1. الرئيسية 2. تقارير مرور سنة على رسالة سانشيز.. إسبانيا تثبت على موقفها الداعم للمغرب في قضية الصحراء رغم ضغوطات داخلية وخارجية الصحيفة – محمد سعيد أرباط الثلاثاء 14 مارس 2023 - 22:25 شكلت الرسالة التي وجهها رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، إلى العاهل المغربي محمد السادس، في مثل هذا اليوم من العام الماضي، أي 14 مارس 2022، منعطفا وتحولا كبيرا في موقف مدريد من قضية الصحراء المغربية، إذ انتقلت من موقف الحياد السلبي إلى موقف يدفع نحو إيجاد حل لهذا النزاع الذي عمّر طويلا. هذا التحول "التاريخي" في موقف مدريد لم يكن ليمرّ دون ردود فعل قوية، خاصة أن إعلان سانشيز دعم إسبانيا لمقترح الحكم الذاتي المغربي للصحراء، كان بمثابة "الصدمة السياسية" للجزائر وجبهة "البوليساريو" الانفصالية، وهي صدمة ثانية بعد أقل من سنتين على إعلان واشنطن اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء. وبحلول اليوم 14 مارس 2023، يكون قرار دعم إسبانيا لمقترح الحكم الذاتي المغربي لحل نزاع الصحراء باعتباره "الأكثر جدية وواقعية ومصداقية"، قد أكمل سنته الأولى دون أي تغيير، بالرغم من عدد من الضغوطات على المستويين الداخلي والخارجي، من أطراف سياسية معارضة لحكومة سانشيز ومن دول مثل الجزائر. ومن أبرز الضغوطات التي مورست على مدريد من أجل التراجع عن موقفها الداعم للمغرب في قضية الصحراء، جاءت من طرف الجزائر، التي أقدمت على سحب سفيرها من إسبانيا مباشرة بعد إعلان الأخيرة موقفها الجديد من قضية الصحراء، ثم أتبعت قرار السحب بتعليق اتفاقية الصداقة والتعاون مع إسبانيا وتعليق جميع المعاملات التجارية والبنكية بين الطرفين. واشترطت الجزائر إعادة الروابط والعلاقات مع إسبانيا، بضرورة تراجع الأخيرة عن دعم سيادة المغرب على الصحراء، وهو ما أدى إلى حدوث أزمة ديبلوماسية مع مدريد لازالت مستمرة إلى غاية اليوم، حيث رفضت إسبانيا التراجع عن موقفها ودعت الجزائر إلى عدم التدخل في المواقف التي تتخذها في سياستها الخارجية. ضغوطات أخرى مارستها جبهة "البوليساريو"، عن طريق تجييش العديد من المنظمات والأفراد الموالين لها في إسبانيا، بدفعهم لتنظيم وقفات احتجاجية واستغلال منابر إعلامية للتنديد بقرار سانشيز، وقادت في هذا السياق حملات متواصلة في الشهور الأولى التي تلت إعلان إسبانيا دعمها للمغرب في قضية الصحراء، لكن تلك الضغوطات لم تؤد إلى أي نتائج إيجابية لصالح الجبهة الانفصالية. كما استغلت بعض الأحزاب السياسية الإسبانية المعارضة لحكومة بيدرو سانشيز، هذا التحول في موقف مدريد من قضية الصحراء، لاستغلال القضية من أجل تحقيق مكاسب سياسية، فقادت حملات مضادة تدعو رئيس الحكومة بالتراجع عن موقفه الداعم للمغرب، بدعوى أن هذا الموقف يتعارض مع توجهات الأممالمتحدة لحل النزاع، وتتزامن هذه الضغوطات مع قرب الانتخابات الإسبانية في أواخر هذا العام. لكن رغم هذه الضغوطات الخارجية والداخلية، إلا أن حكومة سانشيز أصرت على المضي قدما في موقفها الجديد، خاصة أنها كانت تهدف من خلاله إلى إنهاء الأزمة الديبلوماسية مع الرباط، إضافة إلى تعزيز العلاقات الثنائية على مختلف الأصعدة مع الجار المغربي، باعتباره شريكا استراتيجيا مهما. ووفق العديد من القراءات السياسية، فإنه بالرغم من أن موقف سانشيز الجديد في قضية الصحراء تسبب في أزمة مع الجزائر، إلا أن أضرار تصدع العلاقات مع قصر المرادية هو أخف بكثير من وقع الأزمة مع المغرب، خاصة أن مدريد لها فرصة لتعويض "الآثار السلبية" لأزمتها مع الجزائر، بالرفع من مستوى العلاقات مع الرباط، وهو ما لا يتوفر في حالة إذا كان الوضع معكوسا. ويتفق عدد من المحللين السياسيين، الإسبان والمغاربة، أن موقف مدريد الداعم للمغرب في قضية الصحراء، هو قرار لا رجعة فيه، بالنظر إلى أهمية المغرب لإسبانيا على مستويات عديدة ولقربهما الجغرافي، في الوقت الذي تنتظر الجزائر ما ستُسفر عنه نتائج الانتخابات المقبلة، على أمل أن تتشكل حكومة جديدة تعيد موقف مدريد إلى سابق عهده.