الحياة عادت إلى طبيعتها بشكل تام حتى في الجهات التي تعرف استمرار ارتفاع حالات الإصابات يومياً. كل المؤشرات تشير إلى إنهاء سياسة الاختباء من الجائحة، والاستمرار في مواجهتها من خلال تدابير احترازية ووقائية، لكن الواقع يظهر أن تطبيقها يبقى صعباً بعد تحرير المغاربة من الحجر الصحي. هذا الوضع يطرح سؤالاً مقلقاً مفاده: هل تتهدد المغرب انتكاسة صحية خلال الأيام القادمة؟ مسؤولون في الداخلية والأمن وأعضاء اللجنة العلمية والتقنية المعينة من طرف وزير الصحة، المكلفة بتتبع وتدبير تفشي جائحة فيروس "كورونا" المستجد، يجيبون كل في مجال تخصصه، عن سؤال كيف تتوقع تطور مؤشر انتشار الوباء في أوساط المغاربة بعد الرفع النهائي للحجر الصحي؟ وهل الوضع الوبائي متحكم فيه على أرض الواقع كما يتم التسويق لذلك رسمياً؟ أم هناك توقعات مسكوت عنها؟ وبماذا أوصت اللجنة العلمية لتدبير المرحلة القادمة؟ وهل القطاع الصحي بموارده البشرية وبنياته التحتية قادر على مواصلة تحمل واستيعاب ارتفاع عدد الإصابات المسجلة يومياً؟ ماذا عن المناطق التي عرفت ظهور بؤر للوباء مثل آسفي؟ وكيف يتم تدبير الوضع فيها؟ وما هي الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لعدم تكرار ظهور البؤر المهنية والتجارية التي تبقى مصدر تخوف لدى مهنيي قطاع الصحة. أسئلة وأخرى نجيب عنها في هذا الملف الذي ينقل على لسان المسؤولين كيف ستكون حياة المغاربة وهم يتعايشون مع "كورونا" المستجد. انتهى الحجر الصحي.. والطوارئ مستمرة ! أين ما وليت وجهك تواجه سؤالاً حول احتمال عودة تطبيق الحجر الصحي في المغرب بسبب استمرار تفشي الجائحة. المغاربة في كل فضاء يكررون لازمة: "بعد عيد الأضحى سوف يدخلوننا إلى المنازل مجدداً". فهل هذا صحيح؟ حسب المسؤولين العودة إلى الحجر الصحي خيار مستبعد، ولا مصلحة للمغرب والمغاربة في إعادة تطبيقه، خاصة وأن الوضع الاقتصادي يمر من مرحلة حرجة جداً، عنوانها عدم القدرة على الاستمرار في سياسة الدعم المباشر من جهة، وحاجة البلاد إلى تدوير عجلة الإنتاج للتخفيف من الانعكاسات التي خلفتها الجائحة خلال أشهر مارس وأبريل وماي وحتى يونيو. الاقتصاد أم صحة المواطن؟ سؤال طرح "تيكيل عربي" على وزير الشغل والإدماج المهني محمد أمكراز، وكان جوابه: "خيار تغليب صحة المواطن على الاقتصاد أؤكد لكم أنه توجيه ملكي سامي وصارم، ويكرر على مسامعنا دائماً". وأوضح الوزير أن "تمديد تطبيق حالة الطوارئ الصحية على كافة التراب الوطني إلى غاية ال10 من شهر غشت القادم، دليل على أن المغرب مازال حريصاً على صحة المواطن". في المقابل، اعتبر وزير الشغل والإدماج المهني، أنه "لا يمكن أن نغلق المغرب ككل، ونعمم إجراءات الحجر الصحي، بسبب منطقة واحدة ظهرت فيها بؤرة وبائية". البروفيسور شكيب عبد الفتاح، عضو فريق اللجنة العلمية والتقنية المكلفة بتدبير