جلسة عاصفة تلك التي شهدها مجلس الشيوخ الكولومبي اليوم الأربعاء، نتيجة تقديم عريضة من طرف أغلبية الأغضاء، بمن فيهم منتمون إلى تحالف "الميثاق التاريخي – كولومبيا تستطيع" الذي ينتمي إليه الرئيس غوستافو بيترو أوريغو، بقطع بوغوتا لعلاقاتها مع جبهة البوليساريو الانفصالية، والعودة إلى الموقف السابق الداعم لقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وشهد مجلس الشيوخ جدالا واسعة بعد أن نوقشت العريضة التي تضم 60 توقيعا من أصل 108 هم أعضاء الغرفة، والمفاجأة كانت أنه من بين الأحزاب التسعة التي وقعت الوثيقة، أعضاء من الحزب الحاكم، حيث حملت العريضة إدانة صريحة لاعتراف كولومبيا بما يسمى "الجمهورية الصحراوية"، ووصف بأنه قرار لا يستند إلى الواقع وبأنه معارض للجهود الأممية في هذا الباب. ونصت الوثيقة على أن المغرب دولة مهمة وشريك أساس لكولومبيا، وأن ما أقدم عليه الرئيس أوريغو يمثل ضربة لعلاقة الصداقة المتينة التي تجمع الرباط ببوغوتا، وذهبت الوثيقة أبعد من ذلك حين أشادت بالحكم الذاتي المقدم من طرف المغرب، وهو المقترح الذي كانت كولومبيا قد أعلنت دعمها له في عهد الحكومة السابقة. من جهتها أكدت مصادر دبلوماسية من بوغوتا ل"الصحيفة" أن أعضاء مجلس الشيوخ الكولومبي أعربوا عن رفضهم المطلق واختلافهم التام مع الموقف الذي اتخذته الحكومة الكولومبية الجديدة، يوم 10 غشت 2022، الذي تم من خلاله إعادة إقامة العلاقات الدبلوماسية مع جبهة "البوليساريو" الانفصالية المجمدة منذ عام 2001، معتبرين أن هذا القرار قد تم اتخاذه دون تقييم الوضع الحالي، مما سيؤثر بعمق على روابط الصداقة الممتازة التي تربط كولومبيا تاريخيًا بالمملكة المغربية. وأوردت المصادر ذاتها أنه على إثر ذلك، وبفضل جهود البعثة الدبلوماسية المغربية ببوغوتا فقد قرر أعضاء مجلس الشيوخ الكولومبي، الذي يعد المجلس الأعلى في كولومبيا والذي يمثل القوى السياسية الرئيسية للبلد، تقديم عريضة تدعم الوحدة الترابية للمملكة المغربية. وعبر أعضاء مجلس الشيوخ في هذه العريضة عن رفضهم للقرار الذي اتخذته وزارة الخارجية الكولومبية في غشت الماضي، والذي من شأنه إعادة إقامة العلاقات الدبلوماسية مع الجمهورية الوهمية، القرار الذي اعتبره مجلس الشيوخ يتعارض مع أحد المبادئ الأساسية للدبلوماسية الكولومبية، وهو "عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان". وطالب أعضاء مجلس الشيوخ الموقعون في العريضة، الذي يصل عددهم إلى 60 عضوا من أصل 108 عضوا أي أزيد من النصف والذين ينتمون الى تسع أحزاب سياسية كولومبية مختلفة بما في ذلك الحزب الحاكم، حكومة الرئيس غوستافو بترو ووزارة الشؤون الخارجية الكولومبية بمراجعة القرار المتخذ ودعم جهود الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن، للوصول إلى حل سياسي وعملي وواقعي ودائم لهذا النزاع الإقليمي، بما يتوافق مع الشرعية الدولية، ويعزز السلام والاستقرار في هذه المنطقة من العالم. ومما جاء في هذه العريضة أيضا التي تمت قراءتها وعرضها في مجلس الشيوخ من قبل خيرمان بلانكو ألباريس ألثيديس، العضو بمجلس الشيوخ والرئيس السابق لمجلس النواب بكولومبيا، فإن "النزاع حول الصحراء المغربية، أخذ منعطفًا حاسمًا في سنة 2007، عندما قدم المغرب مبادرة مقترح الحكم الذاتي للتفاوض بشأن قضية الصحراء المغربية، لحل نزاع إقليمي استمر قرابة نصف قرن".