محمد أمزيان – إذاعة هولندا العالمية جدد أمازيغ المغرب دعواتهم ليكون رأس السنة الأمازيغية يوما وطنيا على غرار باقي الأيام الوطنية الأخرى، إلا أن الرغبة السياسية تبدو حتى الآن غائبة. “الدولة لم تستجب لمطلب جعل السنة الأمازيغية الجديدة يوم عطلة لجميع المغاربة”، يقول الناشط الأمازيغي خالد زيراري لإذاعة هولندا العالمية. يوم وطني للجميع الثالث عشر من يناير هو مبتدأ السنة الجديدة عند الأمازيغ الذين ينتشرون في شمال إفريقيا ووسط الصحراء الكبرى وجنوبها ومناطق من جزر الكناري. يطلق الأمازيغ على أرض أجدادهم اسم “تامزغا” أو “تيموزغا” أي أرض الأمازيغ، ويطالبون منذ عقود بالاعتراف بحقوقهم اللغوية والثقافية ومنها حقهم في أن تكون بداية السنة الأمازيغية عيدا وطنيا كما هو الشأن بالسنة لباقي الأعياد الوطنية والدينية، بحسب خالد زيراري من الكونغرس العالمي الأمازيغي: “الحركة الأمازيغية هي التي بادرت وحاولت توعية المجتمع المغربي برأس السنة الأمازيغية في إطار السياق التاريخي، والآن أصبحت الدولة أيضا تتعامل مع رأس السنة، ولكن على المستوى الإعلامي فقط بحيث أصبح التلفزيون المغربي يتحدث عن التاريخ الأمازيغي بهذه المناسبة. لكن الحركة الأمازيغية ما زالت تطالب، وبإلحاح، على أن يكون هذا اليوم يوم عطلة لجميع المغاربة كباقي الأعياد الدينية والوطنية التي يحتفل بها المغرب”. ومن جانبه أكد عمر المعلم رئيس جمعية ذاكرة الريف لإذاعة هولندا العالمية على ضرورة الاعتراف الرسمي بالسنة الأمازيغية انسجاما مع التاريخ ومع الاحتفالات الشعبية الواسعة بهذه المناسبة، مشددا على ضرورة “التأكيد على مطالب الأمازيغ سواء في بلدنا المغرب أو في غيره من البلدان على ضرورة الاهتمام بثقافتهم ولغتهم والاعتراف بها دستوريا، وتخصيص اليوم (13 يناير) كيوم عطلة لجميع المواطنين المغاربة”. مسؤولية سياسية على الرغم من أن ملف الأمازيغ مطروح للنقاش في الداخل والخارج وخاصة على المستوى الحقوقي، إلا أن الحركة الأمازيغية عجزت، على ما يبدو، عن إدراجه حتى الآن ضمن الأجندة السياسية سواء على مستوى البرلمان أو على مستوى الأحزاب الكبرى المؤثرة فيه. وهذا ما يلاحظه السيد زيراري: “مع الأسف الشديد لم تتعامل الأحزاب السياسية مع هذا الملف بشكل جدي ولم يُقدم، حسب علمي، أي مشروع قانون في هذا الإطار. إلا أن الحركة الأمازيغية تحتفل بهذه السنة على المستوى الرمزي في جميع مناطق المغرب. لكن أعتقد أن الدولة يجب عليها أن تتحرك في هذا الإطار، وعلى الأحزاب السياسية أن تتحمل مسؤوليتها ليس بالنسبة للسنة الأمازيغية فقط، ولكن أيضا بالنسبة للملف الأمازيغي ككل باعتباره ورشا كبيرا يتطلب التفاف الجميع حوله بجدية لحله بشكل نهائي في إطار المشروع الديمقراطي الذي يتكلمون عنه”. ارتباط بالأرض يتجدد الجدل كل سنة عن السنة الأمازيغية؛ كيف بدأت وهل تستند على حدث تاريخي معين، وماذا تعني رمزيتها في المخيال الأمازيغي؟ وغيرها من الأسئلة التي يخوض فيها المختصون وهواة التاريخ ونشطاء الحركة الأمازيغية. هناك من يربط المناسبة بزعيم أمازيغي تمكن في زمن ما، قبل 950 سنة من ميلاد السيد المسيح، من السيطرة على مصر الفرعونية مؤسسا أسرة فرعونية خاصة به. وهناك من يربطها بالأرض والطبيعة، وهي أكثر النظريات رجحانا بحسب الباحثين في هذا الموضوع. يقول السيد المعلم: “الحدث له ارتباطان: الارتباط الأول تاريخي يعود إلى الانتصار الذي حققه الأمازيغ على الفراعنة بقيادة الملك شيشونق. الارتباط الثاني طبيعي يشير إلى الفصل بين فترتين مناخيتين : الاعتدال وقسوة الشتاء، ويعني كذلك البداية الفعلية للأشغال الفلاحية”. يخلد الأمازيغ هذه المناسبة وفق تقاليدهم الخاصة في جميع البلدان التي يتواجدون فيها تجمعهم قواسم مشتركة، يقول السيد المعلم: “عبر ربوع 'تامزغا‘ يحتفل الأمازيغ بهذه المناسبة كل وفق طريقته الخاصة، ولكن هناك قواسم كثيرة مشتركة في ما بينهم كحضور المواد الزراعية والطبيعية في الاحتفالات مثل الفواكه الجافة واللبن والحليب ومن إلى ذلك”. هذه التقاليد العريقة تعمل جمعيات المجتمع المدني الأمازيغي على استحضارها وحفظها من الضياع، إما بتشجيع الأسر الأمازيغية بتخليدها أو بتنظيم لقاءات وأمسيات وحفلات “تقدم فيها كؤوس الشاي والفواكه الجافة وكذلك الحليب واللبن”، يضيف المعلم. ومن الجدير بالملاحظة كذلك أن الاحتفالات الشعبية برأس السنة الأمازيغية لا تقتصر فقط على الأمازيغ، بل تشارك فيها باقي مكونات المجتمع المغربي، بحسب عمر المعلم. “الحفلات يشارك فيها الجميع: الأمازيغ وغير الأمازيغ، ولا يمكن أن ننكر أن السنة الفلاحية هي مناسبة يقف عندها أيضا حتى غير الأمازيغ، لأنها ترتبط بالطبيعة”.