مع اقتراب كل موعد انتخابي ينسل إعلامنا الرسمي من تحت الأنفاق المظلمة ومن دهاليز التعتيم والضبابية فيتحرر من إقامته الجبرية لينير طريقك إلى غد أفضل كخادم مطيع لجهات ستسطر المعاليم المستقبلية لهذا الوطن وآفاقه وفق مصالحها وأغراضها المبرمجة ، وسيبرم معك معاهدة صلح وعلاقة توأمة لمدة تزيد عن نصف عقد من الزمن بعد أن أصبح الناطق الرسمي للمتهافتين على الكراسي المريحة واللاهثين وراء ثروات هذا البلد فيبارك خطواتهم الحثيثة لاستنزافها واحتكار مواردها بحرا وبرا وجوا بكل سفاهة لاتطاق كالأخطبوط يطلق العنان لِلَوامسه تتلقف ما حولها وكالذئب الذي يفتك بقطيع الغنم ولايبقي منه شاة على قيد الحياة ، وفي سياق حملته المكشوفة يغير إعلامنا جلدته ولهجته المعهودة فيناشدك بكل ماجاد به قاموسه اللغوي من أساليب التأدب والمجاملة متوسلا إليك التسجيل في اللاوائح الإنتخابية والمشاركة بكثافة يوم الإقتراع وتحسيسك بروح المواطنة والواجب الوطني متوخيا بذلك تلميع صورة البلاد وتبليط واجهاتها الأمامية لدى المؤسسات المالية والإجتماعية الأجنبية لعلنا ننال رضاها وتغدق علينا نقطا في هذه الإمتحانات الإستدراكية التي لايجتازها سوى المتواضعون من التلاميذ من شأنها حسب اعتقادهم هي خاتم سليمان للتخلص من الصفوف الخلفية التي تربعنا عليها لعقود من الزمن مع دويلات حديثة العقد بالإستقلال ، هذه الإلتفاتة المناسباتية المشبوهة تجاه المواطن تعد عقدا اجتماعيا غير متكافئ الشروط وهدنة أشبه بالهدوء الذي يسبق العاصفة التي كلما حلت ببلدة تأتي على أخضرها ويابسها وتجتث من جذوره كل شيئ حطه القدر في طريقها . فلأول مرة ستصل إلى مسامعك كلمات رقيقة تغازلك وتدغدغ أحاسيسك ومشاعرك التي أنهكتها الأسعار المرتفعة والأجور المنعدمة أصوات تصدح من حناجرهم ومن أبواق سماسرتهم وبيادقهم لم تألفها من قبل ” أخي المواطن ” ” أختي المواطنة” ” أعزائي الكرام” إنها كلمات الود والحب لاستدراجك إلى تصالح القط والفأر المشوب بالحيطة والحذر ولايستقر على حال ، وهاهم يلتجؤون إليك مجددا كحجر تيمم لإصباغ وضوئهم على المكاره ، مكاره تجرعتَ مرارة شظف عيشها فقدتَ حقك الوطني بعد أن أدليتَ بواجبك الوطني ، فهل تنكَّر الحق للواجب أم كُتِبَت عليك الواجبات وسُلِبت منك الحقوق وآلت إليهم وقد تؤول إليهم كسِقط المتاع تنضاف إلى رواتبهم السمينة التي قد تعيل عشرات الأسر لأمد طويل ؟ فلماذا يتنصلون من وعودهم ويستأثرون بخيرات البلاد والعباد ولايدعونك إلى تقاسمها والتعايش في ظل عدالة اجتماعية تسودها الحكامة الجيدة ويؤطرها شعار مرجعي كل حسب طاقته وكل حسب كفاءته بعيدا عن المحسوبية والزبونية في تقلّد المناصب والوظائف ؟ فالإجابة عن هذه التساؤلات هي الخيار الأمثل للخروج بهذا الوطن إلى بر الأمان وليست الصناديق المكشوفة والنتائج المشبوهة المطبوخة سلفا إستعمل حساب الفايسبوك للتعليق على الموضوع