[email protected] من بين الأفلام التي تم عرضها في الدورة الحادية عشرة لمهرجان مراكش السينمائي، فيلم “عاشقة من الريف” لخارجته المغربية -عفواً- ل”مخرجته” نرجس النجار صاحبة فيلمي “عيون جافة” و “أنهض يا مغرب”. بعد انتظار طويل من أجل التفاتة سينمائية مغربية لمنطقة الريف حيث ملاحم البطولة والتضحية، وحيث مظاهر الشهامة والكرم والنبل الإنساني في أبهى صوره، نفاجأ بفيلم يحمل اسم الريف، ليس من أجل إعادة الاعتبار للمنطقة التي همشت ردحا من الزمن ثقافيا واقتصاديا وتنمويا، بل من أجل مسخه وتشويهه والنيل من عزته وإبائه. فبدل أن يسعى المركز السينمائي المغربي من خلال مديره العام نور الدين الصايل إلى تمويل مشروع فيلم حول معركة أنوال الخالدة، أو حول السيرة الذاتية للبطل العالمي الخالد محمد بن عبد الكريم الخطابي، أو محمد الشريف أمزيان، أو حول جريمة الغازات السامة المستعملة لقمع المقاومة في الريف خلال الحرب التحريرية، والتي ما يزال سكان الريف يعانون منها إلى اليوم، بحيث إن أعلى نسبة إصابة بالسرطان في المغرب، تعرفها منطقة الريف، بدل هذا كله لم يرتئ السيد الصايل إلا دعم فيلم كله إهانة وتسفيه لمنطقة الريف الشامخة، والذي أغدق عليه بدعم يقدر بنصف مليار سنتيم، وهي بطبيعة الحال أموال الشعب المغربي (أموال دافعي الضرائب). وحتى لا يكون كلامنا مجرد إدعاءات واتهامات مجانية، أورد بعض المقاطع المسيئة للريف ولأهله. 1- بطلة الفيلم التي هي فتاة “ريفية” في ريعان الشباب (20 سنة) اسمها “آية” (نادية كوندا)، يهديها -أو بالأحرى- “يبيعها” أخوها الأكبر لمشغله بارون المخدرات “مراد الزكندي” من أجل مصالح مادية وأرض يستغلها لزراعة الحشيش. 2- بث لقطات لسحاقيات داخل المؤسسة السجينة التي كانت “آية” أحدى نزيلاتها. 3- تعري الشباب وممارسة الجنس الرخيص . 4- مشاركة البطلة في قتل صديقتها 5- تجارة المخدرات وظفت -من خلال الفيلم- بنية الإساءة للمنطقة… هذه نقط قليلة مما يعج به الفيلم -إذا صح أن يسمى كذلك- من مظاهر الإهانة المعنوية لساكنة الريف. بيع العرض والشرف – ممارسة الجنس المثلي (السحاق) – الميوعة والجنس – القتل والإجرام – المخدرات… إنها صور وشيم لا تمت إلى المنطقة بصلة. فمتى كان الريفيون يتاجرون بأعراضهم من أجل المصالح المادية، وهم أشد المغاربة عفة وأصالة، كما يؤكد ذلك روم لاندو في كتابه “تاريخ القرن العشرين”؟ ثم إن تجارة المخدرات لا يستفيد منها الريفيون إلا بنسبة ضئيلة، في حين يغتني منها الأباطرة والمحميون من ذوي النفوذ والسلطة من مختلف أرجاء المغرب. وخير دليل على ذلك أن سكان منطقة شفشاون -مسرح أحداث الفيلم- من أفقر المغاربة على الإطلاق، فلو استفادوا فعلا من المخدرات لتحسنت أوضاعهم المادية. الريفيون يوضعون فقط في الواجهة، ويضحى بهم كأكباش فداء في هذه التجارة الدولية، في الوقت الذي تصل فيه المبالغ الصافية إلى جيوب الكبار الذين لا تصلهم شظايا التهم والاعتقالات والشبهات. وللإشارة فان هذه المخرجة ذاتها قد سبق لها أن أساءت لأهل الأطلس كذلك في فيلمها “عيون جافة”، الذي لا يقل خسة ودناءة عن “عاشقة من الريف”. ولا أريد أن أتهم المخرجة -من خلال تركيزها على منطقتي الأطلس والريف- بمعاداة الأمازيغ، ولكن بالتأكيد تسيء إلى المغاربة جميعا، لكونها لا تحمل من “تمغربيت” إلا الاسم والنسب الجغرافي، أما ثقافتها وتوجهاتها فهي غربية مائة بالمائة. فسيناريو الفيلم “عاشقة من الريف” مقتبس من قصة “نساء في صمت” من تأليف أمها (نفيسة السباعي) “المغربية” الأصل الفرنسية اللسان والثقافة. وهنا أطرح سؤال العلاقة بين مضامين أفلامها والدعم السخي الذي تتلقاه من الدوائر الفرنسية والبلجيكية والغربية عموما. دعم مالي مقابل ماذا؟؟؟ ففيلمها “عيون جافة” تلقى دعما ماليا من صندوق سينما الجنوب الفرنسية تجاوز 2.1 مليون درهم. أما عن الجوانب الفنية والجمالية للفيلم، فإن معظم تقييمات النقاد والكتاب السنمائيين (مصصفى المسناوي، أحمد سجلماسي، عبد الله الدامون، حسن بنشليخة…) فقد اعتبرت هذا العمل السينمائي هزيلا للغاية، لا يرقى إلى مستوى أن يدرج في مهرجان مراكش السينمائي أو بالأحرى “المهرجان الفرونكو-فرنسي” على حد تعبير المخرج نبيل لحلو.