تعتزم شركة هواوي الصينية، جعل المغرب أول بلد أفريقي يُطلق تقنية الجيل الخامس للإنترنت، وكانت شركات اتصالات مغربية عدة، أعلنت خلال السنوات الأخيرة جاهزيتها لاعتماد الجيل الخامس للإنترنت، إثر تحديث بنيتها التحتية لتتماشى مع التقنية الجديدة. إحصاءات تشير إحصاءات صدرت في وقت سابق من هذا العام، إلى أن عدد الهواتف الذكية يفوق عدد سكان المغرب، حيث وصل إلى 46 مليون هاتف مقابل 36 مليون نسمة، مما يجعل المملكة رائدة على المستوى الأفريقي في هذا الجانب. ويصل معدل امتلاك الهاتف النقال 130.73 في المئة في المغرب، فيما تصل تلك النسبة إلى 80 في المئة على المستوى الأفريقي. وأكدت إحصاءات للوكالة الوطنية لتقنين الاتصال أن 99.8 في المئة من الأسر المغربية على مستوى المدن والأرياف تملك هواتف نقالة. وعود تحدث شكيب عاشور مدير التسويق والاستراتيجية في فرع شركة هواوي بالمغرب، عن رغبة الشركة في أن تكون المملكة أول من يطلق تقنية الجيل الخامس للإنترنت المحمول في أفريقيا، مضيفاً أن الشركة تنتظر موافقة الحكومة بذلك الخصوص. وفي ما يتعلّق بإطلاق التقنية الجديدة، أوضح “نحن قادة العالم في الجيل الخامس للإنترنت، ونريد أن نكون الشركة الرائدة في المغرب. تمكنت هواوي من توقيع حوالى 55 عقداً خاصاً بالجيل الخامس مع مشغلين عالميين لخدمة الإنترنت، ويُعد الانتقال إلى تلك التقنية جزءًا من خططنا الهيكلية في المغرب، حيث نطمح إلى نشر فعال لشبكة الجيل الخامس، كما نلتزم بمساعدة الشركات المحلية في تطوير شبكاتها لضمان انتقال سلس إلى تلك التكنولوجيا الجديدة”. منافع وتطميينات يؤكد مختصون أن التقنية الجديدة لها مزايا كبيرة في دعم الاقتصاد وتسهيل التواصل. ويقول عاشور”نعتقد أن إطلاق تلك التكنولوجيا سيعمل على تعزيز النمو الاقتصادي المغربي ويساعد في تقوية موقع المملكة كرائد في مجال الاتصالات على المستوى القاري، كما سيحسن بشكل كبير من نوعية حياة المواطنين”. ويشدد على ضرورة أن يكون اعتماد تلك التقنية مدعوماً برؤية استراتيجية وطنية، ولا يمكن تحقيق ذلك من دون دعم حكومي ومن بعض المؤسسات ذات الصلة، معبراً عن تفاؤله بخصوص التوقعات المستقبلية لقطاع التكنولوجيا. كما ستسهم تلك التقنية في تسريع نقل المعلومات وبالتالي تقليص استهلاك الطاقة، ودعم الدفع والتجارة الإلكترونيين، مما يسهل إنشاء شركات في مجال التكنولوجيا الرقمية وتشجيع الأفراد على استخدام الإنترنت. في المقابل، طمأن عاشور مستخدمي منتوجات هواوي في المملكة، عقب النزاع الذي نشب بين الشركة والولايات المتحدة، قائلاً إن أنشطة عملاء الشركة لن تتأثر وسيكونوا قادرين على استخدام كل خدمات وأجهزة الشركة بشكل عادي، باعتبار أن الشركة تواصل العمل على تحديثات الأمان وخدمات ما بعد البيع، إضافة إلى إنشاء نظام آمن ودائم لتقديم أفضل خدمة للعملاء. منافسة على السوق أعلنت شركة هواوي أن مبيعاتها بلغت 3 مليار درهم (حوالى 300 مليون دولار) في المغرب، ويُعتبر ذلك نتيجة لشراكات عدة مع جهات اقتصادية في البلد، وأن طموح الشركة الصينية هو الرفع من عدد شركائها في المغرب، التي تعمل حتى الآن مع 15 شريكاً. من جانبها، دخلت شركة إريكسون على خط المنافسة مع شركة هواوي في سباق الجيل الخامس للإنترنت بالمغرب في شهر مارس (آذار) الماضي، بينما أعلنت شركات الاتصالات المغربية عن جاهزيتها لإطلاق تلك الخدمة. وأعلنت فدوى لعروسي، مديرة التخطيط في شركة إينوي أن الجيل الخامس للإنترنت بات حقيقة، مضيفةً “قمنا بالاستعداد لها من خلال تحديث البنية التحتية، وتنمية شبكتنا بشكل مستمر، إن لشركة إينوي بنية تحتية حديثة ومرنة قادرة على التكيف مع جميع التطورات التكنولوجية الحالية والمستقبلية”. كما ضاعفت شركة “اتصالات المغرب” نطاقها الترددي الدولي أربع مرات خلال السنوات الأخيرة، فبعدما كان 730 غيغابايت في الثانية عام 2015، وصل إلى أكثر من 1 تيرابايت في الثانية في شهر أغسطس (آب) 2018 الماضي. ومن أجل ذلك قامت بالعديد من الاستثمارات، إذ نشرت الشركة ثلاث كابلات للألياف البصرية، الأول “أطلس أوفشور” وهو كابل بحري يبلغ طوله 1634 كلم، شُغّل عام 2006 ويربط مدينة أصيلة المغربية بمدينة مرسيليا الفرنسية، والثاني “لكوس” بحري كذلك، يصل مدينة أصيلة بإشبيلية الإسبانية وشُغّل عام 2012، والثالث أرضي خُصّص لأفريقيا، بلغ طوله 6 آلاف كلم وشُغّل عام 2014 ويربط المغرب ببوركينا فاسو والنيجر ومالي وموريتانيا. ويُتوقع أن يكلف إطلاق تقنية الجيل الخامس كل شركة من الشركات المغربية الثلاث، بين مليارين وثلاثة مليارات درهم، فيما يُنتظر تسويق تلك الخدمة في المغرب خلال عام 2022. مخاوف صحية نتج من مشروع إطلاق الجيل الخامس للإنترنت تخوف عالمي من أضرار صحية محتملة لتلك التقنية، إذ تُصدر تقنية الجيل الخامس موجات أقوى من تلك المستعملة في الأجيال السابقة، كما تتطلب عدداً أكبر من الهوائيات، وبالتالي يَخلص العلماء إلى وجود احتمال تاثير كبير في صحة البشر من تلك التقنية. وعبّر بعض المغاربة عن مخاوف من تأثير تلك الموجات، واعتبروا أنه إذا كانت موجات الجيل الرابع أظهرت تأثيرها في الصحة، فكيف سيكون تأثير الجيل الخامس الذي يعتمد على مدى موجات أقوى من سابقه؟ وقالت السيدة أم نادين في حديث ل “اندبندنت عربية”، “كنت أبحث عن مسكن في أحد المباني، لكن صديقتي التي تقطن فيه حذّرتني من مخاطر هوائيات الاتصالات الموجودة على سطح المبنى، وأكدت لي تغير حياة الساكنين بعد تركيب تلك الأجهزة، إذ أصبح كل الساكنين يشتكون من اضطرابات في النوم وألم في مختلف أنحاء الجسم، هذه تأثيرات تقنية الجيل الرابع، فما بالك بالانعكاسات الصحية لتقنية الجيل الخامس التي تعمل بموجات أقوى. إننا نعيش في حيرة، فمن جهة نتطلع إلى خدمات تقنية سريعة، ومن جهة أخرى نخشى تأثيرها السلبي علينا”.