ضيّق غياب الجالية المغربية المقيمة بالخارج، عن أرض الوطن، خلال الصيف الحالي، الخناق على المدن الشرقية والشمالية بالمملكة، والتي تعتبر أكثر المناطق بالبلاد، من حيث عدد الأفراد المنحدرين منها، الذين يقيمون في الدول الأوروبية أوالعالمية. ويمنح أفراد الجالية في كل صيف دفعة قوية لاقتصاد مدن مثل تطوان والحسيمة في الشمال، والناظور والسعيدية في الشرق، حيث ينتعش معهم التجار والمهنيون والحرفيون، وفي بعض الأحيان، تصل أرباح بعض المهنيين، إلى أزيد من نصف مداخيلهم طوال الشهور التي سبقت الصيف. ووجد كافة التجار والمهنيين والحرفيين ومعهم أصحاب الشركات الصغرى والمتوسطة، أنفسهم في أزمة خانقة، بسبب استمرار تفشي الفيروس التاجي، رغم كل المجهودات التي بذلت من السلطات للقضاء عليه، منذ تسجيل أول حالة في بداية شهر مارس الماضي، الأمر الذي نجم عنه غياب الجالية، وعجزها عن العودة لأرض الوطن. وفي هذا السياق، قال امحمد (55 سنة)، بائع سمك بسوق مدينة زايو، الواقعة بإقليم الناظور:"خلال صيف السنوات الماضية، كنا ننتعش مع دخول أفراد الجالية، وسأتحدث عن نفسي، في الصيف الفائت، كنت أجني يوميا ما لا يقل عن 250 درهما، ربحا صافيا، ولكن في السنة الحالية، لا تتجاوز مبيعاتي اليومية كلها 200 درهما". وتابع المتحدث ذاته:"زايو تعتبر من أكثر مدن الشرق وحتى الشمال من حيث نسبة الجالية المتواجدة بالخارج، واعتاد أبناؤها الذين كانوا يقصدونها سنويا، على تشجيع الاقتصاد المحلي، ومنحه دفعة قوية، لأن أغلبهم كان يشتري كل مستلزمات بيته وأكثر، وخاصة من اللحوم البيضاء والحمراء، وكنا نستفيد نحن بائعي الأسماك من تواجدهم أيضا". أحمد (45 سنة)، يعمل بأحد مقاهي مدينة رأس الماء، أو قابوياوا، كما يناديها سكان المنطقة،قال في حديثه :"إنه لا مجال للمقارنة بين السنوات الماضية وهذه السنة. في العام الماضي، كان الشاطئ يعرف رواجا كبيرا، من أفراد الجالية، وكانت المقاهي تعج بالزبناء، والمطاعم أيضا". واسترسل:"لا يمكن أن أنكر بأن أبناء البلاد، وخاصة القاطنين بالمدن المجاورة، يأتون للشاطئ، ولكنهم في الغالب يزورون قابوياوا للسباحة فقط، وفي الغاب يجلبون معهم وجبات الفطور، وحتى الشاي أو القهوة يعدونها في مكانهم، وفي ظل هذا الوضع، تعرف المقاهي قلة إقبال، ما يعني تضرر صاحبها والعمال أيضا". رغم لجوء مجموعة من المطاعم والمقاهي ببلدة رأس الماء، إلى تخفيض أسعار خدماتها، عن المعتاد، حيث عمد مطعم إلى بيع أطباق بأثمنة أقل بنحو 20 في المائة عن السنوات الماضية، إلا أن الإقبال عليها ما يزال ضعيفا، والأمر راجع بدرجة أولى، إلى غياب الجالية. ويرجع بعض السكان المحليين أسباب ضعف الإقبال، إلى "تموقف" المواطنين من المقاهي والمطاعم خاصة في مدينتي السعيدية ورأس الماء، بالإضافة للناظور، بعد أن يقدمون خدماتهم بأثمنة باهظة في السنوات الماضية، في ظل وجود الجالية، ما دفع المواطنن لمقاطعتهم، وهو الأمر الذي لم يجد معه تخفيض الأثمنة في وقت الأزمة. وإلى جانب ذلك، لم ينجوا قطاع كراء الدراجات المائية، من هذه الأزمة، حيث عرف هو الآخر ضررا كبيرا، وأجبر على تخفيض الأثمنة في بعض المدن، من 700 درهم لكل نصف ساعة، إلى 300 درهم، أي بأزيد من 100 في المائة، ورغم ذلك، تضاءل الزبناء بنسبة تفوق النصف. يشار إلى أن جبل القطاعات والمهن والحرف بمدن الشمال والشرق، عرفت تضررا كبيرا خلال الصيف الحالي بسبب عدم عودة الجالية المغربية، وهو الشأن نفسه لباقي مناطق المملكة، وبالأخص المناطق التي يعتمد اقتصادها على السياحة بدرجة أولى.