أردنا أن نربط الماضي بالحاضر من خلال الحديث عن موضوع صار حديث العام والخاص هذه الأيام، وهو موضوع تعرض طالبات جامعيات للتحرش من طرف أساتذة جامعيين. نعود بكم اليوم إلى أواخر شهر يونيو من سنة 1991، حين نجحت الطالبة نعيمة، المنحدرة من اقليمالناظور، في السنة الثالثة قانون عام بالفرنسية، بكلية العلوم القانونية والاقتصادية بجامعة محمد الأوا بوجدة، فكان عليها اجتياز امتحان الشفوي للمرور للسنة الرابعة، وهي سنة الإجازة. استعدت نعيمة رفقة زميلاتها وزملائها للشفوي، وكان الأستاذ المعني بجانب أستاذين آخرين، يختار إدخال كل طالب بشكل منفرد، ليأتي دور ابنة الناظور. لاحظت نعيمة أن الأستاذ يسألها أسئلة عسيرة جدا، فطلبت منه طرح أسئلة تنسجم مع المادة المدرسة، فضحك وخاطبها بالقول: "كل شيء سهل، لكن للسهل ثمنه". طالبت نعيمة من الأستاذ توضيح ما يقول، فكان جوابه أن تدفع "كرامتها" مقابل نقطة عالية جدا. لتكون هذه العبارات نقطة تحول في الحوار بين الطرفين. لم تتمالك نعيمة نفسها لتصفع خد الأستاذ ثم بصقت في وجهه، صارخة: "أنت كلب.. أطلب هذا من الرخيصات مثلك".. ذُهل الأستاذ لرد فعل الطالبة، وبعدها فتح الطلبة باب القسم لتشرح لهم زميلتهم ما حدث. تمت محاصرة الأستاذ قبل أن ينطلق الطلبة في مسيرة داخل الكلية منددين بتصرف الأستاذ، ومشيدين بشهامة ابنة الناظور التي لم ترض لنفسها الحصول على نقط عالية مقابل كرامتها. تدخل عميد الجامعة، فكان أن أعفى الأستاذ من اجتياز امتحان الشفوي لطلبته، ولأن الدليل غائب لم يستطع توجيه تهمة التحرش للأستاذ. تمكنت نعيمة من النجاح، وبعدها بسنة حصلت على الإجازة.. هي اليوم إطار بإحدى الوزارات بالعاصمة الإدارية الرباط. أردنا الحديث عما حدث لنعيمة حتى تكون عبرة لمن بعدها من طالبات، وحتى تبقى الجامعة للمُجد المجتهد، لا لمن تهين كرامتها بإباحة جسدها لذئاب بشرية في جلباب "دكتور جامعي".