مطعم "تقسيم" وسط الناظور، صُمم على وفق الطراز التركي، ونال اسمه من ساحة تقسيم الشهيرة ببلاد الأناظول.. هو مطعم حين تدخله تشعر أنك وسط إحدى المدن التركية. داخل المطعم شباب يعملون هناك يهمسون بينهم بكلمات تركية، وحتى الموسيقى المصاحبة تركية لفانين أتراك مشهورين.. فلا شيء يوحي أنك وسط مدينة الناظور. يبدو أن هناك ميل نحو النموذج الثقافي التركي من قبل الشباب المغاربة عموما، ومنهم الشباب الناظوري، الذي صار حلم الكثير منهم زيارة لبلاد العثمانيين. تقول سميرة وهي من رواد مقهى "تقسيم"، أنها "مفتونة بتركيا التي زارتها الصيف الماضي في رحلة منظمة، دامت ثلاثة أسابيع، وخاصة طريقة طبخ الأتراك، وهذا ما جعلها تقصد المطعم الذي يجيد طبخ الأطباق التركية". وتزيد سميرة، "ليس فقط الطعام من يستهويني في بلاد الأتراك، بل اللباس أيضا، والذي يتماشى مع شروط الحشمة والأناقة في نفس الوقت، وهذا ما لا نجده في الملابس القادمة من أوروبا الغربية". صديقة سميرة، واسمها هاجر، اعترفت أن المسلسلات التركية كانت سببا رئيسيا في الإقبال على النموذج التركي، فقد قالت: "لم تسبق لي زيارة تركيا، لكن أتابع الثقافة التركية عبر المسلسلات وصور انستغرام التي تعرضها الفتيات اللواتي قمن بزيارة إلى هذا البلد". وزادت هاجر: "كل شيء يبدو جميلا في تركيا، من مدن وطعام ولباس وأغاني.. لذلك نحن نقبل على هذا النموذج الفريد الذي لم يعد يستهو شباب المغرب فقط، بل كافة الشعوب العربية". فاطمة الزهراء سيدة متزوجة، تبلغ من العمر 29 سنة، تقصد محلا لبيع الملابس التركية بشارع الجيش الملكي وسط الناظور، وتعترف أنها لم تعد تقصد محلا غيره لشراء الملابس. تقول فاطمة الزهراء : "الملابس التركية تجمع بين الجودة وتوفر شروط الحشمة بالنسبة لامرأة متزوجة مثلي، لذلك نقصدها لاقتناء ما نلبس، رغم أن ثمنها مرتفع مقارنة بملابس أخرى". ويبدو أنه حتى الجنس الذكوري بالناظور بدأ يميل إلى النموذج التركي، فمطعم تقسيم مثلا يزوره يوميا عشرات الشباب لأخذ الوجبات التركية والاستماع لأغاني هذا البلد. الملابس التركية الذكورية بدورها بدأت تلقى إقبالا كبيرا من قبل الشباب الناظوري، خاصة سراويل الجينز المصنوعة بتركيا، والأحذية والقمصان، والتي يبدو أن أسعارها تنافسية تساعد على اقتنائها بكثرة. زينب شابة ناظورية عشرينية ذهبت أبعد ما يكون حين صرحت "أنها ستقيم حفل زفافها خلال رأس السنة الميلادية المقبلة، وقد اتفقت مع خطيبها على إقامة عرس وفق الطقوس التركية". وعملت زينب على اقتناء ملابس تركية أصيلة، وأخرى عصرية بدأ الأتراك يستعملونها في مناسبات الأعراس، وحتى الحلوى اتفقت مع ممون الحفل على أن تكون تركية مائة بالمائة. وعلى النقيض من ذلك، يرى ميمون، وهو ناشط أمازيغي، "أن النموذج التركي وإن كان جديرا بالدراسة إلا أنه يشكل خطورة على ثقافة المغاربة، لأن هناك تأثر شامل قد ينسينا ثقافتنا الأصيلة". ودعا ميمون إلى تشجيع الشباب على التعاطي مع الثقافة المغربية الأمازيغية بشكل جدي،وتشجيع ذلك، خاصة خلال المناسبات، حتى لا تندثر ثقافتنا أمام ثقافات أخرى.