سيف الريف من التخصيب إلى التخريب الحلقة التاسعة الأخطاء الجسيمة بقلم الأستاذ : حسن نبيل سأحاول في هذه الحلقة الوقوف عند خطأ جسيم جدا تم ارتكابه في حق المسار الإنتاجي لمنجم سيف الريف ،وأخصص الحلقة المقبلة وهي الأخيرة لمجموعة من الأخطاء الجسيمة التي تعتبر أقل حجما من سابقتها،ثم نهاية النهاية . ويمكن تحديد الخطأ الجسيم اعتمادا عل المادة 39 من قانون الشغل حيث تقول هذه المادة تعتبر بمثابة خطأ جسيم يمكن أن تؤدي إلى الفصل ، الأخطاء التالية المرتكبة من طرف الأجير : • ارتكاب جنحة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الآداب العامة صدر بشأنها حكم . • إفشاء سر مهني نتج عنه ضرر للمقاولة . • السرقة. • خيانة الأمانة . • السكر العلني. • تعاطي مادة مخدرة . • الاعتداء بالضرب. • السب الفادح. • رفض إنجاز شغل . • التغيب بدون مبرر. • إلحاق ضرر جسيم بالتجهيزات أو الآلات والمواد الأولية عمدا ونتيجة إهمال فادح . • ارتكاب خطأ نشأت عنه خسارة مادية جسيمة للمشغل . • التحريض على الفساد. • عدم مراعاة التعليمات اللازم إتباعه لحفظ السلامة في الشغل وسلامة المؤسسة ترتبت عنها خسارة جسيمة. لن أقف عند الخروقات التي مورست في حق الأشخاص أو بعض المؤسسات التابعة للمنجم وهي كثيرة ويعتبر صاحبها مطرودا أصلا إحراق أرشيف المهندس اليوسفي رحمة الله عليه الذي كان رئيس مصلحة الشحن ، إحراق تصميم أراضي الشركة ، السب والشتم والقذف في حق مقاومي الفساد، سرقة قطع الغيار ، سرقة أجهزة بعض المؤسسات وحملها إلى منازل المسئولين ، تأثيث المنازل بخشب وأيدي عاملة تابعة للشركة .........الخ الخطأ الذي سأتحدث عنه ثقيل الوزن ساهم في التعجيل بالتخريب في أوقات حرجة مر بها المغرب ،فكان مرتكبوها قاسين جدا علينا وعلى الوطن.سأبدأ بالثقيل الجسيم وأختم بالثقل الثقيل في الحلقة المقبلة. 1 إتلاف معمل تكوير الحديد كما ذكرت في الحلقات السابقة بان هذا المعمل يعتبر الرابع في العالم ، والأول في إفريقيا، كلف المغرب ميزانية ضخمة ، تعد بالملايير تم بناءه من طرف شركة وايل الكندية ، على أساس أن ينتج حوالي 800000 طن في السنة وهكذا شرعت سنة 1970 في بناء هذه التحفة وقد دامت عملية البناء من أبريل 1970 إلى دجنبر 1972 وفي مارس 1973 دخل هذا المعمل في إنتاج الكريات بفرنين ضخمين غير أنه توقف في دجنبر 1977 . فتم إتلافه وإتلاف الملايير التي أنفقت من أجله . كيف أتلف ، ومن أتلفه ؟ سؤال مرهق سأحاول الإجابة عنه، بعد أن أخذ مني مجهودا كبيرا في البحث عن الأسباب الحقيقية، وعلى القارئ التركيز جيدا للوقوف على تلاعبات المسئولين. المعمل مارس 1972 مع اقتراب انتهاء الشغال ينصهر الحديد عند درجة حرارة (1535)ْ مئوية، ويغلي عند درجة حرارة (2750)ْ مئوية. ، وبما أن حديد وكسان له مميزات كيماوية خاصة ، تعتبر من الأجود في العالم فإن الدراسة والتحاليل المخبرية على الكريات أكدت هذه النسب: الحديد........................66% السيليس.....................4% الألومين.....................0.3% الكلس........................0.9% الكبريت......................0.02% هذه الأرقام مستمدة من التقارير التي قدمها مكتب الأبحاث و المساهمات المعدنية إلى وزارة المعادن . كيف ينتج المعمل الكريات. يتكون المعمل من فرنين عموديين يتم تموين كل واحد منهما بجهاز يتكون من مواكبين أفقيين يمكنان من تموين الفرن بكيفية منتظمة . وقد عملت الشركة الكندية على تكوين مجموعة من التقنيين المتخصصين لمراقبة درجة الحرارة التي يمكن أن يتمدد بها الحديد ويصبح قابلا للعجن ، وهي 1200 درجة مئوية ، بمعنى آخر أقل بكثير من درجة غليانه وهي 2750 وأقرب إلى درجة انصهاره وهي 1535درجة مئوية . وقد تم بناء قاعة للمراقبة مجهزة بأحدث الأجهزة الإلكترونية ، لمراقبة درجة الحرارة التي تجعل الحديد قابلا لتكويره وأي خلل في درجات الحرارة يؤدي إلى إبطال إنتاج الكريات ، علما بأن هذا الفرن يجب تموينه بحديد حجر الهيماتييت الخام . قاعة المراقبة لمعمل تكوير الحديد بداية العبث عملت إدارة الشركة على تشغيل مجموعة من التثقنيين بهذه الغرفة وهم لا يمتلكون أي تكوين مهني أو معرفي ، بل شفع لهم في ذلك انتمائهم العائلي أو القبلي لأطر الشركة ، وهو الشيء الذي أثر سلبا على التسيير والتدبير السليمين لعملية إنتاج الكريات. في 21 يوليوز 1981 سيعقد مدير الشركة اجتماعا مع رؤساء المصالح لدراسة مشروع التراب المعديني ، وسيعمل في هذا الاجتماع على إقصاء المهندس اليوسفي من العملية علما بأن هذا من تخصصه ، هذا الإقصاء جعل اليوسفي يوجه له إنذارا بأن عملية استغلال التراب المعدني بهذه الطريقة يعتبر خطأ جسيما.وقد أثبتت الأيام رجاهة رأي المهندس اليوسفي رحمة الله عليه ، حيث . • تم تضييع وتعطيل معمل تكرير المعادن . • استنفذ هذا المشروع ميزانية ضخمة إلى جانب المحروقات واليد العاملة. كيف ضيع المعمل بدلا من تموين الفرن بحجر الهيماتيت، أخذ المسئولون يخلطون بين الحجر والتراب المعدني ،يضاف إلى هذا ضعف تكوين التقنيين، وعبثيتهم التي أوصلت درجة الحرارة بالفرن إلى أكثر بكثير من درجة امتداد الحديد بل وصل إلى حد الغليان ، الشيء الذي جعل المسئولين يهرولون إلى المعمل لينقذوا ما يمكن إنقاذه ، محاولتهم زادت في الطين بلة ، حين أخمدوا درجة الحرارة بالفرن وانتظروا رجوعه إلى حالة الامتداد ، غير أن هذه المحاولة باءت بالفشل حين تحول الفرن والحديد المنصهر كتلة واحدة . تفتقت عبقرية المسئولين بتكليف مجموعة من العمال قصد تخليص الفرن من المعدن المتجمد داخله، فعملوا على تلبيسهم لباس النار ووزعوهم إلى فرق ، تحمل بالرافعة وتدخلهم إلى جحيم الفرن للاشتغال بالتناوب 5 دقائق في محاولة تطهير الفرن من الحديد الجامد داخله، وبعد جهد جهيد استطاع العمال إنقاذ الموقف . غير أن التساؤل المطروح ، ما هي العواقب الصحية الناجمة عن هذه العملية وهي أن تدخل كائنا بشريا داخل الفرن وفي درجة مرتفعة ليشتغل مدة 5 دقائق ويعاود الكرة مرات ومرات؟ هذا الخطأ الجسيم لم يجعل المسئولين يعتبرون ، ولم تصدر أي عقوبة جزرية في حق هؤلاء المتلاعبين بأكبر مركب لإنتاج كريات الحديد ، بل عاودوا الكرة مرة ثانية وثالثة بنفس الخطأ ،يضاف إلى هذا الغبار المتسرب من التراب المعدني ، والذي تسرب إلى الآلات والمولدات والمحولات مما أدى إلى اختناق هذه الأجهزة والآلات فصعب إصلاحها هكذا كانت نهاية أكبر مشروع عرفه الإقليم منذ الاستقلال إلى اليوم.