بدأت التحويلات البنكية للمغاربة القاطنين في الخارج تتأثر بتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية, مثل قطاعات السياحة, وصادرات المنتوجات الفلاحية والبحرية, والنسيج والألبسة, على الخصوص. وحسب مكتب الصرف, بلغت التحويلات البنكية للمغاربة المقيمين في الخارج, 53.65 مليار درهم, سنة 2008, مسجلة تراجعا بنسبة 2.4 في المائة, مقارنة مع المستوى المسجل سنة 2007, لكنها سجلت نموا بنسبة 24.5 في المائة, إذا ما قورن المبلغ, وهو 43 مليار درهم, مع متوسط السنوات من 2003 إلى 2007. وكانت قيمة التحويلات ارتفعت إلى أكثر من 50 مليار درهم سنة 2007، بعدما سجلت أزيد من 40 مليار درهم سنة 2006, و حوالي 37 مليار درهم سنة 2005. وكانت تتصدر المداخيل التي تستخلصها الدولة, مثل الفوسفاط والصادرات الفلاحية, قبل أن تتراجع مكانتها إلى المرتبة الثانية, مسبوقة بمداخيل السياحة, التي بلغت 60 مليار درهم. وسجلت التحويلات ارتفاعا متواصلا بلغ 7 في المائة سنويا, منذ سنة 1999, وتعزى هذه الحصيلة إلى الاهتمام الموجه إلى هذه الفئة من المغاربة, في بلدها الأصلي, أو في البلدان المضيفة, الأوروبية والعربية والأميركية. وأضحى هذا المورد عاملا مساهما في تنشيط الاقتصاد الوطني, لاسيما أن الأموال المحولة لم تعد توجه من أجل الاستهلاك أو الادخار, إنما للاستثمار وخلق مشاريع مدرة للدخل وتنمية الثروات وتحسين ظروف عيش السكان, في البوادي والمناطق النائية التي يتحدر منها المهاجرون المغاربة. كما تساهم في تغطية العجز التجاري للمغرب بنسبة تفوق 60 في المائة. وتفيد المعطيات أن تحويلات المغاربة القاطنين في فرنساوبلجيكا وهولندا، تشكل وحدها نسبة 50 في المائة من مجموع المبلغ الإجمالي. لكن ظهرت في السنوات القليلة الماضية القوة الاقتصادية والاستثمارية التي أضحى يشكلها المغاربة القاطنون في إيطاليا, حيث يقطن أكثر من 150 ألف مغربي, وإسبانيا حيث يقيم أزيد من 200 ألف, ويشكلون بذلك أكبر جالية في هذا البلد. وكانت دراسة أنجزها البنك الإفريقي للتنمية, أخيرا, أفادت أن المغرب يتميز بحجم مهم في مجال تحويلات أموال المهاجرين في العالم, ويمتلك سياسة نموذجية في استبناك التحويلات. ووصفت القطاع البنكي المغربي ب “السوق الناضجة”, مذكرة بأن البلاد “تتميز عن باقي الدول الأخرى في مجال شركات تحويل الأموال, إذ أنه من أصل 20 بنكا, تتقاسم أربعة بنوك مغربية 85 في المائة من حصة سوق المهاجرين. ويبلغ عدد المغاربة المقيمين في الخارج, وأساسا في بلدان أوروبا الغربية, أكثر من ثلاثة ملايين فرد, ويتمركز غالبيتهم في فرنسا, التي كانت أول بلد هاجر إليه المغاربة منذ الستينيات. وتحتل الجالية المغربية في هذا البلد الأوروبي المكانة الثانية من ناحية العدد, بعد الجالية الجزائرية, في وقت تحتل الجالية المغربية مقدمة الجاليات من ناحية العدد في بلجيكا, في حين تزايدت أعدادها وأهميتها مع توالي العقود, في اسبانيا وايطاليا, على الخصوص.