متابعة في الوقت الذي تحذر فيها التقارير الرسمية وغير الرسمية الإسبانية والأوروبية من الخطر الذي تشكله المنظمات الإجرامية المتخصصة في تهريب الحشيش انطلاقا من السواحل المغربية صول الجنوب الإسباني، لاسيما في ظل رفع المزارعين من قوة تركيزها؛ يبدي القضاء الإسباني تساهلا كبيرا مع كبار أباطرة الحشيش، إذ أنهم يدخلون السجن متى يشاؤون ويغادرونه متى يشاءون مقابل مبالغ مالية كبيرة تضخ في خزينة الدولة الإسبانية. عملية «شراء الحرية» هذه من قبل أباطرة الحشيش بإسبانيا خلقت جدلا حادا بين الجسمين الأمني والقضائي، إذ يرى الأول أنه في الوقت الذي يقوم فيه بجهود جبارة لمطاردة واعتقال المهربين يأتي القاضي ويطلق سراحهم، ما «يحطم معنويات عناصر الأمن». في هذا الصدد، وضد كل التوقعات، كشفت معطيات جديدة أن زعيمي أكبر «إمبراطورية» لتهريب الحشيش من المغرب وإسبانيا «اشتريا» الحرية بعد دفع غرامة مالية وصلت إلى 320 مليون سنتيم، رغم معارضة النيابة العامة التي قررت استئناف القرار. بدورها عبرت الجمعيات المهنية للشرطة والحرس المدني عن امتعاضها من إطلاق صراح البارونيين اللذين يقودان شبكة «آل كاستانيون» المهيمنة على تهريب الحشيش فيما يعرف في أبجديات المهربين بطريق «كامبو دي جبل طارق». هذه الطريق كانت منذ صيف 2018 هدف حملات موسعة للأجهزة الأمنية الإسبانية، والتي قادت إلى اعتقال أكثر من 1500 مشتبه فيهم ودفعت أيضا مهربين كبار إلى الاستسلام. ويتعلق الأمر بفرانسيسكو تيخون آل كاستانيوس، كبير مهربي الحشيش في «كامبو جي جبل طارق»، وشقيقه أنطونيو تيخون. الأول اشترى حريته مقابل 120 مليون سنتيم كغرامة. والثاني اشتراها مقابل 200 مليون سنتيم. علما أن فرانسيسكو تيخون كان قد سلم نفسه إلى الأمن الإسباني في أكتوبر بعد أن كان مبحوثا عنه منذ سنة 2016، وفق صحيفة «آ ب س». إطلاق سراح البارونين مقابل مبلغ مالي مهم أثار غضب جمعيات مهنيي الأمن والحرس المدني، حيث عبر بعضهم قائلا:«هذا القرار هو خطوة إلى الوراء، يحطموا معنوياتنا بمثل هكذا قرار». فيما كان شقيقه أنطونيو اعتقل في شهر يونيو 2018، بتنسيق بين الأجهزة الأمنية الإسبانية والمغربية بعد مطاردة هوليودية وماراطونية دامت أكثر من 19 شهرا بين البلدين. وتشير التقديرات الأولية إلى أن الثروة المعروفة ل»لوس كاستانيوس» تزيد عن 30 مليار سنتيم، كما أنهما يسيطران على 70 في المائة من نشاطات تهريب الحشيش المغربي عبر مضيق جبل طارق صوب أوروبا. إذ يحتلان، بذلك، المرتبة الأولى بعد البارون المغربي عبد الله الحاج المعروف بلقب ميسي. فمثلا في صيف 2016 وحده تمكنا من تهريب 150 طنا من الحشيش إلى الجنوب الإسباني، إذ يقومان ب4 إلى 6 رحلات تهريب يوميا، إذ ينقلان في كل رحلة انطلاقا من سواحل المغرب ما بين طنين إلى ثلاثة من الحشيش. ويبلغ قيمة الطن الواحد قبل توزيعه 300 مليون سنتيم، وطنين 600 مليون سنتيم.