لا يخفى على أحد من الطلبة الذين يتابعون دراستهم الجامعية بكلية الناظور المتعددة التخصصاات الانتشار المُهول للجموع الغفيرة من الأطفال الذين يتراوح أعمارهم بين الست سنوات واثنى عشر، يُمارسون التسول- بملابس بالية ووُجوه شاحبة ، في غالب الأحيان يستعملون نبرة توّسلٍ أقرب إلى البكاء ، يصل بهم الأمر الى طلب العطف والشفقة من أجل الرأفة لحالِهم ؛ كما يستعملون كل أنواع الكلمات للتأثير عليك.. ممارسة السعاية أو كما يصطلح عليه ب "الشحاتة"، أصبح أمرا معمولا به في وقتنا الحالي، حيث نجد أمّا ترسل ابنها الصغير البالغ من العمر ست سنوات أو أقل ، دون أن تأبه له أو الخطر المحدق به وبحياته ، فلا يهمها إلا جمع بعض الدريهمات ، فالمثير في الأمر أن بعض الأمهات تجدهن يقمن بتغطية وجوههن لكن لا يبالين بالأطفال ولا لباسهن.. ما يجعل المُشاهد ومن يُعايش الواقع بشكل يومي يتساءل حول هوية هؤلاء الأطفال الذين واللواتي تستعملهن هاته الأخيرة ( النساء) في التسول.. هل هم من دمهن؛ أم يستغلونهم لأنهم يتامى أو اطفال متخلى عنهم؟؟ الغاني :عندما تُعطى لهم صدقة لا نساعدهم بل نقوم بتشجيعهم على التسول لا أريد التحدث في هذا الأمر ولكن لابد منه، أكيد ان الكل لاحظ تواجد مجموعة من الاطفال في سن التمدرس يمارسون يوميا التسول بالكلية، ولكن ما لم نلاحظه هو انه عندما تُعطى لهم صدقة لا نساعدهم بل نقوم بتشجيعهم على التسول المُعاقب عنه قانونا، ومنبوذ أخلاقيا، و القضية ان هؤلاء الاطفال تذهب امهاتهم بعدما تقوم بتلقينهم المهام المنوطة بهم، حيث يجلسن بعيدا عن الكلية، وتنتظر الى حين عودتهم كلما حصلوا على مبلغ مقنع. هكذا علّق عزالدين الغاني، الطالب بكلية سلوان عن انتشار المتسولين في جنبات الكلية. وأضاف عزالدين، أن هذه الممارسة لم تكن بالكلية الى حين خُصص لهم صندوق التبرعات من طرف الطلبة، وانتشرت لديهم فكرة التسول في أرجاء الكلية.. كما دعى الطلبة اذا كانوا فعلا يريدون مساعدتهم فيلقوموا بجمع التبرعات لكن ألا يقوموا باعطاءها لهم بل يجب تخصيص لُجينة من أجل شراء لهم كتب و يقوموا بارجاعهم للدراسة ما دام ان الأمر لم يفت بعد .. اما اذا كان بمدهم درهما، اليوم قد يأتي ثلاث فقط غدا ستصبح الكلية مرتعا للسعاية. سهيلة :الأمر يستدعي تدخل جمعيات المجتمع المدني لمعرفة ظروفهم الحقيقية أما سهيلة بلال، طالبة في العشرينات من عمرها قالت – يختار الأطفال الذين يمارسون التسول دائما الكلية كفضاء للتسول، لأن فئة الطلبة هم الأكثر إنسانية على الإطلاق..