تغيير مثير للانتباه ذاك الذي شهدته أجهزة المخابرات الجزائرية، حيث عين الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون اللواء جمال كحال الشهير ب"مجدوب" مديرا عاما لجهاز الأمن الداخلي التابع مباشرة لرئاسة الجمهورية والذي يتسيد الأجهزة الاستخباراتية في البلاد، وذلك بعد شهرين فقط على توليه الإدارة العامة لمديرية الوثائق والأمن الخارجي، والملاحظ أن مجدوب شخص تلقى تكوينه في أهم مدرسة للاستخبارات في روسيا بالإضافة إلى كونه يتمتع بعلاقات قوية مع إيران. وترأس الفريق أول السعيد شنقريحة، أمس الثلاثاء، مراسيم تنصيب مجدوب في موقعه الجديد خلفا للواء عبد الغني راشدي الذي ظل على رأس الأمن الداخلي منذ أبريل من سنة 2020، هذا الأخير الذي لعب مع خلفه لعبة تبادل الكراسي حيث أصبح مديرا للأمن الخارجي، الجهاز الذي كان مجدوب قد تولى قيادته في 14 ماي الماضي فقط، الأمر الذي يُظهر رغبة في إيصاله بسرعة إلى أهم مراكز صناعة القرار الاستخباراتي على الإطلاق وهو الذي كان "مغضوبا عليه" سنة 2015. وجاء في كلمة شنقريحة خلال تعيين مجدوب أمام قادة وأطر المديرية العامة للأمن الداخلي "آمركم بالعمل معه وطاعة أوامره وفقاً للقواعد العسكرية"، وأضاف "عليكم بتنفيذ تعليماته، بما يمليه صالح الخدمة، تجسيدا للقواعد والنظم العسكرية السارية، وقوانين الجمهورية، ووفاء لتضحيات شهدائنا الأبرار وتخليدا لقيم ثورتنا المجيدة". ومجدوب، المزداد سنة 1967، مر عبر المدرسة العليا للاستعلامات في بني مسوس بالجزائر، قبل أن ينتقل إلى المدرسة العليا المتخصصة "سان سير" بفرنسا، لكن نقلته الأهم في مسار تكوينه كانت هي التحاقه بأكاديمية الاستخبارات الأجنبية التابعة لجهاز "كا جي بي" الروسي، وأصبح بعدها مديرا للدراسات في دائرة الاستعلامات والأمن، قبل أن ينتقل للعمل بالتمثيليات الدبلوماسية لبلاده في عدة دول من بينها فرنسا ولبنان وسوريا، لكن محطته الأبرز كانت في إيران حيث كون علاقات قوية مع الإيرانيين وتعلم اللغة الفارسية التي أصبح يتحدثها بإتقان. وفي 2012 جرت ترقية مجدوب إلى رتبة لواء، وبين عامي 2005 و2015 كان مديرا للأمن الرئاسي، إلى حين وقوع هجوم مسلح على الإقامة الرئاسية في زرالدة حين كان يقطنها الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الذي كان يعاني وقتها من تبعات الجلطة الدماغية، وسُمع آنذاك دوي الرصاص داخلها، وانتهى الأمر بإقالة مجدوب، ثم محاكمته بتهمة الإهمال الخطير، ليحكم عليه ب3 سنوات سجنا نافذا قبل أن تتم تبرئته في المرحلة الاستئنافية. ويأتي وصول مجدوب للموقع الاستخباراتي الأهم في الجزائر، في زمن يتزايد فيه الحديث عن الدور الإيراني التعاظم داخل هذا البلد، والذي سبق أن أشار إليه وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة العام الماضي باعتبارها تقف وراء تسليح جبهة "البوليساريو" الانفصالية، وفي العام نفسه قال وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، وهو رئيس الوزراء حاليا، من الرباط، إن المغرب وإسرائيل "يتشاركان القلق بخصوص دور الجزائر التي أضحت أكثر قربا من إيران في المنطقة".