زكي مبارك: معركة دستور محمد السادس ستشهد صراعا حادا بين المؤيدين-عباس الفاسي والهمة- والمعرضين-العدل والإحسان وشباب 20فبراير محمد زيان: لابد من إصلاح جذري يقطع مع سياسة”الريع” و”لاجريمات” محمد الشامي: هل سيأخذ المنوني بالجهوية التي إعترف بها الملك أم بجهوية عزيمان؟ تغطية: سعيد أمزيان بعد أقل من ثلاثة أسابيع عن الخطاب الملكي بشأن التعديل الدستوري والجهوية الموسعة في التاسع من مارس، نظمت لجنة الطلبة الريفيين بالرباط أمس الخميس، بالحي الجامعي السويسي الأول ندوة بعنوان” موقع الريف في الجهوية الموسعة”. وقد أكد زكي مبارك؛ مؤرخ ومتخصص في العلاقات المغربية الجزائرية، في مداخلته أنه من المرتقب أن يشهد صيف هذا العام حربا حامية الوطيس بين المؤيدين للدستور الذي سيعرض على الاستفتاء والمعارضين، شبيهة بتلك التي شهدها العام 1962؛ فإذا كانت معركة 62 قادها من جانب المؤيدين علال الفاسي و كديرة وحملوا ورقة:من عارض الدستور فهو كافر، فإن من قاد المعركة من المعارضين لم يكونوا إلا شيخ الإسلام العربي العلوي وبن بركة والوزاني، إضافة إلى عبد الكريم الخطابي؛ الذي عارض الدستور بسبب وثيقة إيكس ليبان والمفاوضات التي أجراها المغرب مع فرنسا من أجل إستقلال مشوه، كما أن معارضة الأمير الخطابي كانت من منطلق أن الدستور الديمقراطي يجب أن يضعه مجلس شرعي يمثل الأمة تمثيلا حقيقيا، كما أن أحكام دستور 62 لا تتوافق مع الشريعة الاسلامية؛ فما دامت الأمة مسلمة فلابد للحاكم أن يكون مطيع لله وملزم بالشورى..وإثرذلك، تساءل زكي مبارك عن مدى إستجابة الملك الحالي محمد السادس لآراء وملاحظات محمد بن عبد الكريم الخطابي؟ يرى الدكتور زكي أن من خلال ما يصل من معلومات؛ فقد يستجيب الدستور القادم لبعض مطالب الخطابي، بينما يبقى مطلب وضع هيئة تمثل الشعب لوضع الدستور غائب؛ فقد اختار الملك الحالي منهجة والده بوضع لجنة من الخبراء، ولكن دعمها باستشارة جميع الأحزاب والجمعيات.. وبشأن الفصل 19 من الدستور، يرى مبارك أنه من المستبعد أن تتناوله المراجعة إنطلاقا من الفصل السادس بعد المائة الذي يقول:”النظام الملكي للدولة لا يمكن أن تتناوله المراجعة. ليختم مداخلته بالتأكيد على حقيقة أساسية وهي أن معركة محمد السادس الدستورية الحامية الوطيس ستشهد حربا خفية يقودها من جانب المؤيدين-من حسن الصدف- عباس الفاسي، وعالي الهمة ووسائل إعلامه، ومن جانب المعارضين الشيخ عبد السلام ياسين، وحركة 20 فبراير، بشعار “الدساتير الممنوحة في المزابيل مليوحة”. من جانبه، قال محمد زيان رئيس الحزب اللبيرالي أن الذكاء السياسي هو الذي جعل الملك يقترح التعديل الشامل للدستور، بما سيقترحه المجتمع أحزابا وجمعيات وشبابا، بدل تعديل الجانب المتعلق بالجهوية فقط. ويبقى السؤال، في تقدير زيان دائما: هل نحن –المغاربة- نتوفر على الذكاء اللازم لنستغل هذه الظرفية، للحصول على دستور حقيقي؟ وحذر زيان بأنه في هذا المنعطف المهم للغاية فإن أي فشل في تعديل الدستور، لا يعني فشل الملكية وحدها بل فشل الشعب، وأضاف أنه لا يمكن الحديث عن إقلاع إقتصادي ومحاربة الفساد وإشراك الشباب في الحياة السياسية وتسيير البلاد، بدون القيام بإصلاحات حقيقية، تقطع مع إقتصاد الريع وتوزيع “لجريمات”.. وحذر من كون أن إستمرار الأمر على ما هو عليه الآن، لن يقود إلى انتفاضات كتلك التي حدثت في الريف 58 بل ستجعل المغرب مرشحا لثورات أكثر دموية من تلكم التي نشهدها في ليبيا. وفيما يرتبط بالجهوية الموسعة، وما يتعلق بالريف على نحو خاص، أبرز زيان أنه بالرغم من تشتيت الريف فإن ما بقي منه له موقعه الإستراتيجي بتواجده على البحر الأبيض المتوسط، مصدر الحضارة، يراقب البوغاز ويمد عنقه إلى أوربا. كما أن إمكانيات المنطقة الفلاحية والغابوية والمعدنية، والبحرية لتحريك العجلة الاقتصادية بالمنطقة. لكن الرهان الأساس، يردف زيان، سيكون على المكونات البشرية، والريف لا يمكن أن يتقدم إلا بوجود أطر ريفية في مراكز القرار وفي جميع الدوائر، من أبناك وصحة وجامعات.. كما أكد أنه لا يجب أن نولي الاولوية للجانب الاقتصادي على الجانب الاجتماعي، والاجتماعي على الجانب الثقافي، بل العكس هو ما سيعطينا فرصة التفوق. ونبه إلى أن الصراع سيحتد بين كل جهات المغرب، فكل جهة تريد أن تنمى على حساب باقي المملكة. والرهان كل الرهان، يشرح وزير حقوق الإنسان السابق، على الشباب لبلورة مقترحات وتصورات لربح المعركة التي تفرض نفسها على الجميع. وثمن زيان في النهاية المجهودات المحمودة التي تقوم بها لجنة الطلبة الريفيين سيما فيما يرتبط بلامسة قضايا حساسة من قبيل الجهوية الموسعة، معتبرا أن تكتل الطلبة الريفيين بالرباط هي آلية من آليات التحاور و”نشر ثقافتنا ما سيسمح لنا بإقلاع قوي”. ومن جهة أخرى، قال الأكاديمي والجامعي المغربي محمد الشامي إن التقسيم الجهوي الذي قدمه عزيمان كان مخيبا لكل الآمال، ولم يراع الانسجام والتكامل، فكل المقاييس النفسية والتاريخية والاجتماعية تدعم موقفه من أن الريف مفهوم واسع يشمل كما هو متعارف عليه تاريخيا كل من طنجة وتطوان و تازة تونات وفاس عاصمة الريفيين في عهد المرينيين إلى جانب الناضور والحسيمة وبركان. مؤكدا أن هذا التقسيم أغفل الكيانات الترابية الكبرى ولم يكرس إلا البلقنة. وأشار في معرض مداخلته إلى كون الوصاية، حسب التقرير الأخير ما تزال قائمة، وإن تغيرت الأسماء وتم الاستعاضة عن الوصاية ب” مراقبة أكثر حداثة ومرونة”. “هذه الجهوية فارغة من المضمون وصلاحياتها إما منقولة إلى المركز أو استشارية و إما ذاتية وخاصة؛(أي يجب ان يصادق عليها من المركز)..وبالتالي فالجهوية التي نتحدث عنها وهم” يفسر الشامي بلغة استنكارية. وأبرز المتدخل أن الملك لم يأخذ بكل ما آتى في تقرير عزيمان من “خزعبلات” _والكلام للشامي_ بل اخذ بثلاث نقط فقط، مما يطرح سؤال مهم، وهو: هل سيأخذ المنوني بالجهوية التي إعترف بها الملك أم بجهوية عزيمان؟ وفي الجانب المتعلق بدسترة الأمازيغية، قال الشام إن خطاب 09 مارس الذي أقر بدسترة الأمازيغية كان ثمرة عقود من النضال، كانت أولى لبناته ميثاق أكادير في 05 غشت 1991، والجامعة الصيفية 1980 التي طرحت فيها مسألة الأمزيغية، بشكل شفوي. ولم تطالب وثيقة أكادير بالامزيغية لغة رسمية، بل بالأمازيغية لغة وطنية، لأن في تلك السنوات كانت اللغة الرسيمة مفهوم قدحي؛ فاللغة الإنجليزية كانت هي اللغة الرسمية للهند، واللغات الأوربية كانت هي اللغات الرسمية لكثير من الدول الإفريقية. ليتطور الموقف في تعديلات 1996، فرفعت الحركة الأمازيغية مذكرة تؤكد على الهوية الإسلامية للدولة ولغتيها هما العربية والأمازيغية؛ لغتين رسميتين وطنيتين متساويتان.