن النوق."
أطلق الرجال ضحكات خافتة، واقترب أبو مصعب من أبي حفص يصافحه. "ألف سلامة عليك أخي أبا حفص." ثم احتضنه بين ذراعيه القويتين وأحس أبو حفص بقشعريرة باردة تنزل على ظهره وانتفض.
ابتعد أبو مصعب إلى الخلف قليلا ولامس جبهة أبي حفص بظهر يديه.
"حرارتك مرتفعة. الأفضل أن نتركك ترتاح هذا الصباح، ثم نكمل اجتماعنا مساءً."
"لا داع لذلك. إنه أمر بسيط."
"سلامتك أهم يا أبا حفص. ما يزال أمامنا متسع من الوقت للاستعداد."
ربت أبو مصعب على ظهر أبي حفص. "هيا يا رجل. عد إلى فراشك لترتاح قليلا،" ثم التفت إلى الرجال، "سنكمل حديثنا مساءً. هيا بنا." ثم خرج وتبعه مساعده وباقي الرجال.
انتظر الأخ يونس حتى خرج الجميع ثم جرى إلى أبي حفص وأسنده على ذراعه حتى وصلا إلى الفراش خلف الستارة بعيدا عن الكاميرا، وهمس له.
"أخبرني يا أبا حفص. ماذا جرى لك؟"
"كما قلت، شربت الكثير من اللبن."
"أنت لم تشرب قطرةً من اللبن هذا الصباح، أبا حفص."
رفع أبو حفص وجهه إلى وجه الأخ يونس المليء بالإصرار المخلوط بالاهتمام وشيء من الخوف.
أصابت الرعشة أبا حفص مجددا، وغطى وجهه بيديه.
"اسمه الحقيقي حسن الغنام، لكنه مشهور جدا بلقبه الجزار."
"من؟"
"أبو مصعب، إنه،" رفع أبو حفص قدميه واحتضن ساقيه بين ذراعيه، وتابع بصوت منخفض. "ضابط مخابرات جزائري[1]."
ندّت عن الأخ يونس آهة خافتة وعاد قليلا إلى الوراء، في حين تمدد أبو حفص على ظهره وأرسل نظراته إلى السقف.
"إنه ضابط مخابرات متخصص في التعذيب. لقبه الجزار يكفي للإفصاح عن وحشيته."
انحنى الأخ يونس نحو أبي حفص وهمس: "كيف تعرفه؟"
استدار أبو حفص برأسه نحو الأخ يونس الجالس أمامه، ونظر إليه بعينين تلمعان. "إنها قصة طويلة،" وأغمض عينيه، فانفلتت دمعة نزلت ببطء على خده.
"دعني الآن من فضلك أخي يونس. سأخبرك لاحقا."
"أعانك الله أبا حفص."
انحنى الأخ يونس ليقبل جبهة أبا حفص، ثم خرج مغادرا. انتظر أبو حفص حتى تأكد من عدم عودته، ثم اعتدل ببطء وأخرج من حقيبته كراس يومياته، وجلس يتأمل في بياض الصفحات.
[1] تعرف المخابرات الجزائرية باسم "دائرة الاستعلام والأمن"، وأيضا "الأمن العسكري". تأسس الجهاز خلال فترة ثورة التحرير ضد الاستعمار الفرنسي، ثم عرف تطورا كبيرا خلال السنوات الموالية وأعيد تهيئته سنة 1965 ليشبه التنظيم الداخلي للمخابرات السوفياتية. يركز حاليا على المهام التالية: مكافحة جميع أشكال التجسس، الحفاظ على الأمن الداخلي للبلاد، وحماية المصالح الحيوية للجزائر في الخارج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.