تفاعل حزب العدالة والتنمية مع دعوة الملك محمد السادس إلى مراجعة بعض بنود مدونة الأسرة، وذلك من خلال بلاغ تلا اجتماع أمانته العامة الصادر أمس الجمعة، التي يرأسها رئيس الحكومة السابق عبد الإله بن كيران، حيث اشترط الحزب "الاحترام الكامل للشريعة الإسلامية ونصوصها القطعية" والحفاظ على "وحدة وتماسك الأسرة"، من أجل أن ينخرط في هذه العملية. وعبرت الأمانة العامة للحزب الذي قاد الحكومة من 2012 إلى 2021 عن انخراط "البيجيدي" فيما قد تقتضيه مراجعة بعض بنود مدونة الأسرة، إذا اقتضى الحال ذلك، وذلك "في حرص تام على واجب الاحترام الكامل للشريعة الإسلامية ونصوصها القطعية، باعتبار الإسلام دين الدولة، وبما يضمن وحدة الأسرة واستقرارها والمحافظة عليها باعتبارها الخلية الأساسية للمجتمع طبقا لمقتضيات دستور المملكة، كما أكد على ذلك الملك بصفته أميرا للمؤمنين وحاميا للملة والدين". وأوردت الوثيقة أن الأمانة العامة ذكرت "بأهمية الأسرة ومكانتها وأدوارها الجليلة في المجتمع المغربي، كما رعاها دستور المملكة، باعتبارها الخلية الأساسية للمجتمع، وباعتبارها أيضا الركن المتين للمحافظة على الهوية المغربية التي تتميز بتبوء الدين الإسلامي مكان الصدارة فيها". وحذر الحزب من "خطورة استيراد البعض لإشكاليات وقضايا ونماذج لا تمت بصلة إلى المجتمع المغربي ومرجعيته الدينية ولا تطرح باعتبارها قضايا ذات بال لديه، مع التنبيه إلى آثارها السلبية وخطورتها الكبيرة على استقرار الأسرة وقوة المجتمع وصموده في وجه التحديات والصدمات التي تواجه بلدنا"، على حد تعبير بلاغه. وكان الملك محمد السادس قد أشار، في خطاب العرش الأخير، إلى أن من أهم الإصلاحات التي شهدها عهده إصدار مدونة الأسرة واعتماد دستور 2011، الذي يكرس المساواة بين المرأة والرجل، في الحقوق والواجبات، وينص على مبدأ المناصفة، كهدف تسعى الدولة إلى تحقيقه، موردا "الأمر هنا، لا يتعلق بمنح المرأة امتيازات مجانية، وإنما بإعطائها حقوقها القانونية والشرعية. وفي مغرب اليوم، لا يمكن أن تحرم المرأة من حقوقها". وجاء في الخطاب "وهنا ندعو لتفعيل المؤسسات الدستورية، المعنية بحقوق الأسرة والمرأة، وتحيين الآليات والتشريعات الوطنية، للنهوض بوضعيتها، ومن بينها عدم تطبيقها الصحيح، لأسباب سوسيولوجية متعددة، لاسيما أن فئة من الموظفين ورجال العدالة، مازالوا يعتقدون أن هذه المدونة خاصة بالنساء، والواقع أن مدونة الأسرة، ليست مدونة للرجل، كما أنها ليست خاصة بالمرأة؛ وإنما هي مدونة للأسرة كلها. فالمدونة تقوم على التوازن، لأنها تعطي للمرأة حقوقها، وتعطي للرجل حقوقه، وتراعي مصلحة الأطفال، لذا نشدد على ضرورة التزام الجميع، بالتطبيق الصحيح والكامل، لمقتضياتها القانونية". وشدد العاهل المغربي على أنه تعين تجاوز الاختلالات والسلبيات التي أبانت عنها التجربة، ومراجعة بعض البنود التي تم الانحراف بها عن أهدافها إذا اقتضى الحال ذلك، مضيفا "بصفتي أمير المؤمنين، وكما قلت في خطاب تقديم المدونة أمام البرلمان، فإنني لن أحل ما حرم الله ولن أحرم ما أحل الله، لاسيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية، ومن هنا، نحرص أن يتم ذلك في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية وخصوصيات المجتمع المغربي، مع اعتماد الاعتدال والاجتهاد المنفتح والتشاور والحوار، وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنية".