عادت السلطات الاسبانية لتعبر عن تعنتها الشديد إزاء محاولات المغرب المتكررة لإثارة قضية مدينتي سبتة ومليلية، كان آخر ذلك رفض الجوازات البيومترية التي يدلي بها عدد من المواطنين المغاربة المزدادين بمليلية أثناء تقدمهم لدى المصالح الإدارية بالمدينة. وتحتج السلطات الاسبانية في رفضها لعدد من الملفات الإدارية التي تخص هؤلاء المغاربة بكون جواز سفرهم يتضمن بيانات غير متطابقة بين مليلية كمكان للازدياد، والمغرب كبلد للازدياد، ما يجعل من مليلية وفق هذه البيانات جزءا من التراب المغربي، والى جانب ذلك وبحسب الوثائق التي تتوفر “الصباح” على نسخ منها، فقد تضمنت الجوازات البيومترية محل الجدل تداخلا واضحا بين اسمي مدينتي مليلية والناظور، وفي نفس الوقت سجلت عناوين الإقامة بمليلية والى جانبها الرمز البريدي للناظور. وفي هذا الصدد، ذكرت مصادر مطلعة ل”الصباح”، أن المصالح الإدارية الاسبانية تلقت أوامر بعدم قبول الملفات التي ترفق بوثيقة جواز السفر البيومتري، إلى حين تقدم المعنيين بالأمر بحكم ازديادهم بمليلية بجوازات جديدة تقر في مضمون بياناتها بانتماء المدينة للتراب الاسباني، الأمر الذي ترتب عنه في الوقت الراهن ضياع حقوق ومصالح كثيرة بسبب تعطيل مسطرة معالجة تلك الملفات. وأوضحت المصادر ذاتها، أن حيثيات هذا الإشكال تعود إلى إضافة “بلد الازدياد” ضمن بيانات الجواز البيومتري الجديد، ما وضع عمليا وضعية المغاربة غير المجنسين المزدادين بمليلية ( على غرار سبتة) في مأزق حقيقي، كما أن تداعيات هذه القضية تسير بشكل تدريجي نحو التصعيد، ما يعيد إلى الأذهان الجدل الذي أثير قبل شهرين حول وصف مليلية بالمحتلة في إعلانات علقتها إدارة الجمارك المغربية في معبر بني انصار، وهو جدل لم ينته إلا بسحب تلك الإعلانات من قبل السلطات المغربية استجابة للضغوط الاسبانية. وتعقيبا على سؤال ل”الصباح”، حول الإجراءات الممكن اتخاذها لحل هذه القضية، قال مصدر مسؤول أن موقف السلطات الاسبانية دفع عددا من المزدادين بمليلية، أو أولياء أمور القاصرين المولودين بالمدينة ذاتها إلى التوجه نحو مقاطعة فرخانة التابعة لباشوية بني انصار، وهي الجهة التي تتلقى حصريا طلبات الحصول على جوازات السفر بالنسبة لمغاربة مليلية، مشيرا في الوقت نفسه، أن مسؤولي السلطة المحلية بالمنطقة بعد إخبارهم لعمالة الناظور بهذا الطارئ لم يتلقوا أي صيغة مقنعة للرد على استفسارات المعنيين بالأمر الذين يفدون بشكل يومي لتقديم شكاويهم بخصوص تعطل حقوقهم ومصالحهم بمليلية بسبب رفض السلطات الاسبانية للبيانات المتضمنة في جوازاتهم البيومترية. ووفق إفادة المسؤول ذاته، فقد اكتشفت الجهة المعنية بمجرد الشروع في تلقي طلبات الحصول على الجوازات البيومترية الخاصة بمغاربة مليلية غير المجنسين، أنها تواجه إشكالية تحمل أبعادا سياسية وقانونية، معترفا بصعوبة هذا الموقف الذي كان يقتضي من السلطات المركزية الانتباه إليه مسبقا، لتحديد صيغة ملائمة تحفظ حقوق ومصالح مغاربة المدينتين السليبتين. وفي الوقت الذي لم يصدر لحد الآن أي تعليق أو احتجاج رسمي على هذه الجوازات، سارع السفير الاسباني بالرباط إلى الاتصال بوزارة الخارجية المغربية لإبلاغها احتجاج بلاده على مراسلة ديبلوماسية بعث بها المغرب إلى السفارة الاسبانية قبل بضعة أسابيع، لاستعماله عبارة “ثغر” من أجل الحديث عن مدينة سبتة. وتقود اسبانيا حملة إعلامية وسياسية للتأكيد على سيادتها على مدينتي سبتة ومليلية، وذلك بعد دعوة المغرب إلى بدء حوار بين الدولتين حول هذا الموضوع، على خلفية التصريح الحكومي الذي تقدم به الوزير الأول عباس الفاسي أمام غرفتي البرلمان، يوم الاثنين 17 ماي الماضي. ولقي تصريح الوزير الأول المعبر عن تشبث المغرب باسترجاع المدينتين المحتلتين والجزر الأخرى، تنديدا قويا من المسؤولين الاسبان قائلين أن “السيادة والطابع الإسباني لسبتة ومليلية ليسا مطروحين للنقاش في أي شكل من الأشكال”، وأن المغرب الذي “نقيم معه علاقة جيدة، يعرف هذا الموقف”، ما يعني بالمقابل رفض فتح أي حوار حول وضعية المدينة وبقية الجزر المغربية المحتلة.