[email protected] مدينة بروكسيل، عاصمة أوربا، مدينة تتراءى للقاطنين بها واحدة من المدن المغربية. حيث التشابه بينها وبين هذه الأخيرة يطال عدة نواح. فشوارعها وبنيتها التحتية عموماً لا تختلف كثيراً عن نظيرتها ببلدنا الحبيب. والسفر بينها وبين هولندا عبر مدينة أنفرس يوضح الفرق. إذ أنك بمجرد دخول الديار الهولندية ستحس أنك داخل إلى مدينة أوربية، والعكس كذلك، فمن هولندا وبمجرد دخول حدود مدينة أنفرس ستحس أنك قد عدت من بلاد المهجر ودخلت الحدود المغربية. حيث الشوارع محفرة والأشغال لا تنتهي إلا بعد شهور، كما أن المنازل قديمة مهترئة، وسيارات الإسعاف لا تتوقف عن النفير طوال 24 ساعة بسبب تسرب الغاز بالمنازل… لكن رغم التشابه في البنية التحتية، فلهذه البلاد مميزات عكس المغرب. فالإحساس بالغربة بمدينة أنفرس ينتفي بوجود شارع “هاندل” الذي يعتبر شارع المغاربة بامتياز. حيث لا مجال لسماع اللغة الفلامانية، لأن الشارع المذكور يتوفر على مشاريع تجارية لمغاربة، إن استثنينا محلين أو ثلاثة. واللغة الرسمية هي الريفية مع الدارجة في بعض الأحيان. بحيث لا تحتاج منك الإقامة بهذه المدينة معرفة لغتها، لأنك بمجرد دخول المحلات والمقاهي بالشارع المذكور يكفيك الحديث بالريفية. أما عن بروكسيل، فأسواق المغاربة تغنيك عن الحاجة للغة الفرنسية التي يتطلبها فقط الدخول إلى الإدارات لقضاء أمور إدارية. مع أنه في أحيان كثيرة تجد مغاربة يشغلون بها مناصب، وبالتالي اللغة الأم ممكنة الاستعمال وتغنيك عن الفرنسية. كما أن “شارع غنت” ((Chaussée de Gand مغربي وبه كل الحاجيات الضرورية من مواد غذائية واستهلاكية ومنزلية… وهنا أعود للحديث عن مميزات هذه البلد عن المغرب. ففي الواقع، فالإحساس بالغربة بريفنا العزيز أمام الإقصاء من التوظيف يفوق غربة بلجيكا، التي تمنح العامة (على الأقل) مصدراً للعيش، ينسي المهاجرين في بعدهم عن بلدهم. ففي زيارة لمدينة بروكسيل، وتفقد مختلف شوارعها، دخلت منطقة المحطة الشمالية، حيث يتواجد شارع “دي برابانت” (Rue de Brabant)، وهو شارع يماثل شارع “هاندل” بأنفرس، لأنه شارع تجاري مغربي. فوجئت وأنا أجول بهذا الشارع بوجود شارع تجاري آخر محاذي، لكن التجارة المتداولة هناك من نوع خاص (تجارة اللحم الطري) إذ يتوفر على البيوت الزجاجية للعاهرات العاريات. والمشكلة أن شارع “دي برابانت” يقصده مغاربة من ألمانياوهولندا وفرنسا للتسوق رفقة عائلاتهم، دون علم منهم بوجود شارع العاهرات. وكثير منهم يخطئون الشارع، ليجدوا أنفسهم يسيرون بسيارتهم في الشارع الخطأ. والمصيبة أنك وبمجرد دخولك بسيارتك للشارع المذكور فإنك لن تستطيع الخروج منه إلا بعد أزيد من 5 دقائق. فلا تستطيع العودة للوراء وتدارك الأمر، ولا الإسراع للأمام للخروج بسرعة. لأنك ستكتشف أنك حوصرت من كلتا الجهتين، حيث أن السيارات التي تدخل ذلك الشارع غرض سائقيها مشاهدة السلع المعروضة بالخزانات، وبالتالي يسيرون ببطء. ظننت لوهلة أنها عنصرية من البلجيكيين أن أقاموا تلك الخزانات بعد أن وجدوا المسلمين قد استقروا بشارع “دي برابانت” لكن بعد أن سألت وتحريت في الأمر، اكتشفت أن ذلك الشارع وتلك الخزانات أقدم حتى من التواجد المغربي ببلجيكا. وبالتالي فالمغاربة هم من قصد تلك المنطقة. (ولكم أن تتخيلوا…). قد أكون مخطئاً، وهذا ما أتمناه بالفعل، لأنه يحز في نفسي أن يكون المسلمون السبب في الانحلال الأخلاقي لشريحة واسعة من مغاربة ومغربيات أوربا من الجيل الثالث. اللهم إني أسألك اللطف والستر يا ستار، يا أرحم الراحمين. للأسف، تبقى هذه مجرد نافذة من النوافذ المطلة على واقعنا المر…