كالعادة وانا جالس في مقر عملي، متأملا وضع منطقتي ومطلقا لعنان خيالي، ليسافر في غياهب تحاليلي واستنتجاتي ..متصورا منطقتي ثازغين جنّة، حيث المعامل و الشركات و والرواج الاقتصادي و كل شيئ ، باستثناء تيمة الشر.. المسؤولون يتجولون و يسألون الساكنة عن مشاكلهم و همومهم..الشباب يتجهون صوب الملاعب الرياضية بعيدا عن المقاهي..النساء يتجولن على شواطئ البحر مع من يعشقن و من يتمنين أن يكونو أزواجهن.. ورود على ضفاف و جنبات الطرقات… مياه كثيرة و شلالات تشبه شلالات ومناظر الأمازون…الشيوخ يقصدون المستشفيات و يستقبلهم الاطباء بابتسامات عريضة نابعة من قلوبهم..النساء الحوامل بدورهن يتم مراقبتهن عن كثب كما جعلوا لكل حامل ممرضة تتابع وضعها عن كثب..الاطفال الصغار يتجهون صوب المدارس، حيث تضاعف عدد التلاميذ المقبلين على التعليم مع منحهم “اغرائات” تزيد من حبهم للعلم واهله..كما تم تشييد جامعة لكل ابناء الشعب، مع المنحة المخصصة للطلاب حتى يتم توفير جو ملائم لاتمام دراستهم على احسن ما يرام….من جانب أخر عم الامن و الامان و السلم و السلام منطقة ثازغين حتى يخال لك أنها احدى مدن سانغافورة..لكن..لكن… قبل أن أنهي تفكيري و قبل أن أضع الحجر الاساسي للبناء، فاحت واطلت رائحة كريهة وقوية من النافذة، راجعة الى انفجار انبوب للواد الحار بمحذات مقر عملي، منذ مدة فاقت ألاسبوعين، دون أن يتدخل لا المسؤولين المنتخبين و لا رجال السلطة لوضع حدّ “للبوخرارو” وروائحه الكريهة.. و هنا تبخر حلمي نتيجة طغيان قوة الروائح التي شوشت وخدّرت افكاري المثالية واسقطت ركائز مدينتي الفاضلة التي لم تعمر الا دقائق معدودة. نعم انها رائحة كريهة تزكم أنوف المارة و القربين و حتى البعيدين،انها رائحة تجعل يديك فوق انفك و أنت تمر قربها، انها رائحة تشعرك بالغثيان و التقزز. كل هذا يقع و المسؤولين خارج التغطية فلا الرئيس و لا نوابه********و لا حتى المسماة زورا وبهتانا بالمعارضة قامت بشيئ من أجل وضع حد لهذه المسألة الخطيرة التي جعلت من ثازغين مكان يشبه مرحض كبير. و بالعودة الى “سيادة” الرئيس، فهذا الاخير غاب عن ثازغين لأكثر من شهر دون أن يظهر بشكل نهائي، حيث تتسائل الساكنة و تبحث عنه لكن بدون جدوى، و هناك من ناد ساخرا من هذا الوضع، بضرورة الاتصال بالبرنامج الشهري الذي تبثه القناة الثانية “مختفون” للبحث عنه (أعذروني ربما هذا البرنامج لم يعد موجودا، فمنذ مدة قاطعت كل القنوات المغربية) فيما طالب الاخرون السلطات الوصية بالتدخل الفوري و العاجل لانقاذ ما يمكن انقاذه، وذلك باعادة انتخاب مكتب مسير جديد للجماعة. و ذكرا للقائد، فهذا الاخير نفسه لم يعد يظهر في ثازغين و اقتصر على القيام بمهامه و المتمثل في مراقبة قبيلته و الوقوف على مشاكل الساكنة، مرات قليلة يزورنا لكن فقط عندما يخبره مقدم الدوار أن أحد ما يبني بدون رخصة.. (غريب أمركم جميعا، تطالبوننا بالرخصة و أنتم لم تصلحوا حتى انابيب واد الحار..) كما أننا نتسائل عن عامل دريوش، و نسأله “بكل احترام”هل سمع يوما بالمسمات ثازغين المنسية قديما و حاضرا و ربما مستقبلا…الى ذلك الحين نترككم في انتظار كارثة أخرى للكتابة عنها، لاننا لاسف لم نألف منك سوى الكوارث … أزول.