المغرب ينتقل إلى المرحلة الثالثة من التطبيع مع كورونا عودة تدريجية للدورة الاقتصادية العادية وتحذيرات من تفاقم الحالة الوبائية المراقبة الاعتيادية خلال الحجر الصحي على امتداد ثلاثة أسابيع الأخيرة، ارتفع عدد إصابات كورونا في المغرب بشكل ملحوظ، ونجم عن ذلك تزايد للحالات الحرجة بالعناية المركزة، وللوفيات التي سجلت أعلى معدلاتها منذ أبريل المنقضي. وهو ما ينسبه الخبراء لعوامل على رأسها رفع تدابير الحجر الصحي، وعدم احترام الإجراءات الوقائية، وتجاوز عدد التحليلات لمليون تحليلة، محذرين من تدهور الوضع بأقسام الإنعاش عشية المرحلة الثالثة من تخفيف الحجر الصحي بالمملكة. وفي هذه الظرفية المشوبة بالحذر من خطر استفحال الوباء ببلادنا، جاء إعلان الحكومة أمس الأحد، عن المرور إلى المرحلة الثالثة من "مخطط تخفيف الحجر الصحي" ابتداء من منتصف ليل 19 يوليوز 2020، وذلك بناء على ما وصفه بلاغ للحكومة بخلاصات التتبع اليومي والتقويم الدوري لتطورات الوضعية الوبائية بالمملكة، وفي إطار مواصلة تنزيل التدابير اللازمة للعودة التدريجية إلى الحياة الطبيعية، وإعادة تحريك عجلة الاقتصاد الوطني. وبموجب هذا القرار، سيتم على المستوى الوطني تأطير المرحلة المقبل وفق إجراءات التخفيف التالية: أولا السماح للمؤسسات السياحية باستعمال 100 في المائة من طاقتها الإيوائية، دون تجاوز 50 في المائة مثل المطاعم والمسابح والقاعات الرياضية.. ثانيا السماح باستخدام 75 في المائة من الطاقة الاستيعابية للنقل العمومي بين المدن وداخلها وفق شروط محددة، ثالثا، ترخيص تنظيم اللقاءات الرياضية الرسمية دون جمهور، رابعا ترخيص التجمعات والأنشطة التي يجتمع فيها أقل من 20 شخصا، خامسا افتتاح المراكز الثقافية والمكتبات والمتاحف والمآثر في حدود 50 في المائة الاستيعابية. كما تقرر الإبقاء على جميع القيود الاحترازية الأخرى، التي تم إقرارها سابقا في حالة الطوارئ الصحية، مثل منع الأفراح وحفلات الزواج وقاعات السينما والمسابح العمومية والجنائز.. وفي استجابةٍ لمطالب المراقبين، شرعت وزارة الصحة في تقديم حصيلة أسبوعية حول معطيات الجائحة بالمغرب والعالم. وأفادت الجمعة الماضي، أنه ابتداء من شهر ماي 2020 تم تعزيز قدرات المختبرات واعتماد استراتيجية الكشف المبكر، بالإضافة إلى الرفع من عدد الاختبارات الذي وصل إلى 20 ألف تحليلة يوميا، وما مجموعه مليون و128 ألف اختبار.. وأوضحت جميلة جبيلي، رئيسة قسم الإعلام والتواصل بالنيابة بوزارة الصحة، أن سن الأشخاص المصابين بالفيروس يتراوح ما بين 55 و30 سنة مع متوسط السن وهو 55 سنة، مشيرة إلى أن سبب الإصابة في فئة الشباب راجع لسببين؛ أولا عملية الكشف بالوحدات الصناعية، ورجوع هذه الفئة إلى العمل بعد تخفيف الحجر الصحي. وبخصوص فقرة "الحدث البارز"، أفادت المسؤولة بأنه بعد تسجيل ارتفاع مفاجئ في منحى عدد الحالات المؤكدة بمدينة طنجة، وظهور بعض البؤر الوبائية، التي تسببت في حدوث حالات الوفيات، تم إرسال فرق للدعم ومواكبة الفرق الجهوية، حيث قامت الوزارة بتعزيز العرض الصحي على مستوى الجهة بمجموعة من المعدات الطبية والتقنية لجميع مستشفيات الجهة. وعلى مستوى، فقرة التوعية والتحسيس، جددت التأكيد على ضرورة احترام أربعة إجراءات وقائية وهي احترام مسافة الأمان، وارتداء الكمامة الواقية، وغسل اليدين باستمرار بالماء والصابون، وتحميل تطبيق "وقايتنا" مع تشغيل تقنية "البلوتوث" بصفة متواصلة. من جهته، وفي قراءة لاتجاهات الحالة الوبائية بالمملكة، اعتبر عز الدين الإبراهيمي، مدير مختبر البيولوجيا الحيوية بكلية الطب والصيدلة بالرباط، أن ارتفاع عدد الإصابات مرتبط بمجموعة من العوامل على رأسها؛ رفع الحجر والتقاء الناس، ثم وصول الفيروس لمجموعة من الأشخاص الذين كانوا محميين مثل المسنين وذوي الهشاشة الصحية، مما يعرضهم لخيار الحياة أو الموت. وبالنسبة للتحول المحتمل في شراسة كورونا ببلادنا، قال البروفيسور، إنه بالمقارنة مع 80 بلدا تظهر وجود طفرة معينة في الشوكة البروتينية للفيروس، والتي تسمح له بالانتشار أكثر، حيث انتقل من الطفرة المسماة D614 إلى طفرة تسمى G46، موضحا أن هذا الانتشار يثير مخاوف حول الطاقة الاستيعابية للإنعاش، وتسطيح منحنى الإصابات. واستغرب الباحث ذاته، من الأشخاص الذين ينفون وجود الفيروس، مستشهدا بحالة طبيب من طنجة، قضى أزيد من ثلاثة أيام في الإنعاش بسبب الإصابة بكوفيد-19. وشدد على أن الفيروس التاجي موجود، ويمكنه في ظل وضعية معينة أن يؤدي إلى أعراض خطيرة حتى لدى الشباب الأصحاء، وليس المرضى والمسنين فقط. وأضاف الإبراهيمي، أن الإصابة والشفاء بعدها، لا تعني عدم الإصابة مرة أخرى بالفيروس وبالتالي نقله لأشخاص في وضعية هشاشة صحية، داعيا إلى وضع الكمامة التي أثبتت دراسات أنها تخفف من الإصابة بخمسين في المائة. وذلك حتى لا نضع منظومتنا الصحية على المحك. في سياق متصل، حذر الاتحاد الأوروبي من موجة ثانية للوباء تدخلها دوله مع الشتاء القادم.