ما هي إلا أشهر معدودات عن دخول عام 2013 الذي سيكون عام السرعة في الإتصال وبعد أن كان العالم قرية صغيرة فإنه سوف يتحول إلى بيت صغير مع ما تشهده وسائل وتقنيات الإتصال من تطور وسرعة وفعالية، حيث إن العديد من الدول اقتحمت عالم تقنية 4G والمغرب مازال حتى اليوم لم يعمم تقنية 3G بل حتى (ADSL) ما زالت تغطيتها لم تشمل كل مناطق المملكة. إن العزلة التي يعاني منها العالم القروي وخاصة القرى والبوادي الجبلية النائية، لم تعد فقط عزلة الطرق أو المرافق الصحية أو المدارس أو الإسعاف وغيرها، فاليوم تعتبر العزلة الجديدة هي عزلة الإتصالات والانترنت، فالمنطقة التي لا تتوفر على خدمة الانترنت (ADSL+3G) هي منطقة معزولة عن خارطة الاتصالات بالعالم، محروم سكانها من التوصل بالأخبار والمعلومات وتبادلها، محرومون من وضع لمستهم ولبنتهم في العالم الرحب و اللامحدود للشبكة العنكبوتية الانترنت، محرومون من هذه الخدمة والتي هي نعمة تحولت الى ضرورة هذا الزمان، محرومون لسبب واحد هو أنهم مواطنون يسكنون مناطق قروية جبلية، في نظر شركات الإتصالات لا يستحقون حتى تكاليف أجهزة الربط بهذه الخدمة. بالجماعة القروية بني بوفراح دائرة بني بوفراح، مازال سكانها في عزلة عن الانترنت عالية السرعة، بل حتى متوسطة السرعة لا توجد. بني بوفراح التي لا تبعد عن مدينة الحسيمة سوى بأقل من خمسين كلم بجبال الريف، وتمتد على مساحة 144 كلم مربع عدد سكانها حوالي 10.298 نسمة حسب الإحصاء الرسمي لسنة 2004، لم تصلها حتى اليوم خدمة الانترنت (ADSL+3G) وبالتالي يحرم سكانها من خدمات كثيرة موازية، فمثلا المواطنون يقطعون عشرات الكلومترات حتى بلدية تارجيست من أجل أداء فواتير الكهرباء، وعندما يطلب من المكتب الوطني للكهرباء فتح مكتب له بمركز جماعة بني بوفراح للتقريب من الزبناء، يتحجج هذا الأخير بأن المركز غير مزود بخدمة الانترنت (ADSL+3G) التي يحتاجها المكتب للعمل. السكان يقطعون عشرات الكيلومترات من أجل إجراءاتهم البنكية والمصرفية وتسليم الحوالات، حيث يتوجهون الى مدينة الحسيمة، وعندما يطلب من بعض الأبناك فتح مقر وشباك لها بمركز جماعة بني بوفراح، تتحجج بدورها بذات الحجة أي غياب خدمة الانترنت (ADSL+3G)، حتى شباب المنطقة يضطرون لقطع ذات المسافة بحثا عن مقهى انترنت التي لا توجد بمركز جماعة بني بوفراح رغم أن من يرغبون في فتحها هم كثر، وقد أكد عدد منهم للشبكة أنهم راسلوا مرارا وتكرارا شركة اتصالات المغرب مطالبين بتزويد المركز بخدمة الانترنت (ADSL+3G) دون جدوى، والتي هي ضرورية لتشجيع السكان على عدم الهجرة، كما تساهم في رواج تجاري بالمركز من خلال توفير عدد من المرافق والخدمات التي تعتمد على الانترنت، كما أن مقر الجماعة يجب أن يربط بها بالإضافة لمقر القيادة ومقر الدرك الملكي وكل المرافق العمومية وذات المنفعة العامة لأن ذلك سيمكنها من سرعة التواصل فيما بينها ومع المواطنين، وبالتالي فك العزلة التامة عن هذه المنطقة الجبلية، استجابة للتوجيهات الملكية التي ما فتئت تحث الدولة وكل الجهات على العناية بالعالم القروي والمناطق الجبلية بالمملكة. شركة اتصالات المغرب التي تحتكر في المغرب تقنية ADSL، تنظر بعين التمييز و الفرزيات إلى تزويد المناطق الجبلية بإقليم الحسيمة، فالغريب أن جل المراكز القروية المحيطة ببني بوفراح مزودة وقامت الشركة بربطها بهذه التقنية، إلا بني بوفراح فلا (ADSL)، ولا حتى 3G ، وهو ما يطرح أكثر من علامة إستغراب حول السبب في إستثناء بني بوفراح منها ؟ شركة إنوي وشركة ميديتيل كلاهما شرعا مؤخرا بعد وصول هوائياتهما إلى بني بوفراح في محاولة تغطية المنطقة لكنهما يركزان فقط على الهاتف المحمول دون توفير خدمة الانترنت 3G ، شركة إنوي رغم أنها آخر الواصلين إلا أنها حققت إنتشارا واسعا وفعالية عكستها تغطيتها الواسعة ببني بوفراح، وقد قامت الشركة بتقوية وتحديث مركز بثها بجماعة بني بوفراح، والسكان ينتظرون بفارغ الصبر أن تقوم الشركة بتزويد هذا المركز بأجهزة 3G، ويمكن لهذه الشركة أن تكسب المزيد من الزبناء والشعبية في حالة توفيرها لهذه التقنية، وفي إنتظار أن يتم ربط جماعة بني بوفراح بخدمة الانترنت (ADSL+3G) يضطر المبحر على الشبكة العنكبوتية إلى إختبار صبره أمام البطء الشديد لصبيب GPRS الذي يكاد يصلح لفتح أول موقع إلكتروني تجبرك الشركة على مشاهدته بعد تشغيل الموديم، وإذا رغبت في مشاهدة فيديو على اليوتيوب فتلك مهمة أخرى فقد تذهب إلى أقرب مدينة وتعود قبل أن يكتمل تحميل مقطع لا يتعدى دقائق معدودة، أما للدردشة مع الأصدقاء والأحباء بمواقع التواصل الاجتماعي فلا تستغرب إن طال الرد على رسالتك فهي فقط في الطريق وتخضع لسياسة العزلة والمحدودية التي تفرضها هذه الشركات على زبنائها من مواطني العالم القروي والمناطق الجبلية. لقد بات لدى ساكنة بني بوفراح إنطباع غريب مفاده أن حرمانهم من هذه الخدمات أمر متعمد في نظرهم، لدرجة أنهم يخلقون مستملحات وقصص تبرر هذا الحرمان، حيث يعتقد البعض أن لوجود عدد من المدارس العتيقة والعلمية والدينية بالمنطقة دور في رغبة جهات ما في حرمان طلبتها وفقهائها وعلمائها من التواصل بالانترنت السريعة مع باقي العالم، إعتقاد قد يكون خاطئا ولكنه من بين الكثير مما يروج بين الناس وكلها لها علاقة بتاريخ المنطقة وأمجادها حين اتخذ القرار المشؤوم بعزل المنطقة عن العالم بسبب رجالاتها وقبائلها التي دونت للمنطقة مجدا في التاريخ لن تمحوه أبدا سياسة العزلة التي ثبت أنها مازالت تنتهج حتى يومنا هذا. وهنا يمكن طرح التساؤل التالي: هل من الصدفة أن يكون مركز جماعة بني بوفراح الوحيد من بين المراكز القروية الهامة باقليم الحسيمة الذي لم يزود بخدمة الانترنت (ADSL+3G) ؟