الحب، العنف، الحكرة، الرشوة، المخدرات والسيبة، هذا هو حال ثانويتنا«ثانوية مقدم بوزيان بأركمان» التي أصبحت مرتعا لكل التجاوزات، لنقترب من واقع يخيفنا ولا نحاول فهمه، هذه هي الصورة التي يراها بعض التلاميذ الذين يدرسون بها، يقفون وسط مجموعة من زملائهم، بيدهم اليمنى سيجارة، واليد الأخرى تحمل دفترا ما زالت صفحاته بيضاء منذ بداية الموسم الدراسي، ودفتر قلة من التلاميذ قد تسوده دروس لتسجيل أشكال وحالات العنف والغش الممارسة داخل المؤسسة، أو لعدد «الجوانات» وأيام الغياب، وقد يترك هامشا لأسماء بعض زميلاته ممن فضلن امتهان الحب والرومانسية. وبعيدا عن نوع التلاميذ المذكورين، يجلس البعض الأخر على عتبة أحد المنازل المجاورة للثانوية وبعينين غائبتين بتأثير الحشيش. مخدرات، انحراف وجهل، يغيب الأمل عند التلاميذ لتعوضه المخدرات والغش والسيبة … إذ تشير إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط إلى أن حوالي 10% من فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 سنة تستهلك المخدرات بشكل دوري، وترجع السبب إلى الرغبة في الهرب من واقع مؤلم ومن مستقبل غامض. كل الأنواع المعروفة للمخدرات حاضرة في الثانوية: الشمة، النفحة، الحشيش، الكيف، يقول أحد التلاميذ عن انتشار المخدرات داخل ثانويته أن «أغلبية التلاميذ معانا كياخدو الحشيش والكيف» تعاطي المخدرات لا يقتصر فقط على التلاميذ الذكور، هناك أيضا إشارة من طرف أحد التلاميذ إلى انتشار المخدرات ضمن الفتيات أيضا:«عدد الفتيات اللائي أعلم أنهن يتناولن المعجون كل يوم في ارتفاع، بل يفوق عددهن عدد الذكور في مؤسسات كثيرة» السلوك العنيف وإدمان المخدرات يسببان الطرد من الحصص الدراسية فيتعود التلاميذ على الغياب ليصبح عادة عنده…ويمر العام الدراسي والتلميذ في حالة غياب مستمر، ليحين موعد الإمتحانات ويصبح الحل الوحيد هو الغش، التحراز، التحناش… والمستفيد الأكبر هم أصحاب محلات الفوطوكوبي. وفي حوار مع أحد الأساتذة عن وجهة نظره على ما يقع، صرح بالقول: «الكل يتحمل مسؤولية تفشي الغش»، وهو يشير بأصبع الإتهام للجميع من المسؤولين عن وضع المقررات التي يعجز التلميذ عن مسايرتها، إلى الأساتذة الذين يقومون بالتلقين بشكل ببغائي وروتيني… وبالتالي يجب إعادة النظر في طريقة الإمتحانات عبر تعويض الحفظ بالفهم. وعليه فإن خبراء التربية وعلماء الاجتماع وعلماء النفس مُجمعون على أن الإجراءات المتخذة من طرف القطاع الوصي غير كافية للحد من السلوكات المنافية للآداب في المؤسسات التعليمية، لأن الفضاءات التعليمية لا تشكل سوى جزء من الفضاءات المتعددة التي يكتسب منها الفرد سلوكاته وممارساته، ومن ثمة فمعالجة السلوكات المنحرفة تتطلب تضافر جهود مؤسسات أخرى في مقدمتها : الأسرة والمجتمع نفسه، إذن فالمشكلة عميقة ويجب أن نبحث لها عن حل عاجل.