في كل مرة يعيش فيها اليابانيون الذكرى الهمجية النووية لإلقاء القنبلتين النوويتين من قبل القوات العسكرية الأمريكية أواخر أيام الحرب العالمية الثانية ، الأولى أودت بحياة مائة وأربعون ألف شخص والثانية أودت بحياة ثمانون ألف شخص، يتهرب الأمريكيون وحتى في عز حضورهم مراسيم الذكرى، من تقديم الاعتذار وبشكل رسمي للشعب الياباني الذي لطالما انتظر ذلك بفارغ الصبر بصفته محب للسلام ولا يتبنى الأمثال التي تشجع على الإنتقام أو مجرد التفكير فيه مثل : السن بالسن والعين بالعين أو كل ما شابه ذلك. لقد كانت للأسف، عملية إلقاء القنبلتين النوويتين في جزء كبير منها عبارة عن تجربة نووية سايرت برنامج التصنيع النووي الأمريكي بقيادة العالم النووي المجرم روبرت أوبنهايمر، لاختبارها بشكل حقيقي فوق رؤوس البشرية في أمة اليابان التي لم تكن لها أي باع في دخول إمبراطورها الهمجي الذي ادعى الألوهية، الحرب ضد الحلفاء. وللأسف الشديد أيضا، فإن إلقاء القنبلتين جاء بالتزامن مع إطلاق اليابانيون مبادرتهم التي كانت تقضي بالإستسلام شرط أن يكون ذلك للإتحاد السوفياتي آنذاك، وبما أن الأمريكان رأوا في مسألة إلقاء القنبلتين ورقة سياسية وعسكرية رابحة، فقد احتكموا للأسف إلى الهمجية وعملوا على ضرب الإنسانية في عمق روحها الأبدية، ومازالوا يفعلون في بلاد عديدة من هذا العالم الذي يأسف شديد الأسف لشهادته على احتضار الإنسانية وبث الروح القذرة في التطرف الديني الهمجي الذي لا يستند في أي من أفكاره الهدامة إلى سماحة ويسرة ورحابة الأديان. وإذا كانت الإنسانية في اليابان قد تم قتلها فقط منذ خمسة وستون سنة، وبواسطة قنبلتين نوويتين، فإن الإنسانية في تامزغا ” شمال أفريقيا ” تم قتلها منذ ما يزيد عن الألف سنة، والغريب أنها قتلت بوسائل أكثر نوويةً وهمجيةً من القنبلتين في هيروشيما وناغازاكي، أما فيما يخص أعداد الضحايا، فإن ذلك تبقى معرفته ضرب من الخيال أو من سابع المستحيلات، وقد تكون الأعداد تعدت حصيلتي المدينتين اليابانيتين مجتمعتين بأضعاف وأضعاف. فعندما تكون القنبلة النووية عبارة عن مجموعة من قطع الحديد ومسامير ومواد مشعة وانفجارية فتاكة، فإن تلك التركيبة إذا ما انفجرت، لا يمكن أن تحدث إلا خسارة محددة ومستقرة وانتهائية حتى في عز فضاعتها وفتكها وهمجيتها القتالية. أما الأخطر من ذلك، فهو عندما تكون القنبلة عبارة عن مجموعة بشرية تدين بالتطرف الديني والفتح العرقي الهمجي، تستمر وتتجدد وتتكاثر وتسحق على الدوام أية ملامح لبذور الإنسانية السمحاء، وتنشر العربنة العرقية على حساب التعدد العرقي لشعوب الكونية، في تحد همجي صارخ لإرادة خالق الكون الذي جعل من مفهوم التعدد، آية من آياته الإعجازية في كتابه الحق. وقد كان واضحا ولا يزال، أن هذا النشر كان أيضا شعار ملفق على حساب الدعوة إلى الدين الجديد، ذلك الشعار الذي اتخذوا له اسم ” الفتوحات الإسلامية ” ، فتوحات لم يكن القصد منها هو فتح قلوب البشرية المشكلة للشعوب ذات العرق الغير العربي مثل الشعب الأمازيغي في بلاده تامزغا للإنفتاح على الدين الجديد ” الإسلام”وتبنيه. بل كان المقصود منها هو فتح دماغ النشئ الأمازيغي وتدجينه بعناصر العرق العربي، بهدف الوصول إلى أملاكه وثرواته وأراضيه بشكل سلمي، حتى تتماسك وتكتمل عناصر القنبلة البشرية فتعمل على سفك دماء المعارضين والعارفين بخبايا الفتح القومجي العروبي العرقي الهمجي الضارب لعرض حائط الإنسانية، بركوبه واستغلاله الدين الإسلامي الوصي الأول على إرث الإنسانية، والقاضي الأوحد المنصف لروح الإنسانية الطاهرة. وإذا كانت الورقة السياسية والعسكرية والإقتصادية ، هي التي حركت الهمج الأمريكان لضرب أمة اليابان بالقنابل النووية، وقد يشهد عالم اليوم أنهم نجحوا في ذلك إلى حد كبير بتجلي ذلك في السيطرة الأحادية على العالم سياسيا وعسكريا واقتصاديا، فإننا نتسائل بصارح العبارة ونقول: ما هي الورقة التي كسبها العربان من خلال إلقائهم للقنبلة البشرية العرقية على كامل جغرافية بلاد الأمازيغ “تامزغا”؟ هل هي ورقة التخلف الثلاثي الذي ترزح تحته كل الأمم التي انشطرت فيها القنبلة وبما فيها العربية القحة؟ هل هي ورقة حكم مناطق غير عربية من قبل العرب، ذلك الحكم الذي لطالما وصف بالدكتاتوري وما يزال كذلك إلى يومنا هذا؟ وهل هي ورقة إنتصار أحفاد علي كرم الله وجهه بإنشاء وطن لهم ضد أعدائهم المعاويين والأمويين الذين مازالوا يحظرون تسمية أبنائهم باسم “علي” إلى يومنا هذا، وهم من أمروا أيام حكمهم بقتل كل طفل يحمل إسم “علي”، حتى أن بعضهم غير اسم إبنه مخافة قتله ؟ أم هي ورقة التبعية للدول الإستعمارية التي خربت ثروات المنطقة بكل ألوانها وما تزال؟ أم هي ورقة اللاتصنيع ولا تطوير ولا بحث ولا علم ولا تكنولوجيا، بل وفقط التلقائية والتقليد والسير وراء ذيل العالم؟. فكما يشهد عالم اليوم سيطرة الأمريكان على العالم بتلك التجربتين النوويتين فوق رؤوس الأرواح البريئة من أمة اليابان، يشهد كذلك على مساهمة أمريكا في إخراج الشعب الياباني من براثين التخلف والمجاعة والإضطهاد الإمبراطوري الهمجي، إلى مصافي التبلور النجومي الثقافي والصناعي والتكنولوجي والحكم الديمقراطي، بل بجعل أمة اليابان مثال يحتذى وأمة محل حسد . وإذا شئنا العودة للسؤال عن مساهمة العربان في بلاد الأمازيغ فستكون القائمة طويلة لكونها تسير عكس عقارب الساعة ، وإذا كان اليابانيون يعيشون الذكرى بالتزامهم الصمت لخمس دقائق ترحما على أرواح شهداء النووي، فإن الأمازيغ عليهم إلتزام الصمت لتسعين دقيقة، وذلك بضرب خمس دقائق اليابان في ثمانية عشر مرة ترحما على أرواح شهداء العربوي، ضحايا النزعة العروبية المقولبة داخل قالب الفتح الإسلامي ببلاد تامزغا المقدسة بحكم قداسة الوادي والجبل في رحلة النبي موسى عليه السلام .