في سنة 1892 زار المخبر أوجيست مولييراس فرقة ياث داوود و إزخنينن [1] و كان سر تواجده بالمنطقة هو دراسة المجتمع الكبداني من كل جوانبه، ففي هذا المحيط الجغرافي الواسع سمع برجل يحكم القبيلة يدعى القايد بوصفية، وبعد التخابر وجمع المعلومات حول هذه الشخصية المعروفة ، كتب شهادة في حقها جاءت مدونة في مؤلفه وهو يتحدث فيه عن كبدانة وحاكمها إذ يقول: [...]كان يحكمها قايد إسمه بوصفية وهو رجل ديناميكي ذو نفوذ وخبرة في السلطة وهذا أمر نادر في الريف...[2]. ولم نقتصر نحن في تبياننا هذا على ما جاء به مولييراس مدونا في كتابه فقط، بل إستعينا بروايات إستقيناها من أشخاص نقلوها عن أجدادهم الذين هم بدورهم عايشوا وعاصروا فترة ألفقيد ألقايد بوصفية وقد صبت كل شهاداة هؤلاء نحو صرف صحيح في وصف هذا الرجل، إذ ذهب الجميع على أنه كان عنيدا في الحق و مثبتا في المبدأ فهو القيادي التاريخي البارز على كل ربوع كبدانة..قائد شجاع وسياسي محنك مرتبط بأرضه ذو قلب يتسع للجميع اذ إمتلك من الأخلاق منظومة قيم متكاملة إنعكست على سيرة حياته المليئة بالأحداث والمواقف و الأعمال الخيرية و الإنسانية، وبسبب هذه السمعة الطيبة التي كان يحضى بها القايد بوصفية لدى مختلف قبائل ودواوير كبدانة كان يأتيه الناس من كل النواحي لغرض فصل النزاعات التي كانت تحدث من حين لأخر بين الاهالي وعلى عهده وعند دخول الإسبان أراضي كبدانة وجدوا القايد بوصفية قد أدركه الهرم، غير أن شيخوخته ووظيفته كقائد لم تمنعاه من مواصلة التفاوض معهم والتحرك داخل ميدان البلدة لتوجيه الساكنة نحو الأهداف المسطرة لمواجهة الأخطار الأجنبية خاصة وأن الإسبان بدؤوا في توسيع مجالهم الحدودي مما كانت هذه النقطة بداية لمعارضتهم ومقاومتهم من طرف السكان . إلا أن مقاومة التواجد الإسباني بالمنطقة لم تندلع شرارتها إلا بعد إحتلال إسبانيا لكافة مناطق الريف الشرقي عام1909، وقبل هذا التاريخ كانت بلدة كبدانة مسرحا لعدة أحداث وإعتداءات متفرقة من حين لأخر من قبل الإسبان، بدأ بإحتلال جزر شفارينا – تايزيرت اشفارن –1848 ثم محاولة فرض الحماية على القبيلة سنة 1878 من طرف الحنرال خوسي مارينا وكذا إحتلال موقع سيدي الباشير بتماضت و محاولة ظم بوعرك ومؤامرة الجيلالي بن إدريس الزرهوني الملقب ب – بوحمارة سنة 1907، ثم التوغل داخل مارتشيكا والإعتداء على فرقة ياث الحاج إضافة الى التدخل في أركمان و إحتلال جل الدواوير المتاخمة لها وخاصة فرقة إهذراوين إشرويذن و إحذرين..من قبل الجنيرال "أغلييرا" وذلك طمعا في كسب المزيد من المواقع داخل تراب بلدة كبدانة، ونعتقد أخيرا أن مثل هذه الإعتداءات الإسبانية المتكررة، هي التي كانت تعجل بالقايد بوصفية زيارة مليلية للقاء المسؤولين العسكرين الإسبان، غير أن وثيقة اليوم التي إستدلنا بها وتعود لجريدة إسبانية صدرت في تلك الفترة أشارت في مقال إخباري عام عن الريف ( نسخة مرفوقة مع المقال) تتحدث فيه عن "مذكرة رسوم بيانية " هي التي عجلت ببوصفية الذهاب إلى مليلية، وهذا ما يبين مدى دينامكية وحركية هذا الرجل داخل وخارج المنطقة. وتقول الوثيقة [...] تمر العمليلت العسكرية بالريف بهدوء تام..مناوشات صغيرة من المعتاد من قبلها ولا محاولة من قبل " المورو" لزعزعة المواقع الأمامية وهذا ما تبقى من حصاد الأسبوع ألفائت وفي ألأونة الأخيرة ..إلا أن فئة قليلة من "المورو" تهتم بحراسة البادية وإشغال وقت فراغهم ببناء ألأكواخ للحماية من الطقس ويتم ذلك وفق مسافة محكمة مع العلم أنه إذا إقتحموا المعسكرات الإسبانية سيتم معاقبتهم بواسطة المدفعية وكانت مذكرة الرسوم البيانية مثيرة للإهتمام ما عجل بزيارة قائد كبدانة بوصفية والدي كان منذ أيام بمليلية للإجتماع بالجنرال أغلييرا..أما في المخيمات فتسمع الأغاني العسكرية لحظة الركود و الفراغ من العمل[ 3]. استعنا بالمراجع التالية: – [1] عن كتاب من أعلام إقليمالناظور – 2 – الفقيه الحاج حمو شكري مدرسا وقاضيا ومكافحا 13101892/13831964 – للدكتور حسن الفكيكي الصفحة:99 – [2] كتاب المغرب المجهول – الجزء الاول – اكتشاف الريف لمؤلفه اوجيست مولييراس. الصفحة 178 – [ 3] صفحة من جريدة إسبانية تحت عنوان: LA ACCION DE ESPANA EN RIF المصدر: TODOCOLECCION