أصبحت إسبانيا تُقلل اعتمادها على الغاز الجزائري بشكل ملحوظ بعد الأزمة الدبلوماسية التي تلت قيام حكومة بيدرو سانشيز بإعلان دعمها لمبادرة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء، إذ بعد أن تفوقت الكميات التي تستوردها من الولاياتالمتحدةالأمريكية على نظيرتها القادمة من الجزائر، سجل شهر يونيو الماضي تفوقا للغاز الروسي أيضا، على الرغم من الحرب الجارية في روسيا والعقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على موسكو. وأظهرت أرقام واردات الغاز الخاصة بشهر يونيو الأخير أن كميات الغاز الروسي تفوقت لأول مرة على نظيرتها الجزائرية، فقد اقتنت مدريد شحنات لإنتاج الكهرباء بما يعادل 8752 جيغاوات في الساعة من موسكو، في مقابل 7763 جيغاوات في الساعة من الجزائر، وبذلك أصبح الغاز الروسي يمثل 24,4 في المائة من إجمالي إمدادات هذه المادة في السوق الإسباني، في حين اكتفت الجزائر ب21,6 في المائة على الرغم من استمرار أنبوب الغاز المتوسطي الرابط مباشرة بين البلدين في العمل. ويأتي ذلك بعد أن كانت أرقام واردات الغاز الخاصة بالثلث الأول من سنة 2022، والصادرة في ماي الماضي، قد كشفت أن إسبانيا خفضت اعتمادها على الغاز الجزائري إلى 29 في المائة عوض 60 في المائة خلال الفترة نفسها من العام الماضي، بينما أصبحت تعتمد بشكل أكبر على إمدادات الغاز المسال القادم من الولاياتالمتحدة التي تضاعفت بنسبة قاربت 392 في المائة. ووفق الأرقام نفسها فقد أصبحت الولاياتالمتحدة المصدر الأول للغاز الواصل إلى إسبانيا بما نسبته 43,3 في المائة، حيث ارتفعت الكميات القادمة عبر السفن خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام بحوالي 77 في المائة مقابل انخفاض الغاز الوارد عبر الأنبوب الجزائري بأكثر من 48 في المائة، وهو الأمر الذي تسبب فيه أيضا قرار قصر المرادية مع متم أكتوبر من سنة 2021 بوقف العمل بأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي المار عبر التراب المغربي في ظل الصراع مع الرباط. وكانت الجزائر قد لوحت مرارا بوقف صادراتها من الغاز إلى إسبانيا، تارة بسبب موقف مدريد الجديد من ملف الصحراء، وتارة بسبب استيراد المغرب للغاز عبر إسبانيا حيث شكك الجزائريون في أن يكون الأمر مُتعلقا بعملية إعادة البيع قبل أن تنفي مدريد ذلك رسميا، وأيضا بعد تحذيرات من الاتحاد الأوروبي دفعت الجزائر إلى إعلان وفائها بالتزاماتها التعاقدية مع الإسبان.