تدور كل يوم أحاديث كثيرة عن التنجيم والأبراج ومحاولة التنبؤ بالمستقبل الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، فهناك الكثيرين الذين لا يبدأون يومهم الا بعد قراءة (حظك اليوم) وإما اان يسعدوا ويستبشروا وإما ان تسود وجوههم وتنقبض قلوبهم متجاهلين قول الرسول صلى الله عليه وسلم :” من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما”، ويؤكد علماء الدين على تحريم الرسول صلّى الله عليه وسلم لهذه الاعمال وعدم اعترافه بها ، إنما حث الناس على العلم وعلى التفكر بآيات الله عز وجل. يقول الدكتور صبرى عبد الرؤوف أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية : على المسلم أن يتأكد أنه لا يعلم الغيب إلا الله تعالى، ومن ادعى علم الغيب أو نسبه إلى شخص من الناس فقد خرج من ملة الإسلام، وكفر بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد دلت نصوص الوحي على ذلك ، قال تعالى: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ {النمل:65}، وقال تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم: قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ {الأنعام: 50}، وقال تعالى: قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ {الأعراف:188}. وفي صحيح مسلم من حديث عائشة قالت: ومن زعم أنه -يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم- يخبر بما يكون في غد، فقد أعظم على الله الفرية، والله يقول: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ . فعلم التنجيم محرم شرعا كما يفيد الحديث: “من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر”. رواه أحمد وأبو داود، وعلى المسلم أن يعتصم بالله، وأن يحقق إيمانه بربه. ويؤكد الدكتور عبدالرحيم السايح أستاذ البلاغة بجامعة الأزهر أن علم النفس الحديث يخبرنا بأن هؤلاء الذين يبنون حياتهم على أساس التوقعات ومحاولة معرفة المستقبل غالباً ما يصابون بصدمات نفسية نتيجة خيبة أملهم في كذب هذه التوقعات، ومن ثم يصابون بحالات الاكتئاب. فالانسان الذي ينتظر ماذا تقول له الأبراج يكون في الغالب غير مستقر من الناحية النفسية. ويكون لديه اضطرابات نفسية بسبب الانتظار لتحقيق شيء ما، فإذا لم يتحقق ما كان ينتظره فإن الغضب والانفعالات النفسية المختلفة سوف تسيطر عليه. وقد ابلغنا رسولنا الكريم صلّى الله عليه وسلم أنه : (من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) [رواه أحمد]، بمعنى أن الرسول الكريم يريدنا أن نبني عقيدتنا على أساس علمي بعيداً عن الأكاذيب. وفى الغالب من يتبع هذه الأكاذيب والخرافات ينفق أموال كثيرة في سبيل معرفة الغيب، إذن عندما نهى الرسول صلّى الله عليه وسلم عن هذا التنجيم إنما حفظ مال المؤمن وحفاظاً على استقراره النفسي ، وصدق ربنا حين قال فى رسوله (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم) التوبة. ويفرق الشيخ فرحات السعيد المنجى من علماء الأزهر بين التخمين والتنجيم ، موضحاً ان التخمين مجرد توقع أمر قد ظهرت له علامات مثل توقع المطر عند تراكم السحب في السماء، وتوقع الحر أو البرد بمشاهدة بعض العلامات الدالة في العادة على ذلك، فهذا ليس فيه شيء، لكنه لا يخرج عن الظن والتخمين، وقد نهانا الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلم عن تصديق مثل هذه الخرافات والأكاذيب، لأنه رسول الله ولا ينطق عن الهوى. وتعالوا نتحدث بالعقل فإذا تأملنا المسافات التي تفصلنا عن اقرب نجم لكوكب الارض لوجدناها هائلة الكبر لدرجة لا يتصورها عقل بشري فأقرب نجم لكوكبنا يبعد عنا أكثر من أربع سنوات ضوئية ،بحسب كلام العلماء الذين يعرفون هذه الحسابات ، أي أن الضوء الصادر من هذا النجم يستغرق أكثر من أربع سنوات لقطع المسافة من هذا النجم باتجاه الأرض فكيف يكون للنجم تأثير علينا بوجود هذه المسافة ، فما ذلك الا ضرب من السحر ورجم بالغيب، جاء في الحديث عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “من اقتبس شعبة من النجوم، فقد اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد”. وقول الجهلاء بأن هذه الأبراج لها تأثيراً على صفات الناس وأحوالهم ومستقبلهم، هو قول باطل في الإسلام وهو من ادعاء علم الغيب، وادعاء علم الغيب منازعة لله -سبحانه وتعالى- في قوله: “قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله” [النحل:65]. فعلينا نحن المسلمين أن نحذر من أولئك الدجالين الذين يستغلون سذاجة البسطاء والجهلاء، فيستغفلونهم ،ويسلبون أموالهم ، ويفسدون عقائدهم. الغيب لا يعلمه إلا الله، والوحي ما نزل إلا على الرسل، ونبينا صلى الله عليه وسلم لا يعلم الغيب، قال الله تعالى قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ.