إدارة الجمارك أوقفت رواتبهم منذ 18 شهرا.. محنة 30 جمركيا... قبل أزيد من 18 شهرا انطلقت محنتهم التي مازالوا لم يجدوا لها فرجا، رغم «حكم بالبراءة» استصدروه من محكمة الاستئناف.. ليظلوا موقوفين عن العمل بدون رواتب شهرية أوقفتها إدارتهم، وبدون مكافآت كانوا يتوصلون بها، ليعيشوا منذ قرابة سنتين أحوالا سمتها الأساسية الفاقة والعوز والفقر. إنهم عناصر الجمارك الذين كانوا يعملون بميناء بني نصار بالناظور، والمعبر الحدودي باب مليلية، الذين لم تسعفهم أحكام البراءة التي قضت بها محكمة الاستئناف بالناظور في أن ينالوا من جديد رواتبهم الشهرية التي أوقفتها الإدارة العامة للجمارك، بمجرد توقيفهم عن العمل منذ 18 شهرا، لتبادر إدارتهم إلى توقيف رواتبهم ومكافآتهم حتى قبل أن يدينهم القضاء بما نسب إليهم. انطلقت محنة جمركيي الناظور مع التعليمات الملكية التي صدرت صيف 2012 القاضية بالتحقيق في الشكايات الموجهة ضد بعض المسؤولين من قطاع الأمن والجمارك بالمعابر الحدودية بالشمال. تعليمات ملكية قضت بالتحقيق والتحري في الشكايات، وإحالة أصحابها على القضاء.. لكن إدارة الجمارك اختارت أن تسبق الأحداث لتعمد إلى توقيف العشرات من عناصرها في معابر حدودية شتى.. وهكذا قررت الإدارة العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة إصدار قراراتها بلائحة تضم العشرات من الجمركيين، تقضي بتوقيفهم عن العمل، قبل أن يحالوا على القضاء. لكن السؤال الذي يطرحه الجمركيون الموقوفون هو: كيف توصلت الإدارة إلى هذه اللائحة التي شملت أسماءهم، ولم تشمل أسماء غيرهم.. وما هي الوثائق التي استندت عليها لكي تصدر أمرا بتوقيفهم دون غيرهم من الجمركيين، وتقطع أرزاقهم، دون «أي ذنب اقترفوه» كما صرح بعض الموقوفين لجريدة «الأحداث المغربية». إنهم جمركيو الناظور الموقوفون البالغ عددهم 30 فردا، قاسمهم المشترك أنهم ينتمون إلى مديرية الجمارك والضرائب غير المباشرة، وتعرضهم للعطالة والتشرد جراء التوقيف الذي صدر ضدهم «جملة وتفصيلا» حتى قبل أن يثبت في حقهم أي «إخلال أو تحرش بالجالية المغربية المقيمة بالخارج». أما اختلافهم فيعزا فقط إلى الرتب التي يحملونها.. فبينهم الآمر بالصرف ومنهم المفتشون، وضمنهم الأعوان الجمركيون... كانوا يعملون بميناء بني نصار والمعبر الحدودي باب مليلية، وتم توقيفهم بناء على ما سمي حينئذ «تحرشات بالمهاجرين المغاربة المقيمين بالخارج». ليظل تاريخ العاشر من شهر غشت 2012، راسخا في أذهانهم بحكم أنه «اليوم الذي صعقوا فيه بالتوقيف عن العمل في جو رمضاني»، بعد أن كان بعضهم منهمكا في عمله، إلى أن نزل عليه قرار التوقيف ك «الصاعقة»، بعدما تم وضع 20 فردا منهم رهن الاعتقال، بأمر من قاضي التحقيق. إلا أن النيابة العامة التي استأنفت قرار الاعتقال، أتاحت لأغلبهم التمتع بالحرية، ليتابعوا في حالة سراح مؤقت. ثمانية عشر فردا أطلق سراحهم، وبقي اثنان رهن الاعتقال، وبعد جلسات المحاكمة، ارتأت المحكمة تبرأتهم، وإدانة واحد بستة أشهر نافذة قضاها خلف القضبان وآخر قضى أربعة أشهر، في أحكام قضائية تراوحت بين الموقوف التنفيذ والحبس النافذ. وبعد استئناف دفاع الجمركيين للأحكام الصادرة في حقهم، قضت محكمة الاستئناف بالناظور بتبرئة الجميع، حتى من قضى شهورا خلف القضبان. وكانت المحكمة استندت في قرارها على مجموعة من المعطيات منها: عدم وجود معطى مادي لما نسب إليهم، وعدم وجود حالة التلبس، وغياب أي مشتك من الذين كان يفترض أنهم من أفراد الحالية المغربية المقيمة بالخارج. وكانت الشرطة القضائية خلال أبحاثها استندت في التحريات على إفادة مجموعة من ممتهني التهريب والحمالة وشرطي كان موقوفا عن العمل، وهو الأمر الذي اعتبره الجمركيون الموقوفون تنطبق عليه مقولة «الخصم/الحكم»، لأن واقع الحال بهذه المعابر الحدودية يثبت أن «المهربين لم يكونوا أبدا ينظرون بعين الرضى لعمل هذه العينة من الموظفين»، فكيف يتم الاستناد إلى إفاداتهم التي أتاحت لهم الفرصة ل «تصفية حسابهم» مع من كانوا يعتبرون أنهم «الحاجز» الذي يمنعهم من ممارسة نشاطهم التهريبي ب «حرية»!!! ومؤخرا حلوا مدعمين بأحكام قضائية صدرت عن محكمة الاستئناف، ليزور حوالي 24 جمركيا من الموقوفين بمدينة الناظور الإدارة العامة للجمارك والضرائب غير المباشرة بالرباط، محملين بملفاتهم الإدارية، لعلهم يجدون حلا لمحنة يتجرعون مرارتها منذ شهور... وعند الزيارة وجدوا في استقبالهم مدير الموارد البشرية الذي استمع إلى حيثيات توقيفهم، متسائلين عن أسباب استهدافهم بعينهم دون بقية العاملين من زملائهم.. ليخبرهم المسؤول أن الإدارة «ستبذل مجهوداتها لتسوية وضعياتهم»، ليعدهم «خيرا»، دون أن يحدد أفقا زمنيا لصرف رواتبهم الموقوفة، رغم أن المحكمة قضت ببراءتهم جميعا، وقضت برجوعهم إلى مقرات عملهم.. فقل قدر عليهم أن يعيشوا الفاقة والعوز حتى إشعار آخر..؟؟