يظن الأطفال المتوسلون دائما أن فئة الطلاب ستتعاطف معهم، وفعلا، هذا ما يحدث غالبا، يجد الطلبة أنهم أمام أطفال مكانهم الطبيعي هي المدرسة، فيقدمون لهم ما يستطيعون عليه من المساعدة من أجل توفر أبسط الظروف لاستكمال الدراسة.. لكن، لا يمكن الجزم بأنه الحل السحري، بل يستدعي الأمر تدخل جمعيات المجتمع المدني لمعرفة ظروفهم الحقيقية وتقديم المساعدة اللازمة لضمان أدنى حقوق العيش الكريم.. ميغيس :انقاذ هؤلاء الاطفال وتقديم لهم المساعدة التي تجعلهم قادرين لمتابعة دراستهم يروي محمد ميغيس طالب بشعبة القانون العام ل" ناظور بريس" بأنه يحز في نفسه كلما رآى أطفالا في عمر الزهور ترتسم على ملامحهم علامات البراءة والطفولة رغم البؤس الظاهر عليهم يتسولون في أرجاء الكلية يستثيرون عاطفة الطلاب بلباسهم الرث مقابل دراهم تسد حاجتهم وحاجة أهلم إن كانوا صادقين في ذلك، عكس ما يقال ان هؤلاء الاطفال ضحية لشبكات الاتجار في البشر يتم توزيعهم على الطرقات والارصفة وأبواب المساجد والمعاهد والكلية يستخدمونهم أدوات لجمع الاموال. مضيفا على أنه في كلتا الحالتين إن تسول الاطفال أو التسول بهم يسائل موسسات الرعاية الاجتماعية والهيئات المعنية بحقوق الطفل عن مصير هؤلاء الاطفال وعن مستقبلهم.. وعلى الطلاب المساهمة في انقاذ هؤلاء الاطفال وتقديم لهم المساعدة التي تجعلهم قادرين لمتابعة دراستهم. الحمداوي: إهمال هاته الفئة من طرف الدولة هو السبب ويعتقد أمين الحمداوي، ناشط في جمعية المعطلين فرع سلوان أن ظاهرة التسول في مجتمعنا لها جذور وهي مسؤولية القائمين على توزيع الثروات بشكل غير عادل ، إن ما تشهده الكلية من تسول أطفال الدواوير المجاورة لها لشيء عادي بالنسبة لي من ناحية إعتبار الجامعة متنفس لهم والمتواجدين بها يتعاطفون معهم بإعتبارهم كذلك أبناء الكدح والغير العادي في نظري هو إهمالهم من طرف الدولة وإثقال أدمغتنا بشعارات محاربة الهدر المدرسي وحقوق الانسان. سمير لعري: إفراز وتجل من تجليات الأزمة البنوية قال الأستاذ والباحث في سلك الدكتوراه سمير لعري: إننا لا نختلف في اعتبار التسول طريقة غير مشروعة لكسب الرزق واستجداء الحسنة، لكننا لا نستغربها في مجتمعات يختل فيها التوازن، ويكون فيها الفقر المدقع دافعا أساسيا، فكيف السبيل إلى تصور واقع واضح المعالم يتمتع فيه الإنسان(الطفل) بحياة كريمة، وينعم بحضوره الاجتماعي بشكل سوي، أمام واقع تتقاذفه فيه رياح العاطفة بين كريم ولئيم.. إنه تجل من تجليات الأزمة أحدادا: هذه الظاهرة جاءت نتيجة غياب و انعدام مؤسسات الرعاية الاجتماعية اعتبر "سفيان أحدادا" حاصل على إجازة في القانون الخاص وباحث في سلك الماستر على أن اضطرار العائلات إلى إرسال فلذات اكبادهم للتسول جاء نتيجة غياب و انعدام مؤسسات الرعاية الاجتماعية، ونتيجة لأوضاع الاجتماعية الكارثية (البطالة، الهشاشة، الفقر المدفع). ما دامت الأوضاع الاجتماعية مهترئة فلا نستغرب لبروز سلوكيات اجتماعية مماثلة. إلى ذلك، اكد شباب ان أسر وأهالي هؤلاء الأطفال تتحمل المسؤولية نظراً لعدم معرفتهم وكذا استغلال براءتهم وطفولتهم.