وتتبع الجائحة على مستوى وزارة الصحة، استبعد بدوره العودة إلى تطبيق الحجر الصحي خلال المرحلة القادمة، وذلك بالرغم من استمرار تسجيل ارتفاع في عدد الإصابات بالفيروس. وكشف البروفيسور أن "اللجنة العلمية والتقنية سبق لها وأوصت في فترة ذروة تطبيق الحجر الصحي، برفع الأخير عن الجهات والمناطق التي لا تعرف تسجيل عدد كبير من الإصابات". وشرح المتحدث ذاته موقفهم بالقول: "كنا دائماً ننصح في اللجنة العلمية والتقنية برفع الحجر الصحي عن مجموعة من المناطق، لتعطينا رؤية واضحة عن تطور الوضع الوبائي فيها، ولاحظنا أنه بعد تخفيف الحجر الصحي ظهرت إصابات عند مجموعة من الأشخاص لا تظهر عليهم الأعراض، وما كنا لنعرف الوضع بشكل واضح لو استمر الحجر في تلك المناطق". وتابع البروفيسور شكيب عبد الفتاح أن "الظرفية فرضت خروج المغاربة من منازلهم، والآن صعب جداً إقناعهم بالعودة إليها بالنظر إلى مجموعة من العوامل المترابطة، فيها ما هو صحي وما هو اجتماعي وما هو ثقافي، وأساساً ما هو مرتبط بقوت يومهم الذي تضرر كثيراً بسبب الجائحة، لذلك يبقى الحل هو إقناع المغاربة بالالتزام بالوصفة التي تمزج ما بين التحرر من قيود الحجر الصحي والالتزام بقيود الوقاية الصحية". مصدر رفيع من وزير وزارة الداخلية، أكد بدوره ، أن "خيار العودة إلى الحجر الصحي صعب بالنظر إلى القرارات التي تم اتخاذها بشأن فتح مجموعة من الأنشطة و الفضاءات وعودة دوران عجلة الإنتاج والخدمات". في المقابل، يشدد المصدر ذاته على أن "درجة اليقظة والحذر ما تزال في أعلى مستوياتها، وذلك ما يفسر تمديد تطبيق حالة الطوارئ الصحية، وسوف تتعامل السلطات بحزم لأجل الصحة العامة في أي منطقة". التعايش مع "كورونا" من جملة التساؤلات التي يطرحها المغاربة يومياً "لماذا أدخلونا إلى المنازل ونحن نسجل عشرات الحالات يومياً؟ ثم أخرجونا من الحجر ونحن نسجل اليوم مئات الحالات يومياً". الجواب تحمله تفسيرات علمية عن الوضع الوبائي ساقها البروفيسور شكيب عبد الفتاح، عضو فريق اللجنة العلمية والتقنية المكلفة بتدبير وتتبع الجائحة على مستوى وزارة الصحة. وقال: "أولاً يجب أن يعرف المغاربة أن كل التجارب والدراسات أظهرت أن الفيروس لن يوقفه ارتفاع درجة الحرارة، وعليه، فإن استمرار انتشار العدوى في فصل الصيف أصبح أمراً واقعاً، وهذا ما نتابعه يومياً من خلال التقارير الصادرة سوء في المغرب أو دول أخرى تعرف ارتفاع درجة الحرارة بشكل أعلى من بلادنا". "لماذا طبقنا الحجر الصحي في وقت كانت فيه عدد الإصابات أقل واليوم رفعناه الحالات أكثر؟" يتساءل المتحدث ذاته ويجيب في الوقت ذاته: "لأنه من الناحية العلمية هناك تطور في معرفة الفيروس، والثابت علميا الآن معرفة دقيقة بعوامل الإماتة بسبب مرض (كوفيد – 19)، والتي يمكن التحكم في مضاعفاتها والدليل على ذلك ارتفاع حالات الشفاء المسجلة