لم تكن خرجة رئيس حكومة مليلية المحتلة، خوان خوصي إمبرُودا، بمناسبة احتفالات الذكرى 521 لاحتلال الثغر السليب، لتمرَّ دون أن تُشعلَ السِّجال السياسي من جديد بين الأحزاب الإسبانية حول جودة العلاقات بين مدريد والرباط؛ فقد لاقت كلمة حاكم مليلية التي وصفَ فيها المغرب ب”البلد الجنوبي الذي لا يمكن التعويل عليه” انتقادات كثيرة وصلت إلى حدّ اتهامه “بمحاولة تفجير العلاقات بين البلدين”. وكان القيادي في الحزب الشعبي الحاكم في المدينةالمحتلة قال أثناء حديثه في احتفالات الذكرى 521 ل “أسبَنَة مليلية”، إن “الثغر المحتل يعتمد كليا على عائدات التجارة الحدودية مع المغرب، ومع وجود الأزمة أصبحنا في حاجة إلى بحث عن بديلٍ”، مضيفا: “لا يمكننا النظر دائما صوب الجنوب (يقصد المغرب) ونعتبره منتهى أفقنا؛ لأن موقعنا يوجد في الشمال وفي علاقتنا مع الأوروبيين”. ووصفت الأمينة العام للحزب الاشتراكي بمليلية، غلوريا روجاس، خطاب “إمبرودا” الاستعراضي ب”الاستفزازي”، وقالت: “إنه خطاب مصبوغ بالخيانة للمؤسسات كان ممكن أن يكون مقبولاً لو كنا في تجمع انتخابي لا في مناسبة لها دلالات تاريخية، خاصة في السياق الحالي”، مضيفة أن “الحزب الشعبي يحاول الإضرار بالعلاقة مع المغرب، خاصة وأنه معارض للحكومة المركزية التي تحاول حلحلة الوضع المتأزم”. واتهمت القيادية في الحزب الاشتراكي إمبرودا بالنفاق السياسي، قائلة إن “خطابه كان سيكون مختلفا لو كان الحزب الشعبي في رئاسة الحكومة”، مذكرة إياه بما قاله في يونيو 2015 عندما دعا إلى “احترام موقف المغرب كبلد سيادي”، قبل أن ينقلب كليا ويقول في خطاب “يوم مليلية”: “يجب علينا القطع مع الجنوب (المغرب) والنظر إلى الشمال”. وزادت: “هي خيانة مؤسساتية للحكومة المركزية بمدريد، لأن إمبرودا يعرف أن خطابه يمكن أن يضر بالمفاوضات والاتصالات والاجتماعات القائمة مع المغرب من أجل محاولة إيجاد حل للمشكل الأساسي، المتمثل في إغلاق الجمارك التجارية بني أنصار”، معتبرة أنّ الرئيس المحلي “يكرس جهوده لمحاولة تفجير التعايش بين دولتين تتمتعان بالسيادة”. وقد حاولَ وزير الاقتصاد في الحكومة المحلية، دانيال كونيسا، عن الحزب الشيوعي الثوري، التقليل من خرجة الاشتراكيين، وقال مدافعاً عن رئيس حكومة مليلية إن “أحزاب المعارضة لا تريد أن تفهم، أو بالأحرى إنهم لا يريدون أن يفهموا كلام إمبرودا”، مضيفا أنّ “ما تقوله المعارضة غير صحيح، لأن خوان خوصيه إمبرودا لم يقم إلا بنقل تفاصيل العمل العدائي الذي أظهره المغرب بإغلاق المعابر التجارية”. وكانت مليلية قد شهدت احتفالات بداية الأسبوع الجاري، بمناسبة الذكرى 521 لاحتلال الثغر الواقع جوار الناظور، نظم خلالها إنزالٌ عسكري ضخمٌ، بحضور كبار الضباط الإسبان وشخصيات سياسية، يتقدمها خوان خوصي إمبرودا، رئيس الحكومة المحلية. جدير بالذكر أن الجيش الإسباني بسط سيطرته على الثغر سنة 1497. ولتخليد هذه الذكرى، تنظم إسبانيا، في 17 شتنبر من كل سنة، استعراضا عسكريا تتخلله بعضُ العروض الفنية وسط المدينة نفسها.