والتوغل الإسباني في المغرب أشغال الندوة الدولية حول الشهيد محمد أمزيان في ذكراها المئوية الناظور 12 – 13 ماي 2012 جمع وتنسيق عبد الوهاب برومي اللجنة العلمية للندوة رشيد يشوتي عبد الوهاب برومي ميمون أزيزا عبد الله كموني يوسف السعيدي كلمة تقديمية……………………………………………………………………………………………………………… 9 الخطاب الا فتتاحي للندوة………………………………………………………………………………………. 15 كلمة السيد أحمد بوحجر………………………………………………………………………………………… 17 كلمة السيد محمد الخمليشي………………………………………………………………………………….. 23 كلمة المجلس البلدي؛ أزغنغان………………………………………………………………………………. 27 كلمة السيد نور الدين لهريم…………………………………………………………………………………… 31 كلمة السيد مجاهد عبد الصمد………………………………………………………………………………. 35 المحور الأول: حركة مقاومة الشريف محمد أمزيان؛ النشأة والسياق التاريخي 37 علي الإدريسي……………………………………………………. 39 مصطفى الغديري……………………………………………… 59 جهاد الشريف محمد أمزيان، البذرة التي أثمرت الاستقلال المغربي حسن البدوي………………………………………… 75 مقاومة دخول الاستعمار؛ نموذج الشريف محمد أمزيان وسيدي رحو محمد لخواجة……………………………………….. 83 معارك الريف ضد الاحتلال الإسباني 1893-1912 عبد المطلب الزيزاوي……………………………. 101 خديجة خديري……………………………………… 117 المحور الثاني: المخزن الحفيظي وحركة مقاومة الشريف محمد أمزيان 129 عكاشة برحاب…………………………………….. 131 رشيد يشوتي………………………………………… 153 عبد الوهاب برومي…………………………………………… 171 زكي مبارك…………………………………………………………. 197 المحور الثالث: الاستعمار الإسباني وانعكاساته الثقافية، والاجتماعية على الريف 201 أثر الاستعمار الإسباني على البيئة اللغوية والثقافية بالريف سليمة الكولالي…………………………………………………… 203 ميمون أزيزا…………………………………………………….. 227 بوظيلب الحسين ……………………………………………. 241 ظاهرة تهريب الأسلحة في سواحل الريف، ودورها في تسليح قبائله مع النصف الثاني من القرن 19م . محمد أحميان……………………………………………………… 255 المحور الرابع: أرشيف المقاومة………………………………………… 273 وثائق المقاومة الريفية في مركز الأرشيف الدبلوماسي بنانط علي بنطالب……………………………………………………….. 275 حصيلة عملية استنساخ الوثائق التاريخية المودعة بمراكز الأرشيف خارج الوطن والمرتبطة بتاريخ الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير نور الدين لهريم…………………………………………………. 285 الجلسة الختامية: خلاصة وتوصية برومي عبد الوهاب…………………………………………… 293 صور ذكرى استشهاد الشريف محمد أمزيان 2012…………………………………………. 295 إن اختيارنا لموضوع "الشريف محمد أمزيان والتوغل الإسباني في المغرب" أرضية للبحث والنقاش في هذا الملتقى الدولي، لم يأت جزافا، أو هو وليد الصدفة، بل إن له ما يبرره علميا وأدبيا، ذلك أن الدراسات والبحوث في هذا الموضوع لا تزال معدودة على الأصابع، ولاسيما منها التي تعتمد الوثيقة منطلقا لها، ومادة أساسية في التحليل والتأويل، فهي قليلة نسبيا وحديثة العهد في الوسط الجامعي ببلادنا. إن شخصية الشريف محمد أمزيان، التي هي قطب الرحى في هذه الندوة الدولية، لا يختلف اثنان في تصنيفها ضمن الشخصيات المغربيةالفذة التي لم تنل حقها من الاعتراف والتقدير من الباحثين المغاربة أنفسهم، لذلك ارتأت ثلة من الغيورين على تاريخ المنطقة تنشيط هذا الملتقى الدولي احتفاء بالذكرى المئوية لاستشهاد الشريف محمد أمزيان 1912 -2012، كتجربة ومراس فذين في الدفاع عن الكينونة الوطنية ضد التحرشات الأجنبية، خاصة منها الاستعمار الإسباني. إن التحفي اليوم بهذه المحطة التاريخية المتنورة، هو تحفي بإحدى مآثر ومفاخر التاريخ الوطني المغربي، باعتبار الشريف محمد أمزيان قطبا دينيا وصوفيا، فقد حتمت عليه شخصيته الدينية أن يكون أول المقاومين والمجاهدين، انطلاقا من زاويته بازغنغان، لتمتد حرْكات المقاومة على طول المنطقة الريفية. إن الشريف محمد أمزيان، هذا الرجل الذي استساغ اللبنة الأولى للمقاومة الشعبية، والتي كان أول مؤسس لها في الريف المعاصر الشهيد المغمور الثائر الشيخ ميمون الفرخاني، فصقلها وطور أفكارها ووسائلها، لتصبح مهيأة ناضجة صالحة للمقاومين الآخرين الذين أسهموا من عرين الريف في بناء تاريخ المغرب المعاصر، هذا التاريخ الذي تشهد عليه "بفخر" دور الأرشيفات الأجنبية، خاصة الفرنسية والإسبانية، التي أبقته حيّا في الذاكرة الأممية. واليوم، هل تكفي هذه الوريقات للدمغ على صفحات التاريخ المغربي، الذي لم يُكتبْ له بعد أن يُكتبَ أكاديميا، أن هذا الريف، على غرار المناطق الأخرى، له السبق في تسجيل صفحات ناصعة من تاريخ مشرق لهذه الربوع المغربية؛ وأن موقعه الجيوسياسي جعل منه ومن رجاله رؤوس حِرَب للدفاع عن هذا الوطن الشامخ، والسبق في التفرد بصيانة وحدته الترابية ضد الغزاة الأجانب؛ وأن قبائل قلعية، كانت كل من موقعها، سدودا منيعة، وقلاعا طبيعية شماء لصدّ كل محاولات التسرب والتوغل الاستعماري انطلاقا من سواحل البحر المتوسط؛ وأن الريف كله كان مشتلا لإنتاج الأحرار، فكانت هذه البقعة المباركة مهد المقاومة الأولى، انتشرت منها حركة التحرير انتشارا عم سائر أرجاء البلاد، وكانوا السباقين للنضال عن الحق المغصوب والتراث المسلوب. إن حرْكات الشريف أمزيان ومن خلاله كل قبائل الريف كانت شاهدة بالحجة والدليل على ما اقترفته سلطات الاحتلال الإسباني في شمال المغرب من خطوب ورزايا ودواهي لا تزال، حتى اليوم، ندوبها محفورة على جسد الريف والريفيين الأشاوس. إن هزم الشريف محمد أمزيان، ومن خلاله كل الريفيين، لجحافل التوغل الاستعماري في الريف في بداية القرن العشرين، هو هزم لإديولوجية استعمارية إسبانية مقيتة، اتخذت من الريف موقعا لتجربة كل أنماط الفكر الاستعماري السائد آنئذ، ومن أجل هذا بعثت جهابذة هذا الفكر لتطبيق نظريات إسبانية غير مكتملة النضج، سرعان ما انكسرت أمام شهامة رجال بواسل، نجحوا في إحباط كل الخِطط التي اعتمدتها السلطات العسكرية الإسبانية وسعت إلى تنفيذها على بسيطة الريف. أما داخل وطننا اليوم، فأولى ثم أولى لهذا المجتمع الديمقراطي الحداثي المبني على الاحترام الكامل لحقوق الإنسان، أن يعيد الاعتبار وكامل الحقوق "المغصوبة" لهذا الرجل الرمز، الذي كان لا يقضي أمرا من أمور القبائل الريفية إلا بعد استشارتها في شؤون المقاومة والجهاد، بل حتى مراسلاته لم يكن يمضيها إلا بتوقيع منه ومن أعيان القبيلة التي يتواجد فيها، كما يثبت ذلك هذا الأنموذج من توقيعاته: "من عند الشريف أمزيان وكافة إخوانه (ويذكر اسم القبيلة التي يتواجد فيها)…" أفلا تكفي هذه الضروب من الديمقراطية المبدئية للدلالة على أن التجربة الريفية في المجال إضافة نوعية لما يصبو إليه المغرب اليوم. والظاهر أن الأجدر واللائق في باب إعادة الأهلية ورد الاعتبار لهذا الرجل "الأيقونة" الذي أربك معادلات الساسة والعسكر الإسبان، وتغافل عنه آل وطنه وتكالبت عليه صروف الزمان، هو الاعتراف بحقوقه ولو تملكته المنون، ولعل أولى هذه الحقوق إعادة بناء ضريح لائق بشخصه ومقامه ودوره التاريخي، وتضمينه متحفا يضم كل خصوصيات المقاومة بالريف الشرقي من أرشيفات ووثائق ومستندات. والواضح الأكيد أن من شأن هذه الأعمال الإسهام في تحقيق تكامل اقتصادي وثقافي حقيقي للمنطقة ككل. إن إصدار أشغال ووقائع هذا الملتقى الدولي اليوم، هو اعتراف بسيط جدا بتلك المهام الجسام التي بذلها هؤلاء الأشاوس للحد من التوغلات الأجنبية عموما والإسبانية خصوصا، وحماية بسيطَةَ هذا الوطن من براثن استعمار لم يجد بديلا لتغلغله وتسلله، بعد الهزائم المتتالية في مستعمراته لما وراء البحار، إلا عند هذا الجار المغربي. إن أبرز مقصد يصبو إليه نشر هذه الدراسة هو التأريخ الفعلي لأحد رجالات المغرب، إنه ترجمة تاريخية محضة وخالصة لشخصية كاد أن يطالها السهو والنسيان ويقبرها الإغفال والإهمال، مقصد تطمح من خلاله هذه الثلة من العلماء والمؤرخين إلى حفظ جزء يسير من ذاكرة عريضة لهذا الوطن الشامخ. كما أن إصدار هذا المؤلف اليوم هو إبراء تام من طرف هذه الثلة المثقفة حتى لا تتهم بكونها لم تقدم شيئا علميا رزينا للناشئة المغربية، أو يفترى عليها أنها لم تضع بين أيديهم وأيدي القراء الكرام صفحات تاريخية مشرقة أرّخت لأحد أبرز شخصية قاومت المحتل الإسباني، فسجلت بكل اعتزاز أخباره وأعماله وآثاره، كما أرخت فيها لأعظم شهيد سقط تحت وابل رصاص المحتل الإسباني في بداية القرن العشرين، إنه الشهيد الشريف محمد أمزيان. لقد انصبت اهتمامات الباحثين بالدراسة والتحليل، من خلال هذا المؤلف، على الإحاطة بالموضوع من كل الجوانب حتى أضحى فسيفساء تاريخية متكاملة وشاملة، جامعة مانعة، إذ ركزت فئة منهم على دراسة حركة مقاومة الشريف محمد أمزيان من حيث النشأة والسياق التاريخي. بينما ركز آخرون على معالجة محور المخزن الحفيظي وحرْكات مقاومة الشريف محمد أمزيان. أما المحور الثالث فقد ركز فيه الباحثون على دراسة الاستعمار الإسباني وانعكاساته الثقافية والاجتماعية على الريف. وأخيرا انصبت الدراسات المتعلقة بالمحور الرابع على أرشيف المقاومة الريفية سواء داخل الوطن أو خارجه. أما فيما يخص الجزء المخصص للدراسات الإسبانية فقد اهتم بعض الباحثين بالتطرق إلى الجانب التوثيقي وذلك بدراسة شخصية الشريف محمد أمزيان وحرْكاته من خلال الأرشيفات الإسبانية، واهتم بعضهم الآخر بالجوانب العسكرية والسياسية من خلال دراسة الحركات الفوضوية الإسبانية ومعارضتها لحرب كرت (1911-1912)، وكذا دراسة قضية الشرطة الأهلية كآلية سابقة ضمن نظام التوغلات الإسبانية بالريف، بينما اعتنت دراسات أخرى بالجانب الاقتصادي من خلال التطرق للسياق العام لإنشاء الشركة الإسبانية لمناجم الريف بمنطقة بني بويفرور، واكترثت مداخلات أخيرة بالجانب الصحفي وذلك بمناقشة صورة الريف ومقاومته من خلال الصحافة الإسبانية. لا يسعنا في ختام هذه الكلمة إلا أن نثمّن النجاحات التي حققها هذا الملتقى العلمي الدولي، بدءا بجمعه لهذه الصفوة من الأساتذة الباحثين والمؤرخين الدوليين والمغاربة، وثانيا بتحمله مهمة التوثيق التاريخي والأكاديمي لمرحلة حاسمة من تاريخ المغرب الشمالي، وثالثا- باستعماله كل الوسائط التقنية- لصيانة الذاكرة المحلية لرجالات الريف، والذين شكلوا ولا زالوا يشكلون مكونا هاما ضمن الذاكرة الوطنية المغربية، وانتهاء، كما سيتبين بعد إصدار هذه الأشغال، بإسهام الباحثين كل من موقعه في إغناء الرصيد التوثيقي وتجميع المستندات الغميسة التي تهم منطقة الريف، وهي نقطة إيجابية تحسب لكل هؤلاء الباحثين. كما لا يسعنا، في الأخير، كلجان منظمة ولجان علمية لهذا الملتقى الدولي إلا أن نثمن من جديد جهود الأساتذة المشاركين في هذه التظاهرة العلمية التي أسهمت بكل تأكيد في توثيق وتدوين تاريخ رجالات هذه الربوع الشامخة من هذا القطر الأبي، وعلى رأسهم الشخصية الفذة التي باعت نفسها فداء للوطن في وقت عصيب من تاريخنا: الشهيد الشريف محمد أمزيان. اللجنة العلمية تعليق