أعلنت الحكومة البلجيكية أمس، عن بعض تفاصيل خطتها التي أكدت أنها ل«تنظيف» عدة بلديات في العاصمة بروكسل ومنها بلدية مولنبيك "الحي الذي يضم الجالية الريفية بالمدينة"، التي وصفها البعض بأنها «بؤرة للتطرف»، وخصوصا بعد أن خرج منها أشخاص شاركوا في تنفيذ هجمات باريس، في 13 نوفمبر الماضي. وعلى الرغم من أن هذه البلدية ليست الوحيدة في البلاد، التي تطرح مشكلة للسلطات بسبب تصاعد نسبة البطالة والأنشطة غير القانونية، فإن ارتباط اسم مولنبيك ببعض منفذي ومخططي عدة هجمات إرهابية، جعلها تحتل مكان الأولوية بالنسبة لوزير الداخلية جان جامبون، الذي ينتمي للتيار اليميني المتشدد، والذي أكد أن مخططه سيدخل حيز التنفيذ في نهاية شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، ويتضمن بالدرجة الأولى العمل على محاربة الاقتصاد الموازي المستشري فيها، ف«المتطرفون من سكان البلدية هم رسميًا، عاطلون عن العمل، ولكنهم يحصلون على الأموال بفضل تجارة السلاح والمخدرات وتزوير الوثائق، ونحن سنعمل لتجفيف مصادرهم المالية»، وفق كلامه. كما تحدث عن نيته زيادة الدعم للسلطات الإدارية البلدية ليتسنى لها القيام بعملها من ناحية ضبط عدد السكان وفرز القاطنين على أراضيها بشكل غير قانوني. وشدد الوزير على أن مخططه يتضمن زيادة عدد قوات الشرطة في البلدية ودعم إمكانياتها من أجل تفعيل عملها في التصدي للجريمة والمخالفات، وكذلك التحري حول شبكات التطرف والأشخاص الذين يعتزمون الذهاب إلى أماكن الصراعات للقتال إلى جانب مجموعات إرهابية. وفي وقت سابق أشار وزير الداخلية جان جامبون أمام اللجنة البرلمانية لمكافحة الإرهاب، إلى أنه سيتم إشراك بلديات بروكسل، وبلدية فيلفورد، في خطة العمل التي أعلن عنها بالنسبة لبلدية مولنبيك وهي بلديات تابعة للعاصمة بروكسل، ويقطنها غالبية من العرب والمسلمين. وتشاورت أجهزة الداخلية مع عمدة مولنبيك، ودوائر الشرطة المحلية، والشرطة الفيدرالية ودائرة الأجانب ومختلف المكاتب الوزارية من أجل إعداد هذه الخطة، وأظهرت هذه الخطة أن مقاربة الظاهرة لا يمكن أن تتحدد في البلدية وحدها، ولكن ينبغي أن تشمل منطقة أكبر تضم أحياء منها سان جيل وأندرلخت ولاكن (بروكسلالمدينة) وكوكلبرغ وسكاربيك وسان جوس وفيلفورد (ببارابانت فلامان). وتوجهت «الشرق الأوسط» إلى مقر بلدية مولنبيك، وسألنا عضو المجلس المحلي اناليزا جادليتا، عن عودة الحياة الطبيعية إلى هذا الحي بعد فترة التوتر فقالت: «بالفعل عودة سوق مولنبيك إلى نشاطها الاعتيادي وبهذه الصورة من الازدحام، يعتبر دليلا على عودة الحياة الطبيعية لسكان الحي». وسألتها «الشرق الأوسط» عما تردد في وسائل الإعلام البلجيكية من أن السلطات المحلية والأمنية في مولنبيك، تدرس حاليا مقترحا لوزير الداخلية يتعلق بحملة تفتيش وتدقيق واسعة على كل مساكن الحي، للتأكد من عدم وجود أشخاص غير مسجلين في السجلات الرسمية، وهو الأمر الذي يفسره البعض بأنه محاولة للقبض على مطلوبين أمنيا، وكانت المفاجأة في رد المسؤولة في السلطة المحلية، التي قالت: «اقتراح وزير الداخلية غير ملائم لنا حاليا، نحن لدينا خطوات أخرى أهم، وتتعلق بمواجهة الفكر المتشدد، وتفادي تأثر الشباب بهذا التشدد، وأنا أعتقد أن تفتيش كل المنازل هنا أمر صعب تحقيقه إذا علمنا أن الحي يضم 38 ألف وحدة سكنية»، وتساءلت جادليتا قائلة: «فكيف سنقوم بالتدقيق في كل منزل على حدة، وكم عدد الموظفين والأمنيين المطلوبين لهذا الأمر». ولكن البعض من سكان الحي لا ينظرون إلى الأمر من هذه الزاوية، ولهم حسابات أخرى كما يقول مراد الشاب المغربي المقيم في الحي والذي أضاف «أنا ضد مثل هذه الخطط، وأعتقد أن السلطات لو أقدمت على تنفيذ هذا الأمر سوف تتعرض لانتقادات شديدة وأنا أول من سينتقد هذه الخطوة». ويبرر مراد موقفه بالقول: «الواحد يكون نائما مع زوجته وأولاده في البيت وفجأة يأتي من يفتش المنزل، هذا أمر غير مقبول، لأنهم إذا كانوا يبحثون عن شخص مطلوب أمنيا فهذا عملهم ولا بد لهم أن يحددوا في البداية المنزل الموجود فيه ثم يقومون بالتفتيش وليس تفتيش كل المنازل». وواجهت خطة الحكومة، لإجراء عملية تفتيش على كل منازل بلدية مولنبيك في بروكسل، مصاعب وخلافات بين وزارة الداخلية والإدارة المحلية في مولنبيك، وقال نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية البلجيكي جان جامبون، أن الحكومة الفيدرالية، تستعد لإرسال أعداد من الموظفين المدنيين في الوزارة، لمساعدة السلطات المحلية، في تنفيذ عملية تفتيش وتدقيق في كل المنازل، للتأكد من وجود فعلي للسكان المسجلة أسماؤهم بالسجلات الرسمية في البلدية. وكان الوزير قد صرح عقب تفجيرات باريس بأن بعض بيوت مولنبيك يعيش فيها عشرة أشخاص، بينما المسجلون رسميا في البلدية يقل عن نصف العدد وهذا أمر غير مقبول ويجب أن نعرف من يعيش على التراب البلجيكي. ويقع مقر بلدية مولنبيك على بعد خطوات من منزل عائلة المطلوب الأمني الأول في بلجيكا صلاح عبد السلام الذي كان من المفترض أن يفجر نفسه في هجمات باريس، ولكنه عدل عن موقفه في آخر لحظة، بينما فعل أخوه إبراهيم ذلك، هذا المنزل الذي شهد مداهمات أمنية متكررة، في ظل مداهمات أمنية، كانت تحدث بشكل شبه يومي منذ أكثر من أسابيع، وكانت تستهدف منازل أقارب الأشخاص المشتبه في علاقتهم بتفجيرات باريس، ومنهم صلاح عبد السلام وشقيقه إبراهيم، وعبد الحميد أبا عود وبلال حدفي وغيرهم.