يومياً". وأوضح البروفيسور شكيب عبد الفتاح أن "العلماء توصلوا إلى أن الفيروس يؤثر على عروق البشر ويقفلها، عكس ما كانوا يعتقدون في السابق، أي أنه يسبب التهابا على مستوى الرئة، ينتج عنه ضيق في التنفس، ويمكن إسعاف المريض بمنح التنفس الاصطناعي فقط، وبذلك سوف يتم القضاء عليه. لقد فهنا الفيروس إلى حدود اللحظة بشكل جيد، وهذا يعود بالأساس إلى الكم الهائل من التجارب السريرية التي أنجزت على المرضى. في أوروبا، كان عدد الوفايات مرتفعاً لأنهم استهانوا بالمرض في البداية، ولم يسعفهم الوقت في تدبير شروط استقبال جميع المرضى، كم لم يسعفهم وضع معايير للتفريق بين من يجب أن يدخل المستشفى ومن يجب أن يذهب للمنزل من المخالطين والاستمرار في مراقبتهم". عامل آخر، رأى عضو اللجنة العلمية والتقنية لتدبير وتتبع جائحة فيروس "كورونا" المستجد، ساهم في التقليل من مخاطر الجائحة في المغرب، وهو "المجهود الكبير في اكتشاف المرض لدى أشخاص لا تظهر عليهم الأعراض، وهؤلاء نقوم بعزلهم وتتبعهم دون أن يكونوا مصدر ضغط على المستشفيات العمومية. بل بلغنا نسبة 90 في المائة من الحالات تكتشف قبل أن تُبلغ هي عن ذلك. وهذا الأمر ساعدنا على التحكم في الجائحة حتى مع ظهور البؤر". وأشار المتحدث ذاته، إلى أن "الشعب يكون مناعة ضد الفيروس، وكل من أصيب ولم تظهر عليه أعراض كسب مناعة سوف تستمر معه لمدة لا تقل عن ستة أشهر، وفي شتنبر القادم لن يكون معه مشكل". في الوقت ذاته، يشدد البروفيسور شكيب عبد الفتاح على أن "ما نعرفه وما ينشر علميا سوف يبقى صحيحاً إلى حين ظهور تطورات أخرى في الفيروس مستقبلا، وهذا التوقع محتمل علميا بالنسبة لفصيلة فيروس (كورونا)". وعن الوضع الصحي للمصابين الذين يخضعون للعلاج اليوم، تحدث عضو اللجنة العلمية والتقنية عن أن عددهم في تراجع، وأضاف: "اليوم هناك 20 مريضاً فقط في أقسام الإنعاش بسبب المرض، من بينهم 5 في المستشفى الجامعي ابن رشد بالدار البيضاء، وهذا مؤشر جيد". "إلى حدود اللحظة وبكل صدق وبشكل مباشر ليس هناك خطر حقيقي"، يقول البروفيسرو شكيب عبد الفتاح، لكنه يحذر من تطورات يمكن أن تقع خلال الأيام القادمة. ما هي هذه التطوروات؟ يجب المتحدث ذاته بطرح سؤال: "هل نحن قادرون في قطاع الصحة العمومية على الاستمرار بنفس النسق؟ الآن هناك تحدي في الحفاظ على جاهزية الأطر الطبية والتمريضية. لا يجب أن نقفز على المضاعفات الصحية والنفسية التي لحقت بهم وبأسرهم، وهناك مؤشرات تفيد بدخول مرحلة الإنهاك التام بسبب استمرار توقف منح العطل والعمل لساعات إضافية، بالنسبة لنا هذا هو الخطر الحقيقي". "نحن لا نزال ما بين 80 إلى 120 في اليوم كمعدل متوسط من عدد الإصابات، لكن 500 حالة في اليوم (قاصحة)، وقد يهدد هذا الارتفاع المرضى الذين عادوا للاستشفاء بعد رفع الحجر عن المستشفيات العمومية". هنا طرح موضوع مذكرة توجيهية