في بحث أكاديمي نال به شهادة الدكتوراة من إحدى الجامعات الفرنسية، أكد الدكتور مصطفى بن شريف، أن ضحايا الهجمات الكيميائية تم استهدافهم كمدنيين أو كمحاربين ينتمون لمنطقة الريف في شمال المملكة المغربية، في إطار هجوم عام ومنظم، موضحا أن الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب هي أفعال شنيعة عمل القانون الدولي على تجريمها كما فعل القانون الداخلي للدول. وشدد الأكاديمي المغربي المقيم في مدينة بركان، وعضو هيئة المحامين في مدينة وجدة، أن كلا من دولتي إسبانياوفرنسا هما مدانتان في أفعال تنطبق على تعريف جرائم ضد الإنسانية، فالقانون الدولي العام يمنع استخدام الغازات السامة والخانقة ضد الخصم في المعركة، وهي الحالة التي شكلت موضوع رسالة الدكتوراة التي أنجزها الباحث المغربي، فالقانون الإسباني والفرنسي ينص على نفس التحريم، إلا أن العدالة في البلدين تواصلان صمتهما في إطار تجاهل الماضي الاستعماري لكلا البلدين الأوروبيين فوق التراب المغربي. ومن باب التذكير، يشير الدكتور بن شريف، في إطار مقارنة تاريخية، إلى وجود تحركات حالية في فرنسا في حالة مشابهة، من خلال متابعات أمام القضاء ضد الدولة الفرنسية، وضد المكتب الوطني للسكك الحديدية الفرنسي، يقوم بها الضحايا أو أقاربهم من أجل نقل ضحايا صوب مخيمات التجميع الخاصة بالهولوكوست الألماني ضد اليهود، فمجلس الحكومة الفرنسي أكد مسؤولية الدولة الفرنسية في نقل اليهود خلال حكومة فيشي إبان الحرب العالمية الثانية، فنقل اليهود تم الاعتراف بأنه خطأ ارتكب في تدبير الخدمة الحكومية. ففي حالة ما تسمى تاريخيا ب “حرب الريف”، لقي آلاف المغاربة مصرعهم ومنهم من عانى من أمراض مرعبة بسبب تأثيرات الغازات السامة التي استعملت من قبل كل من إسبانياوفرنسا، اللتين شكلتا قوتان استعماريتان في المغرب، في غياب أي تمييز ما بين الأهداف المدنية أو العسكرية، فالمغرب وفرنسا جمعتهما اتفاقية الحماية الموقعة في 30 مارس 1912، تحت مظلة القانون الدولي، وبموجبها باشرت الدولة الفرنسية عملية الاستعمار العسكري والضبط السياسي للمغرب، باستثناء منطقة النفوذ الإسباني ومدينة طنجة التي حملت صبغة الدولية، فاتفاقية فاس يشير إلى وجود مصالح إسبانية في شمال المملكة المغربية، وهو ما سيتم تعزيزه بالاتفاقية الإسبانية الفرنسية في مدريد في 27 نوفمبر 1912، لتنفيذ اتفاق سري مبرم في العام 1904، يورد الباحث المغربي. الباحث مصطفى بنشريف صاحب البحث خاص ويبرز الباحث المغربي، الذي قضى 5 سنوات من العمل على أطروحة الدكتوراة التي حصلت على درجة مشرف جدا، وهي أعلى رتبة في شهادة الدكتوراة الفرنسية أكاديميا، يبرز أن ضحايا الغازات السامة خلال حرب الريف ما بين 1921 و1926 توفي غالبيتهم منذ وقت طويل، والعناصر العسكرية الفرنسية والإسبانية المشاركين في العمليات العسكرية عبر الغازات السامة ضد سكان منطقة الريف توفوا بدورهم، ما يجعل رفع شكاوى ينتقل إلى أقرباء الضحايا أو منظمات المجتمع المدني غير الحكومي في إطار ما تسمى بالمصلحة الجماعية. ويلفت الانتباه من جهة ثانية إلى أن حرب الريف هي حرب استعمارية تواجه خلالها المحاربون الريفيون مع القوة الاستعمارية الفرنسية والإسبانية، وهو ما يشير إلى أنها كانت حرب تحرير للمملكة الخاضعة تحت الاستعمار وسيادة منطقة الريف، فكان الثمن غاليا جدا أداه المدنيين كما المحاربون عبر ضربهم بالغازات السامة من طائرات قادها ربابنة أوروبيون وأمريكيون. فمؤرخون كالإسبانية ماريا روسا مادارياغا وزميلها كارلوس لازاروا أفيلا أثبتوا في دراستهما أن إسبانياوفرنسا استخدمتا بشكل واسع الغازات السامة خلال حرب الريف، متسببين في خسائر فادحة للبيئة وللصحة وللسكان المحليين وللمحاربين، وأكدت الدراسات التاريخية أن تأثير الغازات ممتد في الفضاء وفي الزمن. إستعمل حساب الفايسبوك للتعليق على الموضوع