بتت جنايات فاس في أضخم ملف تزوير بمراكز تسجيل السيارات المغربية. ويتعلق الأمر بملف مركز الناظور الذي توبع فيه في ملفين منفصلين، 65 متهما، بعد سنتين من محاكمتهم، برأت الغرفة بعضهم ووزعت عقوبات سالبة للحرية في حق آخرين تراوحت بين سنة واحدة حبسا موقوف التنفيذ و10 سنوات حبسا نافذا، في أحكام روجعت استئنافيا. أكبر عقوبة أدين بها ابتدائيا، رئيس المركز ونائبه، قبل تخفيضها استئنافيا إلى 3 سنوات حبسا نافذا لكل واحد منهما، بعدما توبعا في حالة اعتقال ومهاجر ببلجيكا مستفيد من وثائق مزورة، خفضت عقوبته استئنافيا لسنتين ونصف، قبل أن يتضاعف رقم المتهمين في ملف ثان بعد تعميق البحث في هذه الفضيحة المدوية التي شهدها هذا المركز قبل سنوات. "تزوير وثائق متعلقة بوظيفتهما وتسليم أخرى إدارية لأشخاص لا حق لهم فيها واستعمالها والارتشاء والمس بنظم المعالجة الآلية للمعطيات"، بعض من تهم جنائية وجنحية ثقيلة ومتعددة توبعوا بها، وجرت عليهم ويلات ومشاكل على غرار مهاجرين من بلدان مختلفة توبعوا بتهم "المشاركة في تلك الأفعال وحيازة سيارات بدون سند صحيح". لم يكن المهاجرون المستفيدون من الوثائق المزورة، وحدهم المتابعين في ثاني ملفي فضيحة تعشير السيارات المدوية التي هزت أركان هذا المركز، بل حتى موظفون سرحوا مقابل كفالات تراوحت بين مليونين و3 ملايين سنتيم، وتوبعوا لمنحهم إعفاءات من رسوم جمركية بدون إذن من القانون وتزوير وثائق إدارية وبطرق لا تخلو من تدليس ونصب ومحاباة. المحكمة وبعد 12 جلسة أعادت تكييف متابعتهم، وأدانت اثنين منهم ب18 شهرا حبسا نافذا لأجل "منح إعفاء من رسم جمركي بدون إذن من القانون والتزوير في وثائق إدارية"، إضافة إلى 5 آخرين أدينوا بسنة واحدة حبسا موقوف التنفيذ، فيما برئ 36 عاملا مهاجرا من المنسوب إليهم من تهم، 5 منهم فصل ملفهم على الملف الأصلي لتخلفهم وأحدهم حوكم غيابيا. الملف الأضخم عددا حصد رؤوسا كبيرة في مركز تسجيل السيارات وبعض أصحاب محلات الفحص التقني وعدة مهاجرين وتجار سيارات مستعملة، تورطوا في تزوير ملفات تعشير السيارات المستقدمة من الخارج خاصة "ميرسديس"، باستعمال طرق غير قانونية وتحديد حمولات غير حقيقية ومزيفة، ورغم عدم استيفاء الملفات للشروط القانونية المطلوبة. وما كان للفضيحة أن تنفجر لولا شكايات مجهولة وجهت للجهة القضائية المختصة ووضعت الأصبع على الجرح الذي لم يلتئم بصدور الأحكام، لتصدر أوامر قضائية بالتحقيق الذي وقف على حقائق صادمة متعلقة بتعشير سيارات "المرسيديس" خاصة "210" و"310″ فاق عددها 162 سيارة، بأسعار لا توازي تلك الحقيقية باستعمال تلك الوثائق الإدارية المزورة. بعض تلك السيارات عشرت للإسعاف وأدرجت على أساس أنها "سيارات عادية" كما أدرجت في البطائق الرمادية الخاصة بها، بمبالغ تعشير زهيدة ورمزية وحمولات غير محددة قانونا، طريقة ناجعة للتلاعب في التعشير، لكنها لم تقد المتورطين لبر النجاة من أحكام سالبة للحرية، بينهم 5 موظفين بالمركز أحدهم كان موضوع قرار إداري سابق لمحاكمته. تزوير حمولة السيارات الأجنبية والمبالغ الحقيقية لتعشيرها رغم سلامة بطائقها الرمادية، فوت على الدولة ملايير السنتيمات، ما جعل إدارة الجمارك تنتصب طرفا مدنيا في الملفين، إذ حكمت لها المحكمة بتعويضات ضخمة تراوحت بين 15 و61 مليون سنتيم، يؤديها المتهمون كل حسب درجة خطورة الأفعال التي تورط فيها وإضرارها بمصالح هذه الإدارة. ولم يكن هذا الملف الوحيد الذي نشر غسيله في ردهات محاكم الدائرة القضائية لاستئنافية فاس، بل نظرت ابتدائية المدينة في ملفات مماثلة أحدها متعلق بتزوير البطائق الرمادية ووثائق السيارات الأجنبية المتحصل عليها من جنحة السرقة، سوئل على ضوئه أشخاص من عائلات مالية وسياسية نافذة، أغلبهم برئوا من المنسوب إليهم من تهم. حميد الأبيض