صدرت عن وزير الصحة خالد آيت الطالب، والتي تتضمن خطة الحجر الصحي المنزلي للأشخاص المصابين الذين لا تظهر عليهم أعراض مرض "كوفيد – 19″، خيار تحدث عنه البروفيسور شكيب عبد الفتاح بنبرة مطمئنة، وشدد على أنه تمت تعبئة كافة الإمكانيات البشرية واللوجستيكية لإنجاح هذا الخيار في حصار الجائحة. كما طرح شكيب عبد الفتاح، تخوفاً آخر، وهو "تسجيل ذروة من الإصابات خلال الدخول الجامعي القادم"، وفسر ذلك بالقول: "في الجامعات يصعب تطبيق التباعد الاجتماعي، وكل فضاءاتها قد تتحول إلى بؤر بسبب غياب تطبيق صارم لوسائل الوقاية والحماية". كما عبر عن تخوفه من تسجيل ارتفاع في الإصابات بالفيروس بعد فتح الحانات، وقال في هذا الصدد: "في الدول الأوروبية ولأسباب لا نزال نجهلها، تحولت الحانات لمصدر خطير لتفشي الوباء". في المقابل، سجل البروفيسور أن اللجنة العلمية والتقنية كان عندها تخوف من فتح الشواطئ بسبب شروط الاصطياف فيها، ولكن لحد الآن ليست هناك مؤشرات بأنها ترفع من عدد الإصابات، والبؤر التي تظهر توجد أساساً في المراكز التجارية والصناعية". وعن فرضية تسجيل موجة ثانية في الخريف القادم، أوضح المتحدث ذاته: "نحن مستمرون في الموجة الأولى، ولا يمكن الحديث عن موجة ثانية سوى عندما ننزل إلى مستوى تسجيل 10 أو 20 حالة في اليوم فقط لفترة تتجاوز الأسبوعين". شبح البؤر من بين التخوفات التي تطرحها يومياً اللجنة العلمية والتقنية لتتبع وتدبير جائحة فيروس "كورونا" المستجد، استمرار مشكل البؤر خاصة في الأوساط المهنية والتجارية. وزير الشغل والإدماج المهني محمد أمكراز، صرح بأن هذا الموضوع لا تشتغل عليه وزارة الشغل لوحدها، وهم واعون بأن هذا الرهان حقيقي لإنجاح الخروج من الحجر الصحي بأقل الخسائر الصحية". وتابع الوزير أنه، منذ "عودة النشاط الاقتصادي ظهرت بؤرتان فقط، (لالة ميمونة) وبؤرة معامل تصبير السمك في مدينة آسفي، والتحقيق مستمر بشأنها للكشف عن أسباب ظهورها". ولفت أمكراز إلى ضرورة "عدم إسقاط أن العاملين في البؤر التي ظهرت يأتون من الأحياء ومن أوساط مختلفة. هل دفعت بؤرتا "لالة ميمونة" ومعامل تصبير السمك الحكومة لاتخاذ اجراءات أكثر حزماً؟ سؤال طرح على وزير الشغل والإدماج المهني، وكان جوابه: "اتخذنا إجراءات كثيرة قبل ظهور البؤر، آلاف المؤسسات تمت زياراتها، وكلها قامت بالتحليلات، ولم تواصل أي وحدة إنتاجية أو صناعية أو خدماتية نشاطها إلا بعد التأكد من تسجيل صفر حالة في صفوف العمال والمستخدمين". وتابع الوزير أن "هناك لجان مشتركة تضم مصالح وزارات الشغل والداخلية والصحة والتجارة والصناعة والفلاحة والصيد البحري تقوم بزيارات يومية للمنشآت الاقتصادية، وتقدم تقارير يومية مشتركة، توقع عليها جميع هذه المصالح التابعة للوزارات، وتوجه ملاحظات صارمة إن وقفت على عدم تطبيق البروتوكلات الصحية الموصى بها". وكشف