نعود بكم اعزائي القراء الى قصة جديدة من سلسلة "اقرأ" للكاتب احمد بوكماخ هو الأب الروحي والبيولوجي لهذه السلسلة التي جاءت في مرحلة مابعد استقلال المغرب لترسم بعد ذلك مسار جيل عريض من المغاربة، وهذه القصة عنونها كاتبنا "الله يرانا"وحكى مايلي: ذهب لص إلى بستان ليسرق منه عنبا؛ وكان معه ابنه؛ ولما وصل الى البستان وقال له :اذا رأيت احدا من الناس قادما فاصفر صفيرا عاليا؛ حتى اسمعك، واختفي في مكان لا يراني فيه احد. ثم تسلق اللص بسور البستان واخذ يقصف عناقيد العنب، ويضعها في سلة كبيرة كانت معه. وبعد زمن قليل سمع صفيرا عاليا، فجرى مسرعا للهرب من البستان، ويلتفت يمينا وشمالا فلا يرى احدا. فقال اللص لولده :انني ما رأيت احدا هنا، فلماذا صفرت، هل رئاني احد؟ فقال: نعم ،رآك الله المطلع على كل شيئ فقال الاب :نعم رآني الله المطلع على كل شيء ثم تاب عن السرقة. كان كاتبنا يتنبؤ بعد مرور اكثر من نصف قرن سيظهر محترفون في السرقة ولصوص كبار وفي مناصب عليا بنهبون ممتلكات البلاد وممتلكات الأشخاص دون اذنهم او موافقتهم بقصد حرمانهم من املاكهم والانتفاع به بغرض التمليك، ويمتهنون حرف الاختلاس والنصب والنهب والسطو والاحتيال والاستيلاء ،ناسين ماقاله الابن لابيه اللص ان الله يرانا، ناسين ان الله عز وجل هو الرقيب الذي لايغيب عنه شيئ من امور خلقه، ويرى أحوال عباده، ويحصي اعمالهم، فهو مطلع على ضمائرهم، يعلم ويرى ولا يخفى عليه سر، قال سبحانه:(ان الله كان عليكم رقيبا) ان القيام بالأعمال الصالحة والاخلاص والخوف من الله يبعد المسلم عن الرياء ويزرع في النفس الشجاعة والقوة، لعلمه ان الخوف الحقيقي هو من الله تعالى وليس من العبد. اذا كان اللص الذي سرق العنب قد تاب بعدما ان آمن ان الله مطلع على كل شيئ، فمتى يأتي دور هؤلاء الناهبين التذرع لعز وجل من أجل طلب التوبة ومغفرة الذنوب ورد الارزاق المنهوبة لذويها والعزم ان لا يعودوا فيها، فهذه هي التوبة، انطلاقا من قوله تعالى (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون).. خذوا الحكمة من بوكماخ.. فلقد كان يخاطب عصرنا قبل عقود من الزمن.