عندما بدأت اليقظة التونسية وتعالت الأصوات المكبوتة المطالبة بشئ من الحقوق الإنسانية خرج علينا الزعيم هناك ليلصق بالشعب تهمة التآمر على استقرار تونس وهي تهمة يستحق صاحبها العذاب الأليم. فلم يلتفت الشعب لذلك لأنه كان صادقا في غضبه ومطالبه.. فامتدت اليقظة إلى أم الدنيا مصر قلب العالم العربي فأعاد الزعيم هناك ما ادعاه زميله في الظلم والاستبداد وأكد أن ما تشهده البلاد هي مؤامرة خارجية بأيدي مصرية فعزف سيفونية الأجندة الخارجية. هذه التهم لم تثن عزيمة شعب عمر المختار عن مطالبته بمجرد تخفيف السلاسل والقيود التي أثقلته طيلة أربعة عقود فإذا بالزعيم مرة ثالثة يقدر فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أقبل واستكبر فقال إنها القاعدة المطلوبة رأسها دوليا.. وفي كل مرة تنتهي المؤامرة، لكن إما بفرار الزعيم أوسجن الزعيم أو قتل ملك الزعماء. والعجب كل العجب أن فكرة المؤامرة لم تتغير فيرددها زعيم اليمن وسوريا والبحرين واللائحة مفتوحة.. لا شك أن الواقع والوقائع أثبتت أولا بما لا يدع مجالا للشك أن تآمر الشعب أو خيانته الوطن هو أكذوبة لا يصدقها حتى من يرددها. وكشفت ثانيا حجم المؤامرة الحقيقية التي يقوم بها الزعيم وأعوان الزعيم وحاشية الزعيم ضد الوطن وأهله بنهب خيراته والعبث بها وإهدائها للعدو والصديق.. نحن في المغرب هناك مؤامرة من نوع آخر : إنها تلك التي تقوم بها الأحزاب والنخب السياسية بمختلف أطيافها التي تعاقبت على ظلم العباد وتخريب البلاد والتي كان من المفترض أن تقف بجانب الشعب تؤطره وتوحده تتألم إذا تألم وتكون القلب النابض بآماله وطموحه وترفع من وعيه وإدراكه لحقوقه وواجباته. فتحولت الأحزاب إلى صاحب الحظيرة الذي لا يرى في الشعب، بمفكريه ومثقفيه وعلمائه وشبابه ونسائه، إلا قطعانا يحتاج إليها في محطات النفاق والعبث السياسي.. سكتت هذه الهيئات عن مطالبه وعملت على تدجينه وتهجينه وكذبت ثم كذبت فويل يومئذ للمكذبين. تتحرك باسم الشعب وتفاوض باسم الشعب وتحصل على المغانم باسم الشعب وتحكم باسم الشعب فهي الشعب كل الشعب فيالها من ديمقراطية.. إنها المؤامرة الكبرى التي أدركها الشعب وعبر عن ووعيه ونضجه بصمت في الانتخابات السابقة فكانت الصدمة، وعبر عنها هذه المرة بشدة وقوة أكبر عندما انحاز إلى الخيار الإسلامي الذي رأى فيه بريق أمل لغد أفضل. فحينذاك تمتمت النخبة المستعلية بعضها لبعض أن مؤامرتها الكبرى قد انكشفت إلى الأبد. ولنا.. لقاء No related posts. شارك هذا الموضوع مع أصدقائك Tweet