الوزير، أنه "تم اتخاذ قرارات قاسية في حق مجموعة من المقاولات التي لم تلتزم، تصل حد الإغلاق. في بؤرة (لالة ميمون) قلنا هناك خطأ. التحقيق مستمر إلى اليوم ولجان الوزارات ممثلة بالمفتشيات في عين المكان لإنهاء التحقيق الإداري، كما أن هناك تحقيق قضائي". أمكراز لم يستبعد وقوع أخطاء في المستقبل داخل المنشآت الاقتصادية، لكن يشدد في الوقت ذاته بعبارة "هدشي ما فيهش اللعب وسوف يتم التعامل بصرامة مع أي مقصر في الحفاظ على السلامة الصحية للمغاربة". وجدد وزير الشغل والإدماج المهني التأكيد على أن "عددا من المقاولات تم إغلاقها بسبب عدم استجابتها للشروط الصحية التي وضعت أو لطبيعة البنيات التي تشتغل فيها"، وأن "هذه العملية بدأت منذ 15 أبريل الماضي". وفي سياق الحديث عن شبح البؤر الصناعية، تم الاتصال بالمديرة الجهوية لوزارة الصحة بجهة مراكش – آسفي لمياء شاكيري، وحين التواصل معها كما صرحت بذلك، كانت في طريق العودة من مدينة آسفي حيث سجلت آخر بؤرة صناعية فاق عدد المصابين فيها بالفيروس ال500 مصاب. وقالت المديرة الجهوية لوزارة الصحة، عن الوضع في المدينة بعد تسجيل البؤرة: "الوضع في آسفي تحت السيطرة، تم اتخاذ مجموعة من الاحتياطات، لكن الرهان الأول هو على المواطنين، الذين يجب أن ينخرطوا معنا من أجل تطبيق البروتوكول الصحي الذي تم اعتماده". وتابعت المتحدث ذاتها، بخصوص تبعات بؤرة معامل تصبير السمك، أنه "تم عزل جميع الحالات المصابة والمخالطة، وهناك زيارات ميدانية يومية لمختلف مرافق المدينة، بالإضافة إلى التحقيق الإداري المفتوح بخصوصها". و سألنا عن الإجراءات التي تم اتخاذها في جهة تعرف نشاطاً سياحيا وإنتاجيا مهما، وهل شملت التحاليل كافة المقاولات السياحية والصناعية والتجارية والإنتاجية والخدماتية؟ وكان جوابها: "قمنا بتحليلات شاملة وواسعة. وكما قلت لكم هناك لجن تقوم بزيارات من أجل التشديد على تطبيق الاجراءات الصحية، والتقليل من عدد العاملين ما أمكن في مختلف المنشآت، كما تم على مستوى ولاية جهة مراكش – آسفي، إصدار قرارات بشأن مقاولات لم تحترم البروتوكلات الصحية، وعندما نجد أي حالة في أي مقاولة نغلقها في الحال ونقوم بالتعقيم والتحليلات، والمقاولات التي تنتفي فيها شروط مواصلة نشاطها بشكل آمن تغلق بشكل نهائي إلى حين استجابتها للمعايير الموضوعة بشأن محاصرة الجائحة". وبخصوص تدبير الوضع الصحي في مدينة آسفي، والحديث عن مظاهر عدم الالتزام بشروط الوقاية والحماية الصحية في الفضاءات العمومية، فسرت المديرة الجهوية لوزارة الصحة بجهة مراكش – آسفي لمياء شاكيري، ذلك بالقول: "في البداية كانت هناك خطة عمل خلال فترة تطبيق الحجر الصحي، ما سهل علينا محاصرة أي خطر لتفشي الجائحة. مع الحجر الصحي كان تعامل المواطنين أكثر وعياً، والآن الواقع يتطلب مجهودات مضاعفة. لا يمكن أن تتحكم في سلوكات المواطنين بشكل يومي من أجل احترام شروط سلامتهم الصحية. فرغم توفير البنيات التحتية والتجهيزات وتعبئة الموارد البشرية، لا يمكن التعويل سوى على وعي المغاربة". وأشارت لمياء شاكيري بدورها، إلى أن "ما يعقد المهمة هو أن 90 في المائة من الحالات لا تظهر عليها أعراض المرض بالمطلق، ويمكن أن تنقل الفيروس بشكل كبير في أوساطها". ورأت المتحدثة ذاتها، أن "الرهان في آسفي مستمر على حصر المخالطين، رغم أن المهمة تكون صعبة بالنظر إلى العدد كبير في الإصابات، وهذا الأمر لا يمكن أن نخفيه". المسؤولة الجهوية عن الصحة، تأسفت لتغير الأوضاع في المدينة بالقول: "آسفي كانت طيلة الحجر خالية من الفيروس، وصمدت في وجه الجائحة لأشهر، وفجأة ارتفعت الحالات إلى أكثر من 500، كان الأمر مفاجأة ونعمل اليوم على أن لا تتكرر في الجهة". مسألة أخرى تم طرحها على المديرة الجهوية لوزارة الصحة بجهة مراكش – آسفي لمياء شاكيري، والمرتبطة بعودة النشاط السياحي إلى مدينة مراكش يوم ال14 من شهر يوليوز الجاري، وما هي الإجراءات والتدابير التي اتخذت بهذا الشأن لمنع تسجيل بؤر في المنشآت الفندقية. وكان جواب المسؤولة في هذا الصدد: "في ما يتعلق بالسياحة نعمل على تسريع وتيرة إنجاز التحليلات المخبرية. إلى حدود اللحظة شملت 60 في المائة من المقاولات السياحية". هل ظهرت حالات إيجابية داخل المنشآت الفندقية في مراكش؟ الجواب دائماً على لسان المسؤولة ذاتها: "نعم. ظهرت في مجموعة من الفنادق حالات إيجابية للإصابة بالفيروس. وهنا نطبق مباشرة بروتكول يفرض على الفندق الإخلاء التام والقيام بتعقيم شامل، وتنظيم مسح ثاني شامل للكشف عن الإصابات لدى مستخدميه". وكشفت المسؤولية أيضاً، تشكيل لجنة على مستوى ولاية جهة مراكش – آسفي، ستكون مهمتها مراقبة التطورات الصحية وتطبيق التوجيهات الصارمة داخل المنشآت الفندقية. ما بين الردع والتوعية الملاحظ في الشارع والفضاءات العامة وقبالة مراكز الاصطياف وفي المقاهي والمطاعم، أن المغاربة وكأنهم قررواً فجأة التخلي عن ارتداء الكمامات الواقية والحفاظ على التباعد الاجتماعي. هذه المشاهد تطرح السؤال حول استمرار السلطات العمومية والأمنية في الوقوف على مدى احترام تطبيق الإجراءات الوقاية والصحية. كما يطرح رفع الحجر الصحي تحدياً آخراً أمام السلطات، بالنظر إلى الوضع الاجتماعي الذي أفرزته تداعيات تفشي فيروس "كورونا" المستجد في المغرب، وهل يمكن أن يفرز ارتفاعاً في معدلات الجريمة؟ وكيف تخطط المديرية العامة للأمن الوطني لمواجهة ذلك؟ مصدر من وزارة الداخلية، قال في جوابه عن السؤال بشكل مباشر: "إذا قمنا بالردع سوف نقفل كل شيء" وأضاف: "وزارة الداخلية اليوم تعول على وعي المواطنين، يجب أن يكونوا واعين بما يقع، وأن يعوا بأن سلامتهم الصحية مسؤوليتهم هم أولاً، وأن يساعدوا مختلف السلطات على تطبيق ما يجنب المغرب أي تطور صحي لا نرغب فيه جميعاً". وتابع المصدر أن "السلطات تراقب الوضع، ويومياً تحرر مخالفات بشأن عدم احترام شروط وإجراءات الوقاية والسلامة الصحية، ويشمل هذا الإجراء الجميع". مصدر رفيع من المديرية العامة للأمن الوطني، قال بدوره ، إن "دور مصالح الأمن هو تطبيق القانون، ونحن ملتزمون بذلك". وبخصوص مظاهر عدم الالتزام بارتداء الكمامات في الفضاءات العمومية، وهل تم تجاوز تطبيق دورية رئاسة النيابة العامة بهذا الشأن، شدد المصدر الرفيع من المديرية العامة للأمن الوطني، على أن "تطبيق القانون بشأن عدم ارتداء الكمامة مستمر، ولا يزال الخروج بدونها مخالفة يجب أن ينضبط لها المواطنون من أجل سلامتهم الصحية". في المقابل، قال المسؤول الأمني إن "العناصر الأمينة لا يمكنها أن تلج الفضاءات العمومية لتفرض بأسلوب الردع التباعد الاجتماعي"، وعبر عن ذلك بالقول: "ما يمكنش نبداو ندخلو للقهاوي والمطاعم ومراكز الاصطياف، ونعبرو ميترو ونص بين شخص وآخر". وكشف المتحدث ذاته، أن "هناك توجه آخر لدى مصالح الأمن، وهو مواكبة رفع الحجر الصحي، بتكثيف دوريات الأمن وحضور قوي لشرطة المرور والجولان". وأشار في هذا الصدد إلى أن "المديرية العامة للأمن الوطني أنجزت دراسة توقعية، أظهرت نتائجها إمكانية ارتفاع حوادث السير. هذا الأمر مهم أيضاً، وسيكون من تبعات رفع الحجر الصحي، لذلك نعمل على التخفيف من الحوادث التي يمكن تسجيلها، والعمل على التقليل من الخسائر البشرية والمادية". وتحدث المسؤول الأمني الرفيع أيضاً، عن "تقوية الدوريات المحمولة ليلاً ونهاراً على المستوى الوطني، لمواجهة أي ارتفاع في معدلات الجريمة بعد رفع الحجر الصحي، وهذه مسؤولية تحرص المديرية على توجيه أوامر صارمة بخصوصها، وعدم التساهل مع أي مظهر من مظاهر الجريمة، وتدخل بسرعة لتحييد أي خطر يمس سلامة المواطنين وممتلكاتهم". وبالعودة إلى ما يتعلق بمساهمة عناصر الأمن في تطبيق احترام التدابير والتوصيات الصحية والتزام بها، قال المسؤول الأمني الرفيع: "كما لمسنا تجاوبا كبيرا من المواطنين خلال فترة الحجر الصحي، يجب أن نعمل جميعاً على تعزيز هذا الحس بالمسؤولية الجماعية ، ولا يمكن أن يتم ذلك بالردع والزجر. هناك وعي كبير لمسناه على أرض الواقع، في تدبير هذه الجائحة، رغم تسجيل انفلاتات محصورة في بعض المناطق، هذا أمن جماعي وطوق نجاة جماعي، والمديرية العامة للأمن الوطني توجه عناصرها بالتعامل على هذا الأساس". وبخصوص تأمين الفضاءات العمومية خاصة منها مراكز الاصطياف، والتي شهدت إقبالا كبيراً بعد رفع الحجر الصحي، كشف مصدر أن "هناك توجيهات لإنزال مكثف للدوريات الأمنية بالشواطئ والمصطافات وكل فضاءات الاستجمام والغابات. لدينا رهان قوي بأن يستشعر المواطن أهمية سلامته بعد خروجه من الحجر الصحي وإلى حدود اللحظة تظهر جميع المعطيات والمؤشرات أننا موفقون في ذلك".