محمد السروتي أستاذ الأديان أكد أن الفقر والجهل والمرض أبرز مرتكزات الجماعات التنصيرية لبلوغ أهدافها أوضح محمد السروتي، أستاذ الأديان بالكلية متعددة التخصصات بالناظور أن مدينتي سبتة ومليلية شكلتا على الدوام أحد المراكز الهامة لانطلاق الأنشطة التنصيرية لعدة أسباب منها ما هو جغرافي ومنها ما هو إداري، مبرزا أن الفقر والجهل والمرض أهم الوسائل التي يعتمد عليها المنصرون لبلوغ أهدافهم. تفاصيل أكثر في الحوار التالي:ما مدى صحة الأخبار الرائجة حول تحول مدينة سبتة إلى مركز لانطلاق عمليات التنصير، وفق ما تروج له العديد من التقارير؟ وما هي الجهات التي تقف وراء عمليات التنصير؟ بالفعل، لقد تداولت في الأيام الأخيرة بعض المنابر الإعلامية والمواقع الإلكترونية، أخبارا مفادها تحول مدينتي سبتة ومليلية إلى مركزين لانطلاق مختلف العمليات التنصيرية. وحقيقة هذا الأمر ليست بالخبر الجديد فالمدينتان شكلتا على الدوام أحد المراكز الهامة لانطلاق الأنشطة التنصيرية، نظرا لموقعهما الاستراتيجي الهام، فجغرافيا هما امتداد طبيعي للأراضي المغربية، وإداريا هما مدينتان غير خاضعتين للسلطة الإدارية المغربية، ما يجعلهما مرتعا لمختلف المنظمات التنصيرية، من قبيل منظمة “شهود يهوه” من الولاياتالمتحدةالأمريكية، والكنيسة الكونية من ألمانيا، إضافة إلى هيآت بروتستانتية مختلفة أغلبها من إسبانيا وهولندا وسويسرا. ففي مليلية مثلا، وعلى مقربة من أكبر أسواق المدينة الذي يتوافد عليه آلاف المغاربة يوميا، يقع المركز التنصيري ل”شهود يهوه”، وبه مكتبة فخمة وقاعات للقاءات المختلفة، إضافة إلى قاعة كبرى للأنشطة الدينية والمحاضرات المختلفة، وهو من أنشط المراكز نشرا للمطبوعات التنصيرية الخاصة بهذه الطائفة. فيما يقع أحد المراكز التنصيرية البروتستانتية في أبرز شوارع المدينة المؤدية مباشرة إلى البوابة المغربية “بني أنصار”، وهو في الحقيقة مركز تنصيري متعدد الخدمات بجواره تقع إحدى الكنائس الصغيرة، ويظهر المركز على أنه مكتبة صغيرة لبيع بعض الكتب التنصيرية، إلا أن حقيقة خدماته تتجاوز هذا الأمر بكثير، فهو مركز لاستقبال الآليات والوسائل التنصيرية التي تأتي من المراكز التنصيرية الأم في مختلف الدول الأوربية. لا يقتصر عمل هذه المراكز على هذه الجوانب فقط، وإنما يمتد ليشمل الخدمات الاجتماعية والصحية، إذ يستقبل المركز التنصيري المذكور في يوم الخميس من كل أسبوع النساء المغربيات المعوزات في إطار يوم تطبيبي مجاني، إضافة إلى أنه يلعب دورا كبيرا في علمية التواصل مع المتنصرين المغاربة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.. في هذا الإطار، هل يمكن القول إن هذه المنظمات التنصيرية ترتكز على الترغيب وقضاء الأغراض والمصالح، فقط، لبلوغ أهدافها، أم أنها قد تلجأ إلى وسائل ترهيبية أيضا؟ تتضافر مجموعة من الأسباب والدوافع تفضي في النهاية إلى تساؤلات متعددة حول الجوانب التي تركز عليها هذه المنظمات، وتكون في النهاية دافعا فعليا للبعض ليغيروا عقيدتهم؛ هل هو الفقر وما يولد من حاجيات لا تجد ما يكفي من إمكانيات لتلبيتها؟ أم هو الاقتناع العقلي؟ أم هو الارتباك النفسي؟ أم هي دوافع مادية ومصالح شخصية؟ هذه الأسئلة وغيرها في الحقيقة تكشف لنا عن بعض الجوانب التي تركز عليها بعض المنظمات التنصيرية في عملية الاستهداف، ففي نظري، إن القول بالاقتناع العقلي الذي يتبجح به جل المُنَصَّرين أمر مستبعد، وتكشفه طبيعة الأساليب التنصيرية التي تبتعد عن الجدال والإقناع في الغالب الأعم، وتعتمد الكذب والافتراء والتشويه لتنفير المستهدف من دينه الأصلي أولا، أي ما معناه أنه لا نقاش في العقيدة، التي هي الخلاف الأساسي بين النصرانية والإسلام في أغلب المنشورات. إن جل المنظمات التنصيرية تدرج وسائلها ضمن أساليب محددة سلفا، ويتم تنويعها وتجديدها وتطويعها تبعا للبيئة التي تعمل بها هذه المنظمات. بيد أن لها ثلاثة مداخل أساسية هي: “الفقر، الجهل، المرض”، فأنى وجد هذا الثالوث وفي أي منطقة، كانت هناك الفرص المواتية للتنصير، فقد أدرك المنصرون ذلك الميل في الطبيعة الإنسانية الذي يجعل المرء يضحي بأشياء كثيرة في ملكه حتى يتخلص من آلامه ومعاناته، فعمدوا إلى استغلال هذه الحاجة أبشع استغلال، فسخروا الطب لغاياتهم ونشطوا أكثر حيث يوجد الفقر والتهميش. كل هذه الأمور تقودنا إلى نتيجة واحدة هي أن اختيار الفئات المتنصرة ليس اختيارا حرا بل متأثر بالضغوط المادية وبالإكراهات المعيشية، والجهل بالدين. هل التنصير الذي ينطلق من سبتة أو مليلية يستهدف مغاربة المدينة فقط، أم يشمل باقي مدن الشمال؟ اتسام بعض مناطق في العالم بمميزات يجعلها أكثر عرضة للظاهرة من غيرها، فيمكن مثلا الحديث عن الموقع الجغرافي لبعض المناطق خصوصا الحدودية منها؛ ويكمن من خلالها رصد الامتداد التنصيري إلى ما هو أبعد من منطقة الانطلاق. ففي شمال المغرب وبحكم وجود مدينة الناظور قرب مدينة مليلية المحتلة، التي تعد مركزا تنصيريا مهما لمختلف الطوائف البروتستانتية وغيرها خصوصا منظمة شهود يهوه الأمريكية، ومنها تمتد الأنشطة التنصيرية شرقا إلى مدينة وجدة وغربا إلى مدينة الحسيمة، وعادة ما تتخذ مدينة مليلية قاعدة للانطلاق في هذه الأنشطة. أما عن مدينة سبتةالمحتلة، فيمكن الإشارة في هذا الصدد إلى تقرير إعلامي إسباني نشرته صحيفة إلبايس للكاتب لويس مانويل أزنار، تحدث فيه عن امتداد الأنشطة التنصيرية لمنظمة “الصليب الأبيض” من مدينة سبتة إلى كل من طنجة والحسيمة. أجرت الحوار: هجر المغلي