لم يكن التهديد بالقيام بعمل عسكري إقليمي كافيا لإقناع رئيس ساحل العاج المنتهية ولايته ''لوران جباجبو'' بالتنحي عن الحكم، وهو التهديد الذي لوح به وفد زعماء منطقة غرب أفريقيا أثناء زيارته للبلاد. في حين وصفت واشنطن اتهامات ''غباغبو'' بالتآمر ضده بأنها ''عبثية''. وغادر زعماء كل من بنين وسيراليون والرأس الأخضر العاصمة الاقتصادية أبيدجان في وقت متأخر من مساء أول أمس، قائلين إن هناك حاجة لإجراء المزيد من المحادثات بعد أن أبلغوا رسالة من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ''إيكواس'' تطلب من جباجبو التنحي عن الحكم وإلا سيواجه تدخلا عسكريا. وكان الرؤساء الثلاثة قد التقوا الحسن وتارا في أبيدجان بعيد انتهاء لقائهم مع غريمه ''غباغبو''، كما أفاد مراسل وكالة ''فرانس برس''. وبعد محادثات بين الوفد الرئاسي و''وتارا'' دامت ثلاث ساعات، لم يدل الرؤساء ولا ''وتارا'' بأي تصريح. لكن ''باتريك اشي'' المتحدث باسم حكومة ''وتارا'' أكد أن ''صفة رئيس الجمهورية الحسن وتارا غير قابلة للنقاش''، مضيفا أن ''الأمر الآن هو التفاوض على شروط مغادرة الرئيس السابق لوران غباغبو''. ويعترف العالم بفوز الحسن واتارا في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الشهر الماضي، لكن جباجبو يستعين بالجيش من أجل البقاء في منصبه، الأمر الذي تسبب في اندلاع اضطرابات في البلاد خلفت 173 قتيلا على الاقل. وكان التكتل الاقليمي قد حذر يوم الجمعة الماضي من أنه سوف يتخذ في حال رفض جباجبو ترك الحكم ''إجراءات أخرى تشمل استخدام القوة المشروعة لتحقيق مآرب الشعب الايفوري''. ومن المقرر أن يقوم رئيس بنين توماس بوني يايي ورئيس سيراليون إرنست باي كوروما ورئيس الرأس الاخضر بيدرو بيريس بإطلاع الرئيس النيجيري جودلك جوناثان رئيس الايكوس على نتائج محادثاتهم في ساحل العاج، حيث من المتوقع أن يحدد جوناثان موعدا للمحادثات الجديدة . لكن لا يتوقع أن يذعن جباجبو لنداء ''إيكواس'' بعد أن حذر معسكره بالفعل من التدخل الخارجي. ولم يعبا الزعيم العنيد بالضغط الدولي الضخم والذي يشمل فرض حظر على دخول جباجبو وبعض رجاله للاتحاد الاوروبي والولاياتالمتحدة وكذلك قيام البنك الدولي بتجميد المساعدات ومنع البنك المركزي بالدولة الواقعة في غرب أفريقيا من الاستفادة من الصناديق العامة . ويحاول الآن واتارا إدارة حكومة بديلة من فندق ''جولف'' تحت حماية الأممالمتحدة في أبيدجان، لكن جباجبو يمسك بكل أدوات السلطة. وفي رسالة تحد واضحة، أعلنت حكومة ''جباجبو''، أول أمس، أنها ستقطع علاقاتها الدبلوماسية مع الدول التي ستعترف بسفراء يعينهم غريمه المطالب برئاسة البلاد الحسن واتارا. وقال متحدث باسم الحكومة في بيان أذاعه التلفزيون الحكومي ''تود الحكومة أن يكون معلوما أنها في ضوء مثل هذه القرارات.. تحتفظ بالحق في تطبيق المعاملة بالمثل في إنهاء مهام بعثات سفرائهم في ساحل العاج''. من جانب آخر، نفت الولاياتالمتحدة، أول أمس، أن تكون أوفدت مرتزقة إلى ساحل العاج للتخلص من ''غباغبو''، معتبرة أن الاتهامات التي وجهها أنصاره إليها بشأن التآمر لإبعاده من السلطة ''عبثية''. وقال مارك تونر المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية لوكالة فرانس برس ''أقول فقط إنها (اتهامات) عبثية''. وأضاف ''لا نزال ندعو الرئيس غباغبو إلى احترام إرادة الشعب العاجي وترك السلطة للرئيس المنتخب (الحسن) وتارا''، معتبرا أن فكرة ''مؤامرة شريرة'' للتخلص منه ''سخيفة''. وأثناء مؤتمر صحافي الأحد الماضي، ذكر ''اميل غيريولو'' وزير الداخلية في حكومة غباغبو أن طائرة أمريكية يفترض أنها تنقل خبراء مكلفين بتقييم نتائج إطلاق ''آر بي جي'' على سفارة الولاياتالمتحدة في أبيدجان في 16 دجنبر، حطت بالفعل في بواكيه في وسط البلاد معقل رئيس القوات الجديدة المتمردة سابقا الذي يدعم وتارا. وقال الوزير ''لدينا أسباب تدعو إلى الاعتقاد أن الأمريكيين العشرة الذين نزلوا (من الطائرة) هم مرتزقة''. من جهتها، ذكرت الصحافة العاجية الموالية لغباغبو أن الطائرة كانت تنقل نحو عشرة مرتزقة ألمان تمولهم واشنطن ومهمتهم القضاء على لوران غباغبو. ورفضت متحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية، الاثنين الماضي، هذه الاتهامات ''العبثية والخاطئة تماما''. وأكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) الميجور ''كريس بيرين'' لوكالة ''فرانس برس''، أول أمس، أن هذه الطائرة كانت تنقل ''فريق تقييم وتدقيق مؤلفا من عدد صغير من العسكريين الأمريكيين'' بغية مساعدة السفير الأمريكي ''فيليب كارتر'' بناء على طلبه. وكانت الطائرة أقلعت من شتوتغارت في ألمانيا، حيث مقر قيادة القوات الأمريكية في أفريقيا. وفي المكان، سيقوم الفريق بدور ارتباط عسكري لدى السفارة ''في حال طلب السفير دعما عسكريا لإجلاء الرعايا الأمريكيين''، بحسب الميجور